استؤنفت المساعي لإعادة تعويم المبادرة الرئاسية، وحرص «حزب الله» في اليومين الماضيين على ترطيب العلاقة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لكي لا تذهب الى مرحلة تدهور كبير، فاتصل السيد حسن نصرالله الامين العام للحزب بعون مهنئاً بالأعياد، وجرت تحت سقف هذه التهنئة عملية غسل قلوب ومصارحة، من شأنها أن تمهّد الى تقديم صيغ وحلول جديدة لفك عقدة الوزير الرقم 11.
 

تشير أوساط «التيار الوطني الحر» الى انّ زيارة اللواء عباس ابراهيم، المدير العام للامن العام، للوزير جبران باسيل رئيس «التيار الحر»، في اللقلوق شهدت طرح صيغ محدّدة لفك أسر الحكومة، وضمان تشكيلها بدون ان يشعر أي طرف بأنه انكسر أو تنازل في مطالبه الاساسية.

وتكشف الاوساط انّ «التيار ما زال متمسكاً بأن يكون الوزير الرقم 11 من حصة الرئيس عون، معتبرة «انّ التيار التزم بالحل والآخرون خَرقوه، فهو قبل بالاسم الذي اختاره اللقاء التشاوري، على رغم انه لم يُسمِّه، لكن لا يستطيع التيار ان يقبل بأن يصبح حامل ودائع وزارية، والاسم الذي يتم اختياره يجب ان يكون من حصة رئيس الجمهورية وفق آلية متّفق عليها».

وتضيف الاوساط أنّ «توزيع الحقائب بات أمراً لا مفر منه، اذا ما تمثّل اللقاء التشاوري، الذي انضَمّ نوابه من كتل اخرى لكي يشكلوا كتلة فيها عدة نواب مزدوجي الانتماء الى كيانات سياسية، وهذا ما يطرح إعادة النظر بحصص كانت معطاة لهذه الكتل في الصيغة الاولى للحكومة».

وتكشف الاوساط ايضاً انّ اتصال السيد نصرالله بالرئيس عون شهد اعادة تنفيس للازمة، خصوصاً بعدما ذهب عون الى حد قول ما لم يقله سابقاً بالنسبة للاعراف الجديدة والتقاليد التي يتم فرضها في تشكيل الحكومة. وتشير الى أنّ هذا الاتصال بحثت فيه مسألة دعوة سوريا الى القمة الاقتصادية في بيروت، وانّ الرئيس عون شرح وجهة نظره في هذا الاطار حيث اكد انّ هذا الامر هو لدى الحكومة، وليس لدى رئيس الجمهورية، كما اكد انّ الدعوات تأتي من الجامعة العربية وليس من الدولة المضيفة.

خلاصة الامر أنّ «التيار الوطني» لا يزال على موقفه الذي أدى الى بروز أزمة في العلاقة مع «حزب الله»، لن تتجه الى ما هو أبعد من مجرد خلاف ظرفي لاعتبارات تتصل بمصلحة الطرفين. يبقى السؤال: هل ستنجح محاولات إنعاش المبادرة الرئاسية، وهل يحمل اللواء ابراهيم صيغة مبتكرة لإرضاء «التيار» و»حزب الله» الذي يصرّ على تمثيل اللقاء التشاوري بوزير من حصته؟

الأرجح انّ المعركة الرئاسية التي باتت هاجس باسيل ستبقى ماثلة، وهو لن يتراجع عن طلب نيل 11 وزيراً في ظل شَكّه بأنّ حصته تحتوي على ودائع أخرى لـ»حزب الله»، وتحديداً إسمين لن يكونا في عداد وزارء «التيار» في حال اضطر الى استعمال ورقة الثلث المعطّل، وهو ما يفقد باسيل ورقة هامة في أي سباق رئاسي مقبل.

صحيح أنّ باسيل ما زال يلعب تحت سقف الهامش الذي رسمه «حزب الله»، الّا انه مرّر في الايام الماضية رسائل خطرة منها كلامه عن التلويح بالفدرالية (خلافاً لموقف الرئيس عون وشعاره الشهير انّ لبنان «أكبر من يبلع وأصغر من ان يقسّم») الذي تَسرّب مضمونه لأكثر من طرف ومنهم «حزب الله»، وهو كلام يضيف الى نقزة الحزب نقزة إضافية، اذ سبق لباسيل أن أطلق موقفاً إشكالياً من النزاع مع اسرائيل، وهو ما سبّب يومها أزمة ثقة في العلاقة مع حلفائه.