نقابة من يداوون الناس باتت تحتاج اليوم إلى طبيب يعالج مشاكلها
 

لطالما كانت الأنظار تتجه نحو "نقابة الأطباء" في لبنان، لا سيما عندما يتعلّق الأمر بالقضايا النقابية ومعاناة الأطباء وهمومهم، لكن ما يحصل اليوم من تجاوزات وما يجري الحديث عنه في الخفايا، بات ظاهرًا ومستنكرًا من قبل مجموعة كبيرة من الأطباء في مختلف المناطق اللبنانية ومن مختلف الميول السياسية.

وفي السياق، أعلن عدد من أعضاء مجلس النقابة المعترضون على أداء نقابتهم، صباح أمس الثلاثاء في بيانهم، "أن هناك فريقًا في النقابة يدأب على تغطية الفساد ويضلل الرأي العام وخصوصًا الأطباء"، مطالبين "بتحسين المعاش التقاعدي للطبيب والإستفادة من الضمان الإجتماعي بعد التقاعد، وبوقف ما يسمّونه الفساد والهدر في النقابة".

بدورها، أكّدت مصادر في النقابة نقلًا عن صحيفة "الأخبار" أن "نسخًا مزوّرة من دفاتر الوصفات الطبية تُباع داخل النقابة"، وأوضحت "أنّ عددًا من الأطباء لاحظوا أخيرًا وجود نوعين من الدفاتر التي يجري شراؤها من النقابة: الأول يحمل المواصفات المُصدَّق عليها من وزارة الصحة ونقابة الأطباء، والطابع المالي المصدَّق عليه من وزارة المالية، والثاني مطبوع بنوعية أقلّ".

علمًا، أن قانون الوصفة الطبية الموحَّدة ينصّ على "أنّ نقابة الأطباء هي الجهة المسؤولة عن إصدار دفاتر الوصفة، ويستطيع شراء الوصفة كل من يدفع ثمنها من نقابة الأطباء أو فروعها أو اللجان الطبية في المُستشفيات"، والهدف من حصر أماكن البيع يكمُن في أن الجهة العاملة في هذه المراكز يفترض أن تكون متيقظة للجهة التي تبيع لها الدفاتر.

إقرأ أيضًا: طوني خليفة وزيرًا للصحة!!!!!

والجدير ذكره هنا، أن "دفتر الوصفات الطبية يتضمّن 25 ورقة، ويُباع داخل النقابة بـ 15 ألف ليرة لبنانية"، والمعروف أيضًا أن "قانون الوصفة الطبية نصّ على استفادة الطبيب من الوصفة من خلال استخدام الأموال الناجمة من سعرها في دعم صندوق التقاعد للأطباء".

وعن أسباب هذه الخضة التي تتعرض لها نقابة الأطباء في لبنان، قالت مصادر مُطلعة لموقع "لبنان الجديد": "إن الخلافات التي حصلت بين أعضاء مجلس النقابة المنتخب من قبل الأحزاب السياسة المذهبية في لبنان بالتواطؤ مع المدعومين من قبل المستشفيات على خلفية تقسيم الحصص هي من كشفت موضوع الفساد والتزوير والهدر الذي بدأ منذ عم العام 1995 أي من وقت استلام "غ . خ".

وأضافت المصادر، "إن ملف إنشاء بيت الطبيب هو سبب من الأسباب التي شغلت الحياة الطبية، القضائية والسياسية في لبنان، وذلك بعد كشف لجنة خبراء لمعرفة كلفة بيت الطبيب الحقيقية إثر الشك بالأرقام التي قدمها النقيب السابق الخوري والتي تخطّت 14 مليون دولار تضاف إليها الفوائد وسعر الأرض، ليتبين لاحقًا في تقرير اللجنة أن قيمة الهدر تزيد عن الأربعة ملايين دولار".

من جهة أخرى، تقول المصادر نفسها "إن مستوى دخل الأطباء في مدينة بيروت يتعدى المليون دولار سنويًا، وهو رقم مرتفع مقارنةً مع أطباء الأرياف والمناطق البعيدة الذين يقدمون الخدمة الحقيقية للبنان عمومًا والشعب اللبناني خصوصًا، وذلك مُقابل بدل لا يتعدى الحد الأدنى من كلفة المعيشة".

