هل الزيارة هي تطبيع مع النظام السوري بحلته القديمة أم مع نظامٍ سوري جديد قادم؟
 

زيارة مفاجئة للرئيس السوداني عمر البشير إلى العاصمة السورية دمشق ، إلتقى فيها بالرئيس السوري بشار الأسد، لأول مرة منذ العام ٢٠٠٨ حين إنعقدت القمة العربية في سوريا حينها.

وتُعتبر خطوة البشير مهمة وصادمة في الوقت عينه، كون سوريا مطرودة من الجامعة العربية بعد إندلاع الحرب الأهلية فيها عام ٢٠١١، وبالتالي فإن معظم الدول العربية وعلى مستوى الرؤساء بالأخص كانوا في قطيعة تامة مع الأسد وكان الإتصال به يُعدّ تهمة وخيانة.

ورغم أن النظام في سوريا إستطاع في السنوات الثلاث الأخيرة تحقيق خرق في محيطه العربي، سواء عبر لقاءات علي المملوك في الرياض أو المصافحة بين وزيري الخارجية السوري والبحريني أو التواصل بين الأجهزة الأمنية السورية والمصرية وزيارات بعض الوزراء اللبنانيين للعاصمة دمشق، إلا أن زيارة البشير تكتسب أهمية أكبر كون الضيف هو رئيس بلد عربي، وهي أول زيارة لرئيس عربي منذ أحداث ٢٠١١.

إقرأ أيضًا: هل يُريد الشيوعي تغيير النظام حقًا؟

إذ أن زيارة البشير تأتي في سياق زمني تقاطعت فيه عدة أحداث، من كلام وزير الخارجية التركي الملتبس عن إمكانية التكلم مع الأسد في حال نجاحه بإنتخابات ديمقراطية والذي أوضحه فيما بعد بأنه نُقل بطريقة خاطئة ورغم كلام أردوغان التصعيدي في اليوم الثاني عن الأسد، إلى بدء التجهيز للعملية العسكرية التركية ضد الأكراد وتكرار كلام دمشق عن رفض إعطاء الأكراد حكم ذاتي أو فيدرالي ما يشكل تقاطعاً مع الموقف والمصلحة التركية، وصولاً إلى كلام وزير الخارجية السعودية ووصفه المجموعات التي تقاتل في سوريا بالإرهابية وليس إنتهاءاً بالتقارير التي تتحدث عن عودة فتح بعض القنصليات والسفارات كالإمارات في العاصمة السورية دمشق.

لكن الأهم هو أن البشير يزور دمشق وهو عضو أساسي في التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن، وكانت علاقته بإيران قد تدهورت في السنين الماضية، لذلك فهو قريب حالياً إلى السعودية، وفي الوقت نفسه يقوم بهذه الزيارة، ما يُعطي إنطباعاً أن السعودية ومعها المنظومة الخليجية ومصر غير مستاءة من الزيارة وربما بالتنسيق معها، وهذا ما بدا جلياً في غياب أي تعليق رسمي من هذه الدول على زيارة البشير.

إقرأ أيضًا: تجربة الربيع العربي الناجحة ... تونس تُساوي بين المرأة والرجل

لذلك تأتي زيارة البشير كتوطئة لإعادة التطبيع العربي مع نظام بشار الأسد، وتهيئة للرأي العام العربي لتقبل الفكرة.

أما من الناحية الأخرى، فإن الزيارة ستُفيد النظام السوري إعلامياً وسياسياً، وهي خطوة قوية لبدء كسر العزلة العربية عنه، وستُريحه كثيراً.

لكن تبقى الزيارة محطة ضمن سلسلة أحداث سياسية وإستحقاقات لرسم مستقبل سوريا السياسي، وإلى حينها أشياء كثيرة قد تتغير ، إلاّ أن الأهم من كل ذلك هو هل أن الزيارة هي تطبيع مع النظام السوري بحلته القديمة أم مع نظامٍ سوري جديد قادم يكون الأسد فيه ضمانة لفئة من السوريين ضمن إطار زمني للإنتقال السياسي؟ 

الإجابة عن هذا السؤال محكومة بالتطورات على خط الإتفاق على دستور جديد وتحديد المستقبل السياسي لسوريا ضمن الحلّ النهائي.