خزينة العراق خاوية، والقليل المتبقي من دولاراتها يُنفق، بلا وجع قلب، وبلا عقل ولا روية، على مكافآت الرؤساء وأسرهم المدللة والنواب والوزراء والسفراء والمجاهدين والمجاهدات، الأحياء منهم والأموات.
 

مبروك علينا أعيادنا وأيامنا السعيدة. وكل عام والرؤساء والحاج قاسم سليماني وحضرات المجاهدين، أجمعين، وشيعة سفارتي الولي الفقيه والعم سام، وسنتُهما، وكردُهما، بألف خير.

مع دخول العام الجديد، 2019، لابد أن نستذكر الذي فات ونتدارس ما هو آت. فبعد أربعة أعوام من أعمار العراقيين أحرقها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بالوعود والعهود والبيانات والتصريحات، جاء رئيس جديد ليس لديه، مثلَ سلفه، سوى أسلحة الوعود والعهود والبيانات والتصريحات، حتى أصبح كل يوم من عهده الميمون بسنة.

وكما أن سلفه لم يستل سيفه على غير السمك الصغير، وعلى غير المرتشين المغفلين الذين اكتفوا ببضع (ربطات) قليلة فقط من الدنانير، فقد أغمض الجديد عينيه الاثنتين عن الحيتان الكبيرة.

وكما سقط حجر العقوبات الأميركية على رأس سلفه الراحل فشجّه وأسال دماءه، ووضعه بين مطرقة ترامب وسندان الولي الفقيه، فها هو الخلف السعيد يتلقى الحجر ذاته، ولكنه يتذاكى أكثر من سلفه الراحل. ويحاول أن يرضي الرحمن والشيطان، وأن يمسك بالصيف والشتاء بقبضة واحدة، بالإعلان عن كونه ضد مبدأ العقوبات، وأنه غير مجبر على تنفيذها، وذلك خوفا من أن تهب عليه زنابير المجاهدين، فتقرر عقابه باعتباره ناكر جميل، كما حدث لسلفه الراحل الشهيد.

وها هو العام الجديد يطل ولم يتغير شيء. فكلُّ شيء على وضعه الكوميدي الممل. عادل عبدالمهدي رئيس، وهادي العامري رئيس ونوري المالكي رئيس ومقتدى الصدر رئيس والسفير إيرج مسجدي رئيس والحاج قاسم سليماني رئيس، ومسعود البرزاني رئيس، وعمار الحكيم رئيس، وأبومهدي المهندس وقيس الخزعلي وفالح الفياض وكل حامل سلاح رئيس، حتى استحق العراق أن يسمى بحق، وطن المئة رئيس. ثم وراء كل رئيس رئيسٌ لهيئة حماية، ورئيس لإدارة صرافة، ورئيس لخدم، ورئيس لطباخين، ورئيس لسماسرة، ورئيس لمستشارين قضاة.

وما زال نفط العراق يباع على الأرصفة، من وراء ظهر الدولة ورئيس وزرائها. وخزينة العراق خاوية، والقليل المتبقي من دولاراتها يُنفق، بلا وجع قلب، وبلا عقل ولا روية، على مكافآت الرؤساء وأسرهم المدللة والنواب والوزراء والسفراء والمجاهدين والمجاهدات، الأحياء منهم والأموات.

إن العام الجديد أطل، وسيمرُّ كما مر الذي قبله، وسنحتفل بمقدم العام القادم 2020 وخيمُ المهجّرين تتوالد وتتكاثر، والفلولُ الداعشية، بخناجرها ومفخخاتها، تتسلل إلى مساجدنا وحسينياتنا ومدارسنا وأسواقنا وغرف نومنا، وسنبقى نناشد أشقاءنا وأصدقاءنا الإيرانيين، والأميركان، وأمة لا إله إلا الله، وأمة سيدنا المسيح، وشعب الله المختار، أن يمدوا لنا أيديهم وأرجلهم لمساعدتنا على حربها، والدفاع عن سيادتنا الوطنية، وعن شرفنا الرفيع.

وسيبقى العراقيون، سواء الذين لطموا أو الذين صفقوا للعهد الجديد، منتظرين الذي يأتي ولا يأتي.

فالعهد الجديد لن يُخرج لهم الزير من البير، ولن يقطع رؤوس الأفاعي التي لوثت ماءَهم، وأفسدت هواءهم، وسرقت غذاءهم، ولن يَسوق بعصاه الغليظة التي باركها الولي الفقيه والمرجعية والمتظاهرون وأميركا أحدا من اللصوص الكبار إلى قضاء.

وكل عام ونحن والرؤساء بخير وصحة وسلامة، وعين الحسود لا تسود.