لا صلاة لسارق، لا دعاء لمنافق، لا بكاء للصوص، ولا عبادة لناهب
 

هذا المسيح الثائر الأعظم، قد مجَّد قومه قائلاً: "أنتم ملح الأرض.. "هذا الملح المبارك الذي باركه الخالق، حمله اليوم ثلَّة من المتظاهرين الذي ثاروا على الوجع، فهم حقاً ملح الأرض، وحملوه مع طعام المسيح (ع)، ليسدوا خمص البطون من الطوى، وأعلنوها ثورة كاسحة على المغتصبين الناهبين السارقين من الكهنة والحكام وتجار الباعة في الدين والسياسة، الذين يعتاشون على أكتاف غيرهم، يتبذخون من مال الناس، ويعيشون على عرقه ودمه وتعبه ووجعه، إنها صرخة في وجوههم، ليعلنوا بأنَّ السكوت على الضيم يجعلك ظالماً بعد أن كنت مظلوماً، وحملوا شعارك يا نبي الله، مرددين قولك الجريء: "إنهم يحزمون أحمالاً ثقيلة شاقة الحمل، ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يحرِّكوها بإصبعهم".. 

لا صلاة لسارق، لا دعاء لمنافق، لا بكاء للصوص، ولا عبادة لناهب، تعلموا منك يا نبي الله، أنك لا تقبل صلاة هؤلاء المنافقين الصيادين، لأنهم يأكلون تعب وجهد وعرق الناس ويمنعون عنهم حقهم وعيشهم في الخبز والدواء، والماء والهواء، مرددين مقولتك الصادحة والصارخة والصادقة: "ويلٌ لكم أيها الكتبة والفرِّيسيُّون المراؤون،لأنكم تأكلون بيوت الأرامل، ولعلةٍ تُطيلون صلاتكم"..

إقرأ أيضًا: هل تعلم ما الفرق بين الإبتغاء والدعاء؟

هذا هو الثائر المسيح الذي مجدنا، وزوَّرنا تجارك في الدين والسياسة لإفقارنا وصلبنا، فصلبوا قومك، لأنهم تآمروا على لقمة الجائعين، فحدَّقت النظر طويلاً في لحاهم الطويلة، وبسجادات صلواتهم التي لا يغادرونها إلا وقت الفتنة والنميمة.... وما زال هذا الشعب سيرفع شعارك وقولك، عندما وصفتهم وأرجفتهم عاصفاً وراعداً وهادراً: "يا أولاد الأفاعي"... 

صرختكم أيها المظلومون، هي صرخة المسيح (ع)، وصرخته هي صرخة نبي الله محمد (ص) الذي صدح صدحاً جميلاً عن لسان الله تعالى، كما في الحديث القدسي، قائلاً: "إني لم أستعمل الحكام على سفك الدماء، واتخاذ الأموال، وإنما استعملتهم ليكفُّوا عني أصوات المظلومين، فإني أرعى ظلامتهم، وإن كانوا كفاراً".. صدق الله تعالى وصدق نبيه المسيح (ع) وصدق نبيه محمد (ص)، لأنهم مع المظلومين ويقفون بجانبهم، فلا مسيحية صحيحة، ولا إسلام صحيح، من دون كفاح،ولا إيمان بدون تضحية ووفاء وإخلاص، ولا شيء يصلحنا ويصلح مجتمعنا ويصلح بلدنا من دون أن نقف ضد النهب والناهبين، والسرقة والسارقين، والظلم والظالمين، فهذا هو وعد الله في القرآن والتوارة والإنجيل، فكل التحايا لمن يجاهد في سبيل رفع الظلم والفقر عن هذا البلد، حتى يكون في أمن وأمان من الغطرسة المنظمة على هذا الوطن وشعبه.