في التظاهر غصة وشجاعة وقوة، يقابلها سخرية حتى ما يزعل الزعيم!!
 

لم تهدأ صفحات مواقع التواصل الإجتماعي منذ يوم الأحد الماضي من التعليقات الساخرة على التظاهرات التي شهدها لبنان احتجاجاً على الفساد، والتي عُرفت بـ "تظاهرات السترات الصفراء"، فمطالب المتظاهرين اللبنانيين للأسف قوبلت بالسخرية من بعض اللبنانيين الذين يعيشون نفس الحرمان وأشكال الفساد!!


ولكن ربما صورة لبنان في نظر هؤلاء الساخرين لا تشبه صورة لبنان في نظر المتظاهرين الذين وجدوا في السترات الصفراء والشوارع اللبنانية أملاً بأن تتغير الظروف الصعبة التي يعيشها كل اللبنانيين دون استثناء.


واللافت والغريب فينا نحن اللبنانيين، أننا نشتم الدولة ونشتم المسؤول السارق عندما نقع في أي أزمة، وفي الوقت نفسه نشتم المتظاهر أيضاً عندما يقوم بأي تحرك مطلبي!!..

إقرأ أيضاً: اسرائيل تهدد كفركلا، والأهالي: كلنا محمد قرياني وأكثر


فذلك المتظاهر لم ينزل إلى الشارع للتسلية ولا لكي يظهر على شاشات التلفاز للشهرة، إنما نزل ليطلق صرخة موجعة نعاني منها جميعاً، فهو قبِل على نفسه حياة الذل التي نعيشها، ويعاني مثلنا من أزمة الكهرباء والتلوث، والضرائب والسرقة...، ومع ذلك لم تخلُ صفحات مواقع التواصل الإجتماعي من التعليقات الساخرة بحق المتظاهرين، وكأن هؤلاء غرباء عن هذا الوطن، لا يحق لهم التظاهر والمطالبة بأبسط حقوق لهم.


وصحيح أن لكل منا حريته في التعبير عن رأيه وعلى طريقته الخاصة، بحيث أن من لا يريد التظاهر أو النزول إلى الشارع فهذا شأنه و"هو حر" كما يقال، ولكن هذه الحرية يجب أن تحترم شيب ذلك الرجل العجوز، والشاب العاطل عن العمل، والطفلة التي بكت وأبكت جميع المشاهدين يوم الأحد، لأن هؤلاء يشربون كل يوم من كأس الذل كما نشربه نحن تماماً، في الوقت الذي سخر فيه اللبناني من أخيه اللبناني ومن مطالبه وتحركه، والسبب "حتى ما يزعل المسؤول أو الزعيم!!!".