الشعب لم يعد بحاجة إلى سياسيين ولا إلى رجال دين في ظل هذا النفق الطويل المظلم المغرق بالسوداوية
 

كي لا يتهمني أحد من خلال العنوان بأنه افتراء على طبقةٍ ادعت بأنها الطريق إلى الفضيلة والأخلاق، وأنها تقربك إلى الله تعالى، كأنها حصرت لنفسها وكالة عن رب السماء، وسمحت لنفسها بأنها الناطقة الرسمية باسم الله تعالى، ولا فرق بين الطبقة السياسية والطبقة الدينية.. 

في واقع الحال فهذا العنوان هو لفقيهٍ شيعي الشيخ محمد جواد مغنية، كتبه في كتابه (الإمام الخميني والدولة الإسلامية) ومما كتب: (الأدعياء اللصقاء: كانت العمامة ـ النجفية ـ بالأمس القريب وقفاً على أهل العلم بدين الله وشريعته، وأصبحت اليوم مشاعاً لكل جاهلٍ متطفلٍ حتى ألِفَ الناس أن يدخل أيٍّ كان إلى بيته من غير عمامة، ويخرج منه بعد لحظات مُعمَّماً بالعديد من الأمتار... واليوم يكورها طابقاً فوق طابق من يحبوا إلى العلم على أربع).. ولكي نزيد في رفع التهمة نضيف ما قاله السيد الخميني في كتابه (الحكومة الإسلامية: قد ألصقوا أنفسهم بالعلماء إلصاقاً،وليسوا من العلم والعلماء في شيء،إنما هم جماعة من البطَّالين..).. 

إقرأ أيضًا: هل تعلم ما الفرق بين الإبتغاء والدعاء؟

ما نشهده اليوم يستدعي التوقف ملياً أمام هذه الظاهرة حول هؤلاء الشيوخ البطالين والصيادين وخصوصاً من يدعي أنه يتشدق بالأخلاق ويندلق من فمه مواعظ، ويتصدر مواقع في السلطة تحت عنوان أنه مفتي أو على شاكلته، وهم على لسان أهل البيت (ع) ولسان علمائنا الأعلام الذين كانوا تجارب حية في سلوكهم وأخلاقهم، فمن كلامهم أنهم لصوص شياطين يصطادون الضعفاء من الناس وبعضهم يتقن فن الصيد في المال والنساء، ويجتازون كل ما هو محرَّم بشهادة الكثيرين ممن ابتلوا وأدخلوا بعضهم إلى بيوتهم فاجتازوا كل الغرف المغلقة والمحرمة، فكلما لاح لهم الحرام اقتحموه، إنهم كالسوسة في الشجرة التي لا تعتاش إلا من مائها، إحذروهم.. فلا يغرَّنكم حلاوة ألسنتهم، واسترسال لحاهم، ولسانهم العذب، إنهم لصوص الله على الأرض، إنهم أهل شقاقٍ ونفاقٍ، الذين يعبثون بدين الله وأعراض خلقه، من أي فصيلةٍ آدميةٍ تولَّدت هذه الإفرازات النتنة.. 

وللأسف وهذا حال الطبقة السياسية التي تحمي هؤلاء، لقد تعبنا منهم، ومن كل خطاباتهم السياسية والدينية، وتعب الشعب واختفت البسمة عن وجوه أطفالنا، واختفى الأمل في حياتنا، تعبنا وتعب الشعب، وهم لم ييأسوا ولم يتعبوا،وعصي الدمع والدم في عيون الأرامل والفقراء والمحتاجين، وأهل السياسة وأهل العمامة يتقاذوفون مصيرنا ومصير بلدنا، إن كان لكم ضمير فاتركوا هذا الشعب يداوي جراحه ويناجي ربه لا حاجة له بكم وبمواعظكم وبسياستكم التي لا منفذ يتسرب منها نور أو بصيص أمل، فالشعب لم يعد بحاجة إلى سياسيين ولا إلى رجال دين في ظل هذا النفق الطويل المظلم المغرق بالسوداوية، فقط يبحث عن ضمائر ترحم، وتنقذه من هذا الفراغ المدمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..