أين هي الخطة الشاملة لمياه الأمطار التي يعدونا بها لكافة البلدات اللّبنانيّة من عام ١٩٩٤ والتي لم يتم تنفيذها حتى الآن؟
 
"أوّل دخوله الشمعة طوله"، هكذا يستقبل اللّبنانيّ فصل الشتاء الذي أصبح يحلّ كالنقمة على حياته حيثُ يفضحُ هشاشة البنى التحتيّة ويكشفُ النقاب عن الواقع المزري الذي وصلت إليه أحوال بعض الطرقات في بلد يعيش من خبزه اليوميّ، بدلًا من الإستفادة من ثروة هذا الفصل لوضعها في خدمة المواطن.
 
كشف زمهرير "نورما" في أوّل لحظات وصوله الصفقات التي تغلغلت في أعماق الوطن، التي لم تعُد تختصر بالإستهتار بحياة المواطن والطرقات المترديّة، ولا على حيطان الدعم المتأرجحة ولا على تدحرج الصخور إلى الطرقات، حتى أصبح الفساد نمطاً ينهش جسد القطاع العام، على مرأى الجميع من دون أي إستثناء وبالأخصّ الذين يردّدون شعارات مكافحة الفساد والإصلاح، من دون تحقيق أيّ خطوة جدّية في هذا السياق.
 
لكن في هذا البلد لا أحد يسأل عن هذه التفاصيل، ذلك أنّ أهل السلطة منشغلون بالحصّص الوزاريّة أو بمصير بقاء الأسد، أما البلد وإنسانه فلهم ربٌّ يرعاهم.
 
واعتاد اللّبنانيّ على نغمة "تفاجئنا بهطول المطر" وكأنّها بطريقة غير مباشرة تنزع كل المسؤوليّة عن عاتق الدولة.فالأضرار لم تقتصر على المستوى العام بل أيضاً على المستوى الخاصّ. ويبقى السؤال أين هي الخطة الشاملة لمياه الأمطار التي يعدونا بها لكافة البلدات اللّبنانيّة من عام ١٩٩٤ والتي لم يتم تنفيذها حتى الآن؟
 
لم ينسَ أحد ما الذي أصاب في نيسان المنصرم جسر الكولا، حيثُ حصلت بعض الإنهيارات فتساقطت قطعًا من حجارة باطون الإسمنت من الحجم الكبير، من الجسر فوق منطقة الكولا، جرّاء إصطدام إحدى الشاحنات بحافة الجسر. لكنّ ما صدم اللّبنانيّين من جديد، هو إنكشاف المستوى المتردّي لمشاريع البنيّة التحتيّة، التي تمّ تنفيذها في الفترة الأخيرة، حيثُ تحوّل جسر الكولا إلى قطعة تُشبه الـ"Puzzle".
 
 
ومنذ الصباح تداول ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعيّ العديد من الصور التي تُظهر التصّدعات التي حلّت بالجسر، وسط تحذيرات كبيرة من إنهياره في أيّة لحظة ودعوات لعدم سلوكه.
 
وغرّد الناشط سيرج زرقا:" المهندس من بيت باسيل؟ #جسر_الكولا"
 
وقالت الناشطة وداد:" جسر ورا  جسر عم يتهاوى،وكل شي خربان بالبلد. منستاهل هيك وأكتر. نحنا مننتخبكم تتعيشوا بالنعيم وانتو بتجيبولنا جهنم على لبنان #جسر_الكولا".
 
وفي السّياق ذاته، حذّرت "يازا" في تغريدة  لها عبر حسابها على موقع "تويتر"، من "مخاطر قد تَحدث نتيجة حالة جسر الكولا". كما ناشد معنيّون القوى الأمنيّة التدخّل للحيلولة دون التسبّب بكارثة، داعين إلى منع المرور عليه فوراً، لاسيّما وأنّ الشقّ تتسرّب منه المياه بكثرة، ما يوحي أنّه عميق.
 
ولاحقاً، أفادت "غرفة التحكّم" بأنّه "بعد مراجعة قسم الصيانة في بلدية بيروت تبين أنّ تسرّب المياه الناتج عن اهتراء بالفواصل التمدّدية على جسر الكولا ولا يشكل أي خطر على السلامة العامة".
 
وتربّع لبنان هذا العام المرتبة 143 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد، ليُسجّل بذلك تراجعاً مقارنة مع العام الذي سبقه، إذ كان يحتلّ المرتبة 136 من أصل 176 دولة. في هذه الحالة لم يعد واقع الفساد والهريان في الإدارات العامّة، مجرّد كلام سياسي، بهدف الإستهلاك المحلّي، ولا هو وجهة نظر أو افتراء ضدّ هذا السيّاسي، بل أصبح مرضًا يتغلغل في الأعماق.
 
"نورما" في ضيافتنا يومين آخرين، ولا ندري كم ستكشف بعد من عورات هذه السلطة الفاسدة.