توصل وزراء الخارجية العرب إلى قرار بسحب السفراء العرب من دمشق، كما اتفق الوزراء على توقيع عقوبات اقتصادية وسياسية على الحكومة السورية.
 

تسود الساحة العربية محطات عديدة لن يكون لبنان بمنأى عن تداعياتها، وستؤثر الرياح الساخنة التي تهب من سوريا مروراً بالعراق وصولاً الى اليمن، حكومته المُحتجزة.

ولعل تطورات الملف السوري تحديداً سيكون لها النصيب الاكبر لبنانياً، لا سيما من بوّابة القمة العربية التنموية التي ستُعقد في 19 و 20 الجاري في بيروت، حيث دخلت دعوة سوريا إلى القمة السجال السياسي وفرزت المواقف بين مؤيّد حلفاء النظام على رأسهم الرئيس نبيه بري وهو نصح امس بتأجيلها اذا غابت سوريا عنها، ورافض لمشاركتها قوى 14 آذار سابقاً التزاماً بقرار الجامعة العربية.

وامام هذه العوامل والمحطات السورية، تستبعد الاوساط السياسية المراقبة ولادة الحكومة قبل جلاء المشهد السياسي والعسكري، لذلك لن يُقدم حلفاء النظام على تقديم تنازلات في الحكومة قبل ان تتبلور صورة الحل في سوريا وتنضج معالم المرحلة والتسوية التي تعمل من اجلها روسيا.

كذلك تزداد التباينات بين قوى الثامن من آذار ورئيس الجمهورية، ولم تعد هذه التباينات مقتصرة على الخلاف حول الحصص الحكومية وكيفية حلّ عقدة الثامن من آذار، لا بل إنها تتمدد بصمت، على صعيد العلاقة مع سوريا، أرسل النظام السوري رسائل متعددة إلى لبنان لا تخفي العتب حول عدم قيام الرئيس ميشال عون بزيارة سوريا منذ انتخابه، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الوزير جبران باسيل.

إقرأ أيضًا: التأليف في غيبوبة

هذه الرسائل ترجمت بضغوط متعددة حكومياً، وحول القمة الاقتصادية،لقد بات انعقاد الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت أمراً شبه مؤكد، مع تولي عدد من وزراء حكومة تصريف الأعمال توجيه الدعوات إلى الملوك والرؤساء العرب، من جهة، وتثبيت رئيس الجمهورية ميشال عون موعد الانعقاد وتاريخه في بيروت، من جهة أخرى، ما يحسم النقاش الدائر حول إمكانية تأجيلها، أو تطييرها، سيما وأن تغريدة وزير الخارجية جبران باسيل كانت واضحة لناحية رفع المسؤولية عن كاهل لبنان في عدم دعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى القمة، بمقررات جامعة الدول العربية، بعيداً عن رأي تياره السياسي ورأيه كوزير للخارجية.

ويعني ذلك تأكيد لبناني على الالتزام بالقرار الذي اتخذ في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية الذي عقد في القاهرة بتاريخ 11/ 11/ 2011 وأكد تعليق مشاركة وفد حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتباراً من 16 تشرين الثاني الجاري إلى حين قيامها بالتنفيذ الكامل لتعهداتها التي وافقت عليها بموجب خطة العمل العربية لحل الأزمة السورية.

وطالب قرار الدول العربية بسحب سفرائها من دمشق، لكنه اعتبر ذلك قراراً سياديا لكل دولة، كما اتفق الوزراء على توقيع عقوبات اقتصادية وسياسية على الحكومة السورية.

إقرأ أيضًا: انتظار وترقب لأجواء المرحلة المقبلة إقليمياً ودولياً

وفي هذا السياق كشفت مصادر دبلوماسية في جامعة الدول العربية أن تحديد المدعوين إلى اجتماعات وقمم جامعة الدول العربية تخضع لمقررات الجامعة التي تتولى الأمانة العامة تنفيذها، فيما تتولى الدولة المضيفة توجيه الدعوة إلى المدعوين لموجبات أصول كرم الضيافة وضمان حسن سير الترتيبات البروتوكولية.

وأوضحت المصادر التي فضّلت عدم الكشف عن اسمها، أن الدعوة لن توجه إلى النظام السوري لحضور القمة الاقتصادية في لبنان، ولا إلى غيرها من الاجتماعات قبل مناقشة الأمر في اجتماع خاص لوزراء الخارجية العرب، وبحث الملف السوري كاملاً والاتفاق على رفع العقوبات السياسية والاقتصادية عن النظام السوري، وإلغاء القرار الذي قضى بتعليق مشاركة دمشق في أعمال جامعة الدول العربية وجميع منظماتها وأجهزتها.

وقالت المصادر إن موضوع عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية غير مطروح حالياً، برز الموقف المتشدد لمختلف مكونات قوى الثامن من آذار حول وجوب دعوة سوريا إلى القمة العربية، وكان أول من أطلق موقف لا قمة اقتصادية بدون دعوة سوريا إليها هو النائب عبد الرحيم مراد، وهذا يؤكد مدى الترابط بين ملف الحكومة وملف إعادة العلاقات مع سوريا أو إعادتها إلى الجامعة العربية.

ولم يكن موقف الرئيس نبيه بري برفضه حضور أي اجتماع لا تدعى إليه سوريا، ووصوله إلى مستوى المطالبة بإرجاء القمة الاقتصادية في بيروت نظراً لعدم وجود حكومة، لهو دليل بارز أيضاً على الترابط بين هذه الملفات. لكن بلا شك، إن موقف برّي المدوّي، يعتبره البعض موجهاً أو يستهدف رئيس الجمهورية وصلاحياته، خاصة أن بعبدا تعتبر القمة مسألة أساسية لإطلاق مسيرة العهد، وتأجيلها أو نقلها من بيروت، ستمثّل ضربة كبيرة لعهد الرئيس عون، وهذا ما لا يمكن لبعبدا أن ترتضيه، ولذلك كان هناك امتعاض صامت من هذا الموقف.