وزادت المصادر، إن "المشكلة الأساسية للأطباء تكمُن في الضمان الإجتماعي الجائر، غير الملائم، وغير المحترم للطبيب مقارنةً بالمستوى الذي يأخذه أي أجير في لبنان، فالكلفة التي يدفعها الطبيب شهريًا تبلغ 99 ألف مقابل 35 ألف ليرة يدفعها أي شخص آخر فهؤلاء يأخذون تعويض من بعد إنتهاء عقد ضمان العمل على عكس الأطباء، وتضيف "إن الطبيب عند انتهاء عمله في سن الـ 64 يتوقف الضمان لديه مع أخذ فروقات كبيرة منه هذا ويضاف إلى ذلك وضعنا درجة تانية علمًا أن الطبيب هو المسؤول عن معالجة الشعب اللبناني ومن المفترض أن يكون في المكان اللائق".

وفي السياق نفسه، تضيف المصادر أنه "بسبب قانون الضمان الذي أقرّ عام 2001، والذي رفضه أكثر من 3 أوّ 4 ألاف طبيب، مارس الضمان بعد إقرار هذا القانون الملزم بغير موافقة الأطباء عمليّات تعسّفيّة من خلال إرسال للأطبّاء إنذارات قضائيّة متتاليّة وترهيبهم لإرضاخهم على القبول بهذا القانون المجحف حتى تدنّى عدد الأطباء الرافضين إلى ألفين، وطلب الضمان من الأطباء بدفع المستحقات المتأخّرة على كلّ طبيب المتوجب الشهري منذ 2001 حتى اليوم رغم أنّ الأطبّاء لم يستفيدوا من هذا الضمان".

إقرأ أيضًا: عندما يسرق الأب «خبزًا» ليطعم أطفاله!

وذكرت المصادر، إن جميع نقابات لبنان تتقاضى أجر تقاعدي ليس أقل من 1500$، إنما الطبيب لا يتعدى أجره الـ 600 ألف ليرة وذلك نظرًا إفراغ الصندوق النقابي، بينما عندما نتحدث عن الفئة الثانية والثالثة أي تعاونية موظفي الدولة والمؤسسات الأمنية فيتقاضون أقله 2000$ بينما باقي القطاعات 3 أو 4 ملايين.. وأكثر".

وقد حملت هذه المصادر سبب الفساد إلى الطبقة السياسية التي جعلت من الوضع في لبنان متردي، وخاصةً أزمة نقابة الأطباء المختزلة والمصادرة من قبل الأحزاب السياسية المذهبية من جهة، ومصادرة من قبل المستشفيات من جهة أخرى، علمًا أن عمل النقابة يجب أن يكون بعيد عن الإنقسامات المذهبية والسياسية لتقوم بدورها الأساسي وهو رفع مستوى الطبيب، والمشاركة برسم السياسة الصحية مع وزارة الصحة".

وعن الحلول المطروحة لتفادي هذه الأزمة تقول المصادر، أولًا: "يجب أن يكون هناك انماء صحي متوازن"، ثانيًا: "توزيع الثروة للأطباء أي عدم وجود فروقات كبيرة بين طبيب المدينة والأرياف"، ثالثًا: "المساعدة على رفع المستوى العلمي للأطباء في كل لبنان وعدم وضعها حكرًا على أطباء بيروت نظرًا لسياسة السيئة التي تقو بتهميش أطباء الريف عند قصد أو غير قصد وذلك من الأحزاب المذهبية والمستشفيات التي تتقاطع مصالح بينها".

وختمت المصادر إن الغاية من تحركات الأطباء وإعتصامتهم هو "فرز مجلس نقابة جديد، نقيب جديد، وأداء مختلف، إضافة إلى اختيار أعضاء وممثلين يقومون بعمل نقابي بحت بعيدًا عن الأحزاب المذهبية في لبنان وتسلطه على مجلس النقابة وبعيد عن تدخلات المستشفيات وأصحاب النفوذ".