هل يجوز في لبنان أن يستمرّ موت الإنسان على أبواب المستشفيات بسبب الفقر وعدم القدرة على دفع المال المسبق لصندوق المستشفى؟
 
وفاة طفل رضيع أمام باب مستشفى في لبنان، أصبح خبرًا عاديًّا في بلدٍ يتغنّى بالخدمة العامّة، الحرّيّات والمساواة بين المواطنين. هذا السلوك لجأت إليه المستشفيات بسبب المافيات التي تسيطر على القطاع الصحّيّ عمومًا، تطول اللّائحة بالنسبة إلى الأطفال الذين توفوا لعدم تمكّن ذويهم من تأمين مبلغ لإدارة المستشفى، فتحوّل عمل المستشفيات إلى فضيحة، ليس فقط في الأداء الوظيفي وما يحكمه أحيانًا من إهمال، إنمّا في غياب أيّ إنسانيّة لدى إداراتها.
 
تُفتح قضية الطفل محمد وهبة، الذي غيّبه الموت  فجر اليوم على باب المستشفى، ملفًا شائكًا حيثُ لا تزال الدولة غائبة عنه ولا تفرض أيّ قوانين مستعجلة وأوامر نافذة تُجبر المستشفيات بعلاج الرضع فورًا، منعًا لتعريضهم لخطر الموت أو تأزّم أوضاعهم الصحّيّة.
 
وفي التفاصيل، فإنّ وهبة الذي يبلغُ من العمر 3 سنوات كان بحاجة لإجراء عمليّة جراحيّة في الدماغ كلفتها 25 ألف دولار، لا تملك أسرته منها فلسًا واحدًا، ودخل قبل 3 أيّام في غيبوبة إستدعت نقله إلى العناية المكثّفة، لكنّ المستشفيات رفضت إستقباله بحجّة عدم وجود سرير ولعدم توفّر تكاليