أعلن #كارلوس_غصن في بيان بالإنكليزية وزّع اليوم وتلاه أمام محكمة في طوكيو، في أول مثول له أمام القضاء منذ توقيفه المزلزل في تشرين الثاني، أنّه "اتُّهم خطأ واحتُجز ظلماً" وأنّ كل ما قام به "كان بموافقة مسؤولي" مجموعة نيسان.
 
وفي الآتي تنشر "النهار" النص الحرفي لدفاع غصن عن نفسه أمام المحكمة: 
 
حضرة القاضي،
 
أعرب عن امتناني لحصولي وأخيراً على فرصة التكلم في العلن. أتطلع إلى الشروع في عملية الدفاع عن نفسي في مواجهة الاتهامات التي نُسِبت إلي.
أولاً، أود أن أقول إنني أكنّ حباً وتقديراً صادقَين لشركة "نيسان". وأنا أؤمن بشدّة بأنه في جميع الجهود التي بذلتُها باسم الشركة، تصرّفت بنزاهة وبطريقة قانونية، وبعلمٍ وموافقة من المسؤولين التنفيذيين المعنيين داخل الشركة – وذلك لهدف أوحد هو دعم "نيسان" وتعزيزها، والمساعدة على استعادتها لمكانتها كواحدة من أفضل الشركات وأكثرها احتراماً في اليابان.
 
1. العقود الآجلة لشراء العملات الأجنبية
 
عندما انضممت إلى شركة "نيسان" وانتقلت إلى اليابان قبل نحو 20 عاماً، أردتُ أن يُدفَع راتبي بالدولار الأميركي، إنما قيل لي إن ذلك غير ممكن وحصلت على عقد توظيف ينص على تسديد راتبي بالين الياباني. لطالما ساورني القلق بشأن تقلبات الين بالنسبة إلى الدولار الأميركي. أنا شخصٌ يتعامل بالدولار الأميركي – فأولادي يعيشون في الولايات المتحدة ولدي روابط قوية مع لبنان حيث يُثبَّت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار. أردتُ أن يكون مدخولي قابلاً للتوقع كي أتمكّن من رعاية أسرتي.
 
بغية معالجة هذه المسألة، أبرمتُ عقوداً لشراء العملات الأجنبية طوال عملي في شركة "نيسان"، بدءاً من عام 2002. تنظر هذه الإجراءات القضائية في عقدَين من هذه العقود. الأول وُقِّع عام 2006، عندما كان سعر سهم "نيسان" نحو 1500 ين، وكان سعر صرف الين مقابل الدولار نحو 118. والثاني وُقِّع عام 2007، عندما كان سعر سهم "نيسان" نحو 1400 ين، وسعر صرف الين مقابل الدولار حوالى 114.
 
تسبّبت الأزمة المالية في 2008-2009 بانهيار سعر سهم "نيسان" إلى 400 ين في تشرين الأول 2008، و250 يناً في شباط 2009 (أي بانخفاض فاقت نسبته 80% عن أعلى سعر سجّله السهم)، وتراجع سعر صرف الين مقابل الدولار إلى أقل من 80. كانت عاصفة شديدة لم يتوقّعها أحد. جُمِّدت المنظومة المصرفية بكاملها، وطلب المصرف زيادة فورية في ضمانتي على العقود، والتي لم أتمكّن من استيفائها بنفسي.
 
 
 
 
 
وهكذا وجدتُ نفسي أمام خيارَين قاسيَين:
 
1. الاستقالة من شركة "نيسان"، كي أتمكّن من الحصول على معاشي التقاعدي لاستخدامه في تسديد الضمانة الضرورية. غير أن التزامي الأخلاقي تجاه "نيسان" منعني من التنحي في تلك المرحلة الحسّاسة؛ لا يقفز القبطان من السفينة في خضم العاصفة.
 
2. الطلب من "نيسان" تأمين الضمانة مؤقتاً طالما أنه لا تترتب عنها أي كلفة على كاهل الشركة، فيما كنت أعمل على تأمين الضمانة من مصادري الأخرى.
 
اخترت الخيار الثاني. ثم نُقِلت العقود الآجلة لشراء العملات الأجنبية إليّ من جديد من دون أن تتكبّد شركة "نيسان" أي خسائر.
 
2. خالد الجفالي
 
خالد الجفالي هو داعِم وشريك لشركة "نيسان" منذ وقت طويل. في مرحلة عصيبة جداً، ساعدت شركة خالد الجفالي "نيسان" على الحصول على التمويل، وعلى حل مشكلة معقّدة تتعلق بأحد الموزّعين المحليين – في الواقع، ساعدت شركة خالد الجفالي "نيسان" على إعادة هيكلة جهات التوزيع التي كانت تعاني من صعوبات في مختلف أنحاء منطقة الخليج، ما أتاح لشركة "نيسان" التنافس على نحوٍ أفضل مع الشركات المنافسة لها مثل "تويوتا" التي كانت تتفوق على "نيسان" في الأداء.
 
كذلك ساعد الجفالي "نيسان" على التفاوض على تطوير مصنع في السعودية، عبر تنظيم اجتماعات رفيعة المستوى مع مسؤولين سعوديين.
 
وقد حصلت شركة خالد الجفالي على المكافأة المناسبة – كُشِف عن المبلغ للمسؤولين المعنيين في "نيسان" ووافقوا عليه – مقابل هذه الخدمات الأساسية التي عادت بفائدة كبيرة على "نيسان".
 
 
3. المزاعم عن انتهاك قانون FIEL (قانون الأدوات المالية والعملات الأجنبية)
 
سعت أربع شركات كبرى إلى استقدامي للعمل لديها عندما كنت رئيساً تنفيذياً لشركة "نيسان"، ومنها شركة "فورد" (لبيل فورد) و"جنرال موتورز" (لستيف راتنر الذي كان قيصر السيارات في عهد الرئيس باراك أوباما). على الرغم من أن العروض التي قدّموها كانت مغرية جداً، لم أستطع أن أتخلى، بضميرٍ حي، عن "نيسان" التي كانت تمرّ بانعطافة أساسية. "نيسان" هي رمزٌ ياباني وأنا أهتم كثيراً لأمرها. على الرغم من أنني اخترت عدم القبول بالفرص الأخرى التي أتيحت لي، أخذتُ علماً بالمكافأة المعتمدة في السوق مقابل الدور الذي أقوم به، والتي عرضَتْها علي تلك الشركات في حال قبولي بالعمل لديها. هذا كان معياراً داخلياً احتفظت به للرجوع إليه مستقبلاً – لم يكن له أي أثر قانوني؛ ولم أتشاركه مع المديرين؛ ولم يمثّل قط أي نوع من التعهد الملزِم.
 
في الواقع، الاقتراحات المتعددة التي صدرت عن بعض أعضاء مجلس الإدارة لتقديم خدمات استشارية وغير تنافسية بعد التقاعد لم تعكس أو تؤشّر إلى حساباتي الداخلية، ما يُسلّط الضوء على طبيعتها الافتراضية غير الملزمة.
 
خلافاً للاتهامات التي وجّهها إلي ممثّلو الادعاء، لم أتلقَّ قط أي تعويض من شركة "نيسان" لم يُكشَف عنه، كما أنني لم أبرم أي عقد ملزِم مع نيسان لدفع مبلغ ثابت لي لم يُكشَف عنه.
 
علاوةً على ذلك، علمتُ أن مختلف مسودات المقترحات عن تعويض ما بعد التقاعد خضعت للمراجعة من محامين داخليين وخارجيين، ما يُبيِّن أنه لم تكن لدي أي نية لانتهاك القانون. في نظري، "اختبار الموت" هو الجواب: إذا توفّيتُ اليوم، هل يستطيع ورثتي أن يطلبوا من شركة "نيسان" تسديد أي مبلغ لهم ما عدا معاشي التقاعدي؟ الجواب هو "كلا" جازمة.
 
4. المساهمة في "نيسان"
 
لقد كرّست عقدَين من حياتي لإعادة إحياء "نيسان" وبناء التحالف. عملتُ ليلاً ونهاراً من أجل تحقيق هذين الهدفَين، في البر وفي الجو، متكاتفاً مع موظفي "نيسان" المجتهدين في عملهم في مختلف أنحاء العالم، بغية توليد قيمة حقيقية. وقد أنتجت جهودنا ثماراً استثنائية.
 
حوّلنا شركة "نيسان" من شركة تبلغ ديونها تريليونَي ين عام 1999 إلى شركة تملك سيولة بقيمة 1.8 تريليون ين بحلول نهاية العام 2006، ومن بيع 2.5 مليونَي سيارة عام 1999 مع تكبّد خسائر كبيرة إلى بيع 5.8 ملايين سيارة مع تحقيق أرباح عام 2006. وخلال هذه الفترة، تضاعفت قاعدة أصول "نيسان" بمعدل ثلاث مرات.
 
وقد شهدنا على إحياء سيارات باتت بمثابة رموز، مثل Fairlady Z وNissan G-TR؛ وعلى دخول "نيسان" صناعياً إلى ووهون في الصين، وسانت بترسبرغ في روسيا، وشيناي في الهند، وريسندي في البرازيل؛ وعلى تأدية دور ريادي في إطلاق سوق واسعة النطاق للسيارات الكهربائية من خلال سيارة Leaf؛ وإطلاق السيارات الذاتية التحكّم؛ وضم "ميتسوبيشي موتورز" إلى التحالف؛ وتحوّل التحالف إلى مجموعة السيارات الأولى في العالم عام 2017، عبر إنتاج أكثر من 10 ملايين سيارة سنوياً. وقد استحدثنا، بصورة مباشرة وغير مباشرة، أعداداً لا تحصى من الوظائف، وجعلنا "نيسان" من جديد ركيزة من ركائز الاقتصاد الياباني.
 
هذه الإنجازات – التي تحققت بالتعاون مع فريق موظفي "نيسان" المنقطع النظير في مختلف أنحاء العالم – هي الفرحة الأكبر في حياتي، إلى جانب أسرتي.
 
5. خاتمة
 
حضرة القاضي، أنا بريء من جميع التهم المنسوبة إلي. لطالما تصرفت بنزاهة، ولم أرتكب أي مخالفة طوال مسيرتي المهنية الممتدة لعقود من الزمن. لقد اتُّهِمت خطأً واحتُجِزت ظلماً استناداً إلى تهمٍ مجحفة ولا أساس لها.
 
شكراً، حضرة القاضي، لإصغائكم إلي.