القمة امتحان للبنان وسوف ينجح الشعب ومؤسساته المدنية، فيما سيبدو الزعماء مرتبكين أمام الضيوف العرب، لكونهم عجزوا عن تشكيل حكومة تجمعهم وتنتشل وطنهم من أزمات أوصلته إلى حافة الانهيار، لذلك الوقت يضيق أمام الطبقة السياسية.
 

أن يبقى بلد كلبنان من دون سلطة تنفيذية لأكثر من سبعة أشهر، فيما اقتصاده يترنّح على وقع أزماته السياسية، وبفعل نيران الأقليم، وأعباء النزوح، فلذلك تداعيات سلبية في الميزان الإقتصادي، وتأليف الحكومة اليوم لا يعني أنّ الخسائر الإقتصادية انتفت وحلّ مكانها الإزدهار، بل أنّ التأليف قدّ يحدّ من اتساع رقعة الخسائر، فأيّ مشهدية خلفّها التأليف المتعثر؟

يبدو واضحاً أن هذا الأمر يترتب عليه عدد من الامور الضاغطة، وهي بدورها محطات بالغة الاهمية يفترض أن لا يتم النظر اليها على انه مسائل ثانوية ويأتي تحدي القمة التنموية العربية التي تستضيفها بيروت في 20 يناير، والتي تَحوّلتْ عامل ضغطٍ سياسياً تحت عنوان، أن عدم حصول التأليف قبل موعدها سيعني خفْض مستوى تمثيل الوفود المشارِكة وتالياً تفويت الفرصة على لبنان للاستفادة من الزخم الذي ستعطيه لـ البلد وموقعها العربي كما يُتوقّع أن تشكّله لجهة تمهيدِ الأرضية لمسار إعادة الإعمار في سورية.

إقرأ أيضًا: لبنان في مأزق فهل ستتواضع الطبقة الحاكمة؟!

وفيما لاحظت أوساطٌ سياسية، أن الضغط بالقمة التنموية تَرافَق مع عدة تحركات وإضراباتٍ على استمرار المماطلة في تأليف الحكومة كما على مجمل الواقع الاقتصادي والمالي وما يحوط به من فساد، بدءاً من الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العمالي العام مروراً باستعدادِ أحزاب ومجموعات من المجتمع المدني لتظاهرات تنطلق الأحد تحت عنوان نداء: إلى الشارع للإنقاذ في مواجهة سياسة الانهيار بالوقت الذي شَكّلَ مسارُ التأليف محور الزيارة التي قام بها باسيل أمس، للحريري، رأتْ الأوساطُ السياسية أن مدْخلَ أيِّ خرْقٍ في الملف الحكومي يبدأ بإقرار رئيس التيار الحر باستحالةِ حصولِه على الثلث المعطّل، متوقّفة عند كلام الأخير من دارة الرئيس المكلف عن أفكار جديدة لحلّ يتقاسمه الأفرقاء ويراعي عدالة التمثيل، ما يعني عملياً أن عصْف الأفكارما زال في أوْجه، كما عند إشارته الى أنه سيستكمل اتصالاته في شأن هذه الأفكار بما فُهم على أنه تَراجُع للدور الذي كان أناطه عون بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لترجمة مبادرته لحلّ عقدة تمثيل سنّة 8 اذار.

كما أنه لابد من الانتباه الى الحدود الجنوبية حيث أن اسرائيل لن تكلّ على الحدود، لا بل هي آخذة في توسيع استفزازها وهذه المرة من بوابة كتيبة جديدة، فبعد الأنفاق التي لم تنتهِ من حفرها بعد زاعمةً بأنها لحزب الله على مرأى من "اليونيفيل، ها هي إسرائيل الخائف داخلها من ترسانة حزب الله تعلن إنشاء كتيبة جديدة هدفها التصدي لحزب الله، الكتيبة المؤلفة من جنود الاحتياط الذين سبق وخدموا في لواء جولاني سيكون دورها على ما قالت صحيفة معاريف الدفاع عن المنطقة الحدودية تحت مسمّى بوابة النار، وفي الانتظار، يواصل الإسرائيليون حفر أنفاق مزعومة، ويزعم إعلامهم منذ ساعات التوصل إلى نفق خامس هو الأكثر خطورةً.

وعلى ضوء التأخير والجمود القائمين في تشكيل الحكومة، تلفت المصادر الى اشارات عربية مقلقة، وبدأت أسئلة عربية تُطرح وتصل الى مسامع المسؤولين المعنيين، عن كيف يمكن أن تعقد قمة اقتصادية عربية في بيروت عنوانها الاساسي التنمية والتطوير والتحديث، في حين أن اللبنانيين عاجزون عن تشكيل حكومة طبيعية منذ أكثر من سبعة أشهر؟

إقرأ أيضًا: في السنة الجديدة لبنان متروك لقدره!

وتشير بعض المصادر الى أن لا شيء يمنع ان تتحول هذه الاشارات الى ما هو أبعد، إذ قد نسمع في الأيام المقبلة أصواتًا تطالب بنقل انعقاد القمة من بيروت، وبالتالي اضاعة فرصة حقيقية جديدة أمام لبنان لطرح موقفه ومطالبه، ومحاولة استعادة ثقة الدول العربية القادرة والاستفادة من الاحتضان العربي والابواب التي يمكن للقمة أن توفرها، ما يساعد لبنان للخروج من الإنكماش الاقتصادي الذي يعاني منه ولم تعد خطورته خافية على أحد، وتشدد على أن المسؤولين المعنيين وبالدرجة الأولى رئيسا الجمهورية والحكومة المكلف، مطالبان بإخراج البلاد من هذه الدوامة الخطيرة، وبوضع الجميع أمام مسؤولياتهم، والإسراع بتشكيل الحكومة لأن الوضع لم يعد يحتمل الإنتظار والمماطلة والتسويف.

وتحذر من أنه في حال الوصول الى هذا الاحتمال السيء ومغادرة القمة الإقتصادية العربية بيروت الى عاصمة أخرى، فستكون ضربة موجعة للوضع اللبناني الاقتصادي والمالي، فضلا عن السياسي، خصوصا وأنها تأتي بعد الرسائل المباشرة التي تبلغها المسؤولون على أعلى المستويات.

القمة امتحان للبنان، وسوف ينجح الشعب ومؤسساته المدنية، فيما سيبدو الزعماء مرتبكين أمام الضيوف العرب، لكونهم عجزوا عن تشكيل حكومة تجمعهم وتنتشل وطنهم من أزمات أوصلته إلى حافة الانهيار، لذلك الوقت يضيق أمام الطبقة السياسية.