تزامن التعطيل الأخير لولادة الحكومة مع سلسلة من التطورات المالية الدراماتيكية
 

الحكومة أصبحت مبدئياً أمراً نافذاً، فالتشكيلة كانت جاهزة منذ شهر، ولم يكن ينقصها سوى الوزير السني السادس ليكتمل "عقد الثلاثين"، واللبنانيون تنفسوا الصعداء إيذاناً بقرب الولادة حيث باتت الأمور تتجه نحو الايجابيات، المراسيم تتحضر في القصر الجمهوري، وتنتظر إسقاط الأسماء على الحقائب.

ستكون الحكومة الجديدة في عطلة نهاية الأسبوع على أبعد تقدير، وتُتخذ الصورة التذكارية ، تنعقد جلسة تشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري، تبدأ عملية التسليم والتسلم في الوزارات وتنطلق الحكومة في ورشة العمل.

تزامن التعطيل الأخير لولادة الحكومة مع سلسلة من التطورات المالية الدراماتيكية، داخلياً ودولياً، فعلى المستوى الداخلي: حصل ضغط على الليرة اللبنانية، وفي محاولة لتهدئة الأسواق بدأت المصارف بإغراء المودعين من خلال إعطائهم فوائد مرتفعة على الليرة اللبنانية. لكن هذه الحركة المالية، وإن أدت الى بعض التهدئة، لكنها لم تؤدِ الى الهدوء الحقيقي، فما أن هدأت الأسواق المالية الى حين، حتى تلقى لبنان ضربتين قويتين: الأولى من خلال تقرير "موديز" للتصنيفات الإئتمانية، والثانية من خلال تقرير "فيتش"، والتقريران يلتقيان عند اعتبار لبنان انتقل من تصنيف مستقر الى تصنيف سلبي.

إقرأ أيضًا: ما الهدف من إثارة «إسرائيل» مسألة الأنفاق وتعديل الـ1701؟!

ماذا يعني هذا الأمر؟ 

يعني أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في تشكيل الحكومة بل في الأداء العام لمواجهة التعقيدات على العكس من ذلك، حكومة تصريف الأعمال ستترك تركة ثقيلة للحكومة الآتية: ستترك معضلة سلسلة الرتب والرواتب التي تم إقرارها ليُكتشف في ما بعد أنه ليس بالإمكان تغطيتها إلا بالديون، والسبب في ذلك يعود إلى أن أرقام كلفتها اختلفت بين التقديرات وبين الكلفة الحقيقية. كما ان أعداد المستفيدين منها لم تكن دقيقة أيضاً بين التقديرات والرقم الحقيقي وأن مصادر تمويلها لم تكن على قدر الطموحات.
 
ستترك ملف التلوث الذي حوّل البلد، براً وجواً وبحراً وأنهراً، الى حاوية كبيرة للنفايات، ووضع لبنان في المرتبات الأولى لجهة تلوث حوض البحر الأبيض المتوسط.

ستترك مشكلة التقنين القاسي للكهرباء والذي جعل اللبنانيين يعيشون تحت رحمة أصحاب المولدات، وهذه المشكلة يبدو أنها ستبقى من دون حل حتى إشعار آخر. 

إقرأ أيضًا: البلد في أزمة وتقرير «موديز» جرس إنذار

ستترك الكثير الكثير من الملفات، لكن وبما أنه مع حكومة جديدة لا بد من تغليب التفاؤل على التشاؤم، فإنه لا بد من إعطائها فترة سماح، ولكن لا بد أن تأخذ الحكومة بعين الإعتبار المعطيات التالية.

وجوب الإقلاع عن ترف إضاعة الوقت عبر سجال البيان الوزاري الذي لا يقدم أو يؤخر ويبقى حبراً على ورق، ولا يعود أحد إليه طوال عمر الحكومات.

وجوب عدم إضاعة الوقت في الجلسة النيابية العامة لمنح الحكومة الثقة، فالحكومة هي عبارة عن "مجلس نواب مصغر" حيث أن كل الكتل ممثلة فيها، فمن سيعارض الحكومة في هذه الحال؟ 

المهم، ودائماً على قاعدة التفاؤل، أن تُقلع الحكومة ليستطيع البلد أن يتنفس ويعوّض التعطيل الذي رافق تعقيدات عملية التأليف على مدى مدى سبعة شهور.