يقولون: المرأة ضحكتها الرجل، وقد لمست ذلك جيداً عندما جمعتني الصدفة المحضة مع لفيف من النساء في بلد خارجي، كان عددهن عشر نساء مختلفات الأعمار والأشكال والألوان والأوزان والأزياء والتوجهات، ففيهن من كانت تنفخ بسيجارتها وكأنها ليزا منللي في فيلم (كباريه)، وفيهن من تقمصت شخصية الناشطة التاريخية المطالبة بحقوق المرأة هدى شعراوي، وفيهن من ذكرتني بدلوعة الشاشة شادية التي تحب الوشوشة، وفيهن من لا تختلف لا شكلاً ولا موضوعاً عن فيلسوفة زمانها الدكتورة نوال السعداوي، وفيهن من لا أشبهها إلا بلاعبات (الباسكت بول) لأن ساقيها يا سبحان الله تشبه ساقيّ النعامة - إنما على أطول. أما من كانت تجلس (القرفصاء) على الكنبة كالنمسة وتعلك (اللبانة) بطريقة مقززة فتمنيت من أعماق قلبي أن أدخل يدي بكامل أصابعي الخمسة في فمها وأخطف العلكة وأرميها بعيداً.


وفيهن واحدة طمس الله على قلبها وملامحها، فلا كلام ولا تعبير ولا مشاركة على الإطلاق ولا أدري إلى الآن هل تلك المخلوقة كانت نايمة ولا متوحمة؟! أما الثامنة فكأن في أسفل ظهرها دودة (ترعص)، فهي لم تستكِن أو تستقر على مقعدها، فقد (حولت عيني) فعلاً من كثرة ما قامت وجلست، وكثرة ما خرجت سريعاً ثم عادت أسرع وأسرع، وخطر على بالي أن ألقنها درساً لن تنساه طوال حياتها، ولكنني خفت، وهذه نقطة ضعفي أمام النساء عموماً، ألا وهي عقدة (الخوف) والارتعاد.


أما من احترمتها حقاً ودخلت تقريباً في ذائقتي المزاجية فهي من كانت أكثرهن (مسكنة)، لقد كانت (يا حبة عيني) تلبس نظارة طبية، لا تتكلم وإنما فقط كانت تتبسم بحذر وعلى (شطوة) - أي على جنب - مشكلتها الوحيدة أن إحدى أذنيها أكبر من الأخرى بشكل لافت للنظر، فالأولى مدورة والثانية مستطيلة، ومن عبطها أو من سذاجتها كانت رافعة شعرها (شنيون). أما صاحبة الدار العامرة، (فحدّث ولا حرج)، فقد كانت (الولية) تلبس (جلابية)، ويا ليتها لم تلبسها، لأنني من دون مبالغة لا أدري كيف استطاعت أن تحشر جسمها الضخم فيها؟! إنها ذكرتني فعلاً (بكيس الطحين) الممتلئ الذي يكاد ينفزر.


نسيت أن أقول لكم إنني لم أكن الذكر الوحيد في تلك الجلسة النسائية غير الحميّمية، لكي لا تذهب بكم الظنون بعيداً، لقد كنا أربعة من الذكور الذين هم على وشك البلوغ العقلي والعاطفي، وظللنا طوال 95 في المائة من الوقت مجرد مستمعين.

 

مشعل السديري