لربما نعي هذا التفريق بين الواجب والمستحب لكي ندرك أنَّ الأولى هو حفظ النفس وخصوصاً للمحتاجين والفقراء والمرضى الذين يسكونون المقابر والأكواخ في بلاد المسلمين...
 

في واقع الحال الذي لا يخلو من حقيقةٍ لا تحتاج إلى أدنى دليل على ما تعانيه أغلب الدول الإسلامية من فاقةٍ وفقرٍ وضياعٍ، وفي نفس الوقت تعاني من أزمةٍ سكنيةٍ، وهي في حالة إنجابٍ كبير ومستمر بشكل غير منظَّم، تماشياً مع المرويات الإسلامية التي تحثُّ على التكاثر والإنجاب والمباهاة يوم القيامة، حتى بتنا نرى بعض الدول أغلب فقراؤها يبيتون مع نساءهم وأطفالهم في المقابر والكهوف والخيم على جوانب الطرقات والشوارع. وهل نحتاج لذكر بعض الدول الإسلامية..؟ فالواقع أمامكم..!

وفي حين نشاهد الآف المساجد المزخرفة والمزركشة، التي بُنيت بمئات الآلاف من الدولارات وفي معظمها لا يستفاد منها بشيءٍ وكثيرٌ منها مقفلٌ تعشعش فيها عصافير الشوك وخفافيش الليل.. 

إقرأ أيضًا: تظاهرات مع ولادة المسيح (ع)!                          

وعند ترتيب الواجبات والأولويات نرى أن بناء المساجد والصلاة فيها لهو أمرٌ مستحبٌ وليس واجباً في التشريع الإسلامي، وليس من الأولويات أن تجمع التبرعات والأموال الشرعية لزخرفة المساجد وتزيينها بأفخم الديكورات والقبب والمآذن التي لا نرى فيها إلا الإسراف والصرف في غير موارد الإستحقاق الذي قد يكون واجباً بل هو واجب ديني وأخلاق لمساعدة الفقراء والمساكين وبناء المساكن للذين لا مأوى لهم، وفي الصرف الواجب أيضاً تأمين الأدوية والعلاجات للمرضى والمحتاجين، وليست هذه الموارد هي من الأعمال الإختيارية ولا هي من الأعمال الإستحبابية، بل هي واجب على المجتمع وبالخصوص الميسورين منهم بل هو ضروري من ضرورات الدين..

بينما نرى في الثقافة الإسلامية نقدِّم ما هو مستحب وليس واجباً من جمع التبرعات والأموال الشرعية والزكوات والنذورات لبناء مسجدٍ، على ما هو واجب في ديننا وأخلاقياتنا الإسلامية والإنسانية من إطعام فقيرٍ ومأوى محتاج ومن دواء لمريضٍ...

إقرأ أيضًا: هل تعلم ما الفرق بين الإبتغاء والدعاء؟

لربما لا نفرِّق في توجهاتنا وثقافتنا الدينية بين الأولويات والواجبات الضروية، وبين المستحبات غير الضرورية..؟ ولعل من أهم الأسباب التي تدعو إلى عدم التفرقة هو حب الظهور والبروز والشهرة والصيت الذي يتداوله الناس بأن فلاناً بنى مسجداً، أو حب الرياسة والمكانة الإجتماعية في أحزابنا ومجتمعاتنا وفي دولنا.. مع أخذ العلم بأنَّ العبادة والصلاة بمقدور المسلم أن يأتي بها ولو كان في فراش النوم أو على ظهر ناقة...!

لربما نعي هذا التفريق بين الواجب والمستحب لكي ندرك أنَّ الأولى هو حفظ النفس وخصوصاً للمحتاجين والفقراء والمرضى الذين يسكونون المقابر والأكواخ في بلاد المسلمين...