لم تقتصر ملاحقة الإرهاب والإرهابيين على العمليات العسكرية للجيش الليبي، فقد أصبح للقضاء نصيب، ولعل قرار النائب العام الليبي القبض على مجموعة الإرهابيين يؤكد عزم السلطات الليبية على ملاحقة الجناة والإرهابيين سواء الليبيين منهم أو مَن تسللوا إلى أراضيها، أو استقبلتهم مطاراتها، أو حتى حملوا جوازاتها بمساعدة مَن كانوا نافذين في سلطة ما بعد فبراير (شباط) 2011 دون أن يكونوا من جنسيتها، حيث كان بعض قيادات «السلطة» راعية بل وداعمة للإرهاب والإرهابيين، بل وتجاهر به.

قرار النائب العام، كان خطوة مهمة وإيجابية على طريق تطهير ليبيا من رعاة الإرهاب والإرهابيين، ولتحقيق سيادة القانون، فقد أكد رئيس قسم التحقيقات لمكتب النائب العام، أن أوامر القبض ضد «بلحاج» وغيره جاءت لارتباطهم مع عناصر من المعارضة السودانية والتشادية، بناءً على تهم تتعلق بأمن الدولة.

وبهذا القرار ستدخل ليبيا مرحلة جديدة من استعادة الدولة من حالة الفوضى واللا قانون التي كانت سائدة، خصوصاً أن القرار صدر من مكتب النائب العام، من وسط العاصمة طرابلس، حيث كان بلحاج والزاوي وغيرهم من المطلوبين، لا يستطيع أي مسؤول حتى رفع رأسه في حضورهم، وهم مدججون بالسلاح ومحصنون بعناصر الإرهاب والقتل، حيث كانوا دولة فوق الدولة.

النائب العام أمر بالقبض على المطلوب دولياً (الرباعية العربية) في قضايا إرهاب، عبد الحكيم بلحاج، الذي يقيم حالياً بين قطر وتركيا، ويعتبر رجل قطر في ليبيا، والتي سوقت له جزيرة قطر منذ اليوم الأول، لفبراير 2011، كزعيم افتراضي لـ«ثوار» طرابلس، وهو ظهر برفقة النقيب القطري حمد عبد الله فطيس المري.

بلحاج أمير الجماعة الليبية المقاتلة، فرع «القاعدة» الليبي، والذي أفرجت عنه السلطات الليبية بواسطة القذافي الابن فيما عُرف بمشروع ليبيا الغد، بوساطة من المطلوبَين دولياً علي الصلابي والقرضاوي، اللذين ما انفكّا يدخلان ويغادران خيمة القذافي الأب، حتى تمكّنا من مخادعته، بالقراءات والمراجعات الفقهية لفكر الجماعة، والتي انتهت بجمعها في كتاب وقّع عليه كل هؤلاء المطلوبين، ضمن صفقة اتضح أنها مجرد تقيّة سياسية، للإفراج عن أعضاء الجماعة من سجون الدولة الليبية، وسرعان ما حملوا السلاح جميعاً ضد الدولة وإسقاطها وليس فقط النظام.

منذ فبراير 2011، وبعد إسقاط الناتو للدولة الليبية وتمكين بل وتوطين الإسلام السياسي والقادمين من كهوف تورا بورا من السلطة لدرجة أن شقيق أبو يحيى الليبي القيادي في تنظيم القاعدة والعضو في الجماعة الليبية المقاتلة والسجين السابق، أصبح نائباً في برلمان سلطة الإسلام السياسي في ليبيا، مارست جماعة الإسلام السياسي (الإخوان والمقاتلة فرع القاعدة) سياسة الاستبداد، أي القهر والتسلط والانفراد بالسلطة والتطرف في الشأن العام، واستخدمت السلطة لدرجة أنها مارست الاغتيال السياسي، من خلال شراء «وزارة دفاع» حكومة الإسلام السياسي، وعبر وكيل الوزارة «خالد الشريف» عضو الجماعة الليبية المقاتلة، والمقاتل السابق في جبال تورا بورا، مسدسات وبنادق كاتمة للصوت ولاصقات وعبوات متفجرة تُستخدم في الاغتيال في سابقة، وسكتت عن الجناة واللصوص، فتكتمت على الجناة والقتلة والإرهابيين حتى الأجانب منهم لدرجة أصبحت الاغتيالات في النهار وأمام الناس في شوارع بنغازي عام 2013، حيث تم اغتيال أكثر من 800 ضابط وجندي وناشط مدني، في ظل صمت بل وتغاضٍ وتجاهل من قبل سلطة الإسلام السياسي الحاكمة آنذاك، بل وفي وجود مفتٍ مكّنت له سلطة الإسلام السياسي البقاء في منصب محصَّن من الملاحقة القضائية بل وحتى العزل مدى الحياة بحكم القرار رقم 15 لسنة 2012، ولم يسعَ يوماً في مصالحة ولا حقن للدماء، بل كان كلما انطفأت نار الفتنة والحرب قام بإشعالها، وشرعنة القتل عبر فتاوي ضالة كانت سرعان ما تجد صداها بين مريديه، وكان ضحيتها الكثير من الأبرياء الليبيين، بل وحتى عابري السبيل.

هؤلاء من يلاحقهم اليوم النائب العام، فبداية القائمة كانت بالعدد (6) ولكنها لن تتوقف عند بلحاج والزاوي وإن كان الجضران ثالثهما، بل ستطال الكثيرين من أنصار ودعاة الإرهاب ممن أفسدوا النسل والزرع والحرث.