إن حقيقة لا بد من أخذها بعين الإعتبار حتى لو كانت مؤلمة: حين يعيش الناس منذ سبعة أشهر على هذا النحو، يمكن القول الناس في واد والطبقة السياسية في وادٍ اخر
 

يعمّ الجمود الثقيل على الساحة السياسية، سببه توقف المبادرة الحكومية، ويعزّزه دخول البلاد مدار عطلة الأعياد، فلم تشهد خطوط التأليف أي حركة وفي وقت ذهب بعض المتشائمين الى حد نعي الوساطة الرئاسية، وقد قال مراقبون ان إنعاش الاتصالات من "الكوما" التي دخلت فيها، قد يكون ممكنا شرط عودة اللاعبين السياسيين كلّهم الى خانة تقديم التنازلات هذا هو واقع الطبقة السياسية، أما لجهة واقع الناس فنلاحظ تعليقات جيل الشباب والناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي فجاءت تعليقات بالآلاف عن هذا الموضوع وكلها تعبِّر عن غضب الناس عما آلت إليه اوضاع البلاد والعباد. 

إقرأ أيضًا: الحكومة وآليات العمل لمواجهة متطلبات المرحلة

تعليقات موجعة من دون شك، وتعبِّر عن حال الإحباط الذي يعاني منه الناس، فإلى أي دَرْكٍ وصلنا؟ هل يمكن أن نستفيق يومًا لنجد السترات الصفر "على الطريقة الفرنسية، تملأ لبنان؟ قادة التحرك الميدانيون لا تنطبق عليهم المواصفات التي تنطبق على القادة الميدانيين في فرنسا الجهات السياسية" في لبنان التي تحرك الشارع لا تُفصح عن نفسها علناً، لذا فإن التحركات الميدانية تبقى في جانب منها مشوبة بعيب الأهداف السياسية المغلَّفة بالواقع الميداني انطلاقاً من كل هذه المعطيات، لا يبدو أن التحرك الميداني سيغيِّر الكثير من الأشياء وفق ما يأمل البعض هكذا، البلد في المأزق من خلال: عجز الطبقة السياسية عن إحداث خرق في جدار الأزمة وعجز الشارع عن تحقيق ما لم تحققه الطبقة السياسية أمس كانت هناك "بروفا"، وبصرف النظر عن الخلفيات والتحليلات، فإن ما هو ثابت ان الناس موجوعة ومتألمة، وقليلون الذين يشعرون بالعيد، أما ما هي الأسباب فأكثر من أن تحصى، وهذه عينة منها ليس تفصيلا صغيرًا أن يعيش البلد سبعة أشهر من دون حكومة وليس تفصيلا صغيرًا أن يُقال ان كل يوم تأخير يكلِّف البلد 25 مليون دولار.

إقرأ أيضًا: البلد في أزمة وتقرير «موديز» جرس إنذار

تخيلوا حجم الخسائر التي تحققت إلى اليوم؟ وقد مر سبعة أشهرعلى الفراغ حين لا يكون هناك حكومة يكون كل شيء متوقفًا: من معالجة قضية التلوث إلى معالجة قضية النفايات إلى معالجة معضلة ازدحام السير إلى معالجة قضية الطبابة والاستشفاء، والأخطر من كل ذلك ان القدرة الشرائية لدى اللبنانيين لم تعد متوافرة، وفي هذه الحال ما نفع الحكومات والبيانات الوزارية والخطط والبرامج إذا وصل الجميع إلى حد الإهتراء؟ اليوم صورة البلد تبدو على الشكل التالي: الطبقة السياسية منهمكة في مسألة تشكيل الحكومة، لكن لا أحد من الناس مهتم بهذه القضية إلا من باب تأمين المصالح الحيوية، لا أكثر ولا أقل، يعرف المواطنون أن الحكومة لن يكون في مقدورها أن "تشيل الزير من البير" فلو لم يكن هناك مقررات مؤتمر "سيدر" لَما كان احد أغرته الحكومة فحقيقة الأمر ان الحكومة الجديدة ستناط بها ترجمة مقررات سيدر التي تعني التصرف بأحد عشر مليار دولار والتي تتناول الكهرباء والمياه والتربية والبيئة والصناعة والزراعة والأشغال، هذا يعني أن "التقاتل" يشمل الوزارات التي شملتها مقررات مؤتمر "سيدر"... على سبيل المثال لا الحصر: هناك اموال في "سيدر" مخصصة لقضايا البيئة، من هنا كان الإهتمام بنيل حقيبة البيئة التي كان الجميع يهرب منها انطلاقا من كل هذه المعطيات، فإن حقيقة لا بد من أخذها بعين الإعتبار حتى لو كانت مؤلمة: حين يعيش الناس منذ سبعة أشهر على هذا النحو، يمكن القول الناس في واد والطبقة السياسية في وادٍ اخر.