تكثّفت الإتصالات الحكوميّة في الساعات الماضية بغية استعجال التأليف وعدم إضاعة المزيد من الوقت، ودخلت المرجعيات على خطّ إعادة ضخّ الحياة في التسوية المرتقبة.
 

تبدو بكركي مستعجلة للتأليف أكثر من باقي المرجعيات السياسيّة والحزبية في البلاد. وإذا كان همّ الحكومة طاغياً على الساحة السياسيّة، فإنّ أنظار الصرح البطريركي تتوجّه بشكل كبير الى المرحلة الأهمّ وهي مرحلة ما بعد التأليف، لأنّ الأساس يبقى الشروع في الإصلاحات الضروريّة لإنقاذ الوضع وعدم إغراق البلاد في الديون وحروب الإستنزاف العبثيّة.

وتُبدي بكركي تخوّفها من أن يستمرّ مسلسل إضاعة الوقت وتفويت الفرص على لبنان، فالتأليف لا يعني شيئاً إذا لم يترافق مع سلسلة تدابير إصلاحية تبدأ من كل وزارة على حدة، وتشمل كل مؤسسات الدولة من دون استثناء خصوصاً أنّ الفساد وصل الى درجات غير مقبولة وأصبح منظومة تقبض على رقاب الناس.

وفي هذه الأثناء، لا ينفكّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن توجيه رسائله في كل الاتجاهات من أجل حثّ المسؤولين على القيام بواجباتهم وإنهاء «مهزلة» العرقلة التي تضرّ الوطن ولا تفيد أحداً.

وتخيّم الإيجابيّة بقرب التأليف بشكل كبير على الصرح البطريركي، خصوصاً أنّ زيارة وفد «حزب الله» لمعايدة الراعي أمس حملت توضيحاً لبعض النقاط العالقة، وقد سرّعت في توقيت هذه الزيارة الأسئلة والرسائل التي وجهها الراعي الى المسؤولين وطالت سهامها بشكل كبير «الحزب»، كما أنّ البطريرك قد وجّه رسالة الى «الحزب» سابقاً عبر المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان لكي يسهّل الولادة الخلافيّة وينهي العقد التي رأى قسم من اللبنانيين أنها مصطنعة وتخدم أهداف لا تمتّ الى الشعب اللبناني بصِلة.

وتؤكّد مصادر بكركي لـ»الجمهورية» أنّ كل تلاق يحمل مزيداً من التفاهم والحوار، فلبنان بلد صغير ويجب أن يتحدّث الجميع مع بعضهم البعض، وعندما اتصلت قيادة «حزب الله» ببكركي من أجل القدوم للتهنئة، رحّبنا بالفكرة».

وتشدّد المصادر على أنّ الراعي لم يصوّب سهامه على «حزب الله» من أجل التصويب، بل هو توجّه الى جميع المعرقلين من دون استثناء، وقد وصلت تلك الرسائل الى «الحزب»، وكان اللقاء أمس مناسبة لتوضيح وجهة نظرهم من مسألة التأليف وتمثيل حلفائهم، وقد قال البطريرك كلاماً واضحاً لهم وتناول الأمور على حقيقتها، وأبدى الوفد تفهّمه للهواجس التي طرحت».

وشكّل اللقاء مع «حزب الله» مناسبة لكي تبني بكركي فكرة عمّا قد يحصل في الأيام المقبلة، خصوصاً أنّ «الحزب» أكّد للبطريرك أن الحكومة قريبة، وأن العقد على طريق الحلّ. كذلك، فإنّ بكركي على تواصل مع المرجعيات الأخرى وعلى رأسها بعبدا و»بيت الوسط»، وتُبدي استعدادها لدعم أي خطوة تساعد على التأليف.

جرت العادة في المناطق المسيحيّة أن تُزيّن البيوت بعد عيد البربارة في 4 كانون الاوّل وتفكّ الزينة بعد مرور عيد الغطاس في 6 كانون الثاني، لذلك تتمنّى بكركي أن تولد الحكومة قبل فكّ زينة الميلاد والمغارة، ليكون الاحتفال بالأعياد هذه السنة حاملاً معه حلّاً لأزمة حكوميّة شبه مستعصيّة. 

وفي السياق، تؤكّد بكركي انفتاحها على كل القوى السياسيّة، كذلك، تأييدها كل الحلول الحكوميّة، فما يهمّها هو الحلّ الجذري وليس شكله. لذلك، فإنّ كل الأفكار المطروحة حالياً، إن كان رفع عدد الوزراء الى 32 وزيراً، مع انه احتمال بعيد حالياً، أو فصل حصّة «التيار الوطني الحرّ» عن حصّة رئيس الجمهوريّة ودخول ممثّل «اللقاء التشاوري» ضمن حصّة الرئيس، كلها مشاريع حلول يجب أن تبصر النور حسب البطريركية لأنّ عامل الوقت ليس لصالح البلاد والعباد.