لم يعد خافياً على اللبنانيين أن السير في تشكيل الحكومة يحتاج مباركة المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية وهو السيد حسن نصر الله
 

لم يُطفئ الرئيس المكلف محركاته في تشكيل الحكومة إلا عشيّة خطاب السيد حسن نصر الله، الذي خرج على اللبنانيين بقوله إن على الرئيس المكلف واجب استقبال ستة نواب سنة جُمعوا على عُجالةٍ من أمرهم واستيقظ فيهم الحق بضرورة المطالبة بحقوقهم المغبونة من الحريري الذي يحتكر تمثيل السنة ولا ننسى أنه رفع إصبعه السبابة وتوعد بعدم التواضع في المطالب آنذاك.

سبق هذا الموقف عودة الرئيس سعد الحريري من المملكة العربية السعودية التي كانت منشغلة للتّو في حادث مقتل (الخاشقجي)، وكأنه تُرك للحريري تقدير مصلحتهِ في التشكيل، فعاد إلى لبنان متفائلً بسرعة التشكيل ولم تكن  سوى عقدة القوات قد بقيت لديه آنذاك فذهب عارضاً و ملوّحاً بحكومة مؤلفة بمن حضر، حينها فاجأ حزب القوات اللبنانية الجميع بأنه لا يُستفز و قَبلَ بما طرح عليها غير آبهَ بحجم الوزارة و لا بوزنها، معتبراً أن الوزن يصنعه، البرنامج والحزب والشخص بعد قرار القوات بالمضي ظهر على الساحة الحكومية أرنب التعطيل والسبب يكمن أولاً في ان المصلحة وقتها هو إرباك الوضع اللبناني وتعطيل التشكيل، يعطي لإيران ويمكنّها بالمضي في تفاوض يجري سراً في كثير من الأحيان وعلناً في بعضها.

وثانياً، إن المطالبة بما أُنجز في سوريا من دحر للمعارضة السورية وإبقاء النظام الحليف الذي ضحى حزب الله بالغالي والنفيس من أجل بقاءه، لذلك فإن الرابح لا يريد أن يتواضع في أخذ ما يراه حقا للمنتصر.

إذاً لم يعد خافياً على اللبنانيين أن السير في تشكيل الحكومة يحتاج مباركة المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية وهو السيد حسن نصر الله. عندما فهم الحريري أن التعطيل مفتعل، حاول أن يلعب معهم لعبة حافه الهاوية ووضَعَهُم أمام اللبنانيين بوصفهم المعطلين ولا يخفى أن الأوضاع الاقتصادية المتردية أصلاً وأن التعطيل زادها تأزماً حتى بدأنا نشهد تداول الدولار ب 1525 ل.ل. أي أن مؤشر انهيار العملة الوطنية يلوح في الأفق وأنها مرشحة للانهيار في أي لحظة، وتصورات جدية بأن البلاد ذاهبة أزمة حقيقية وسوف يكون موقف حزب الله بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير.

إقرأ أيضًا: إلى من أراد الإصلاح والتغيير في لبناننا ! هل يعلم حجم مأساتنا؟

لكنَّ لعبه شدّ العصب هذه، ربح فيها الحريري نفسه الذي لم يغلق الباب ولم يفتحه ورفض استقبال النواب الستة السنة ونجح في معركة كسر الإرادة ولم يعطِ الفرصة لنصر الله بكسره مجدداً فالمتضرر ليس هو فحسب  بل حزب الله أكثر الخاسرين إذا ما بقيت الأمور على ما هي عليه.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن كثيراً من الأفكار رُفضت ليس أولها محاولات الوزير جبران باسيل فرضه أفكاره التي تخرج التشكيل من نفق التعطيل، ولكن كان للرئيس نبيه بري كذلك مساهمات لم تلقى آذان صاغية. فما الذي تبدل بين ليلة وضحاها حتى كُلّفَ اللواء عباس ابراهيم في المهمة التي أُفشل بها الرئيس بري والوزير باسيل و كلاهما حلفاء لحزب الله؟

من المؤكد أن تكليف ابراهيم ليس للتفاوض وانما لتثبيت الحل الذي سلّفه به حزب الله مسبقاً، والذي أقنع نوابه الستة بضرورة عدم المضي بالتعقيد لأن الأمور لم تعد لصالحهم بالتعطيل، حيث أن تفاوضاً جديداً بدأ بنيران والغرب وإيران تدير ملفاتها التفاوضية بطريقة  أسهمت بإنجاح الحوار حول اليمن والحديدة تحديداً وهي اليوم تسهم بإعطاء الضوء الأخضر للإنتقال إلى الخواتيم السعيدة للحكومة.
 
إذاً تحت وطئة الازمة الاقتصادية الخانقة وانطلاق المفاوضات الإيرانية مع الغرب وأميركا، وانتظار الجلسة في مجلس الامن حول الأنفاق وما يمكن ان ينتج عنها من تأجيج للضغوط على حزب الله، ومن أجل ذلك أصبحت مهمه اللواء ابراهيم ليست محاولة وانما أمر تبلغ به الجميع وأن زرّ التعطيل الذي استعمله حزب الله قد تبدل وأُعطي اللواء هدية إنتاج الحكومة على يديه كعربون يُحضّر به للوصول الى رئاسة المجلس النيابي بعد عمر طويل لدولة الرئيس نبيه بري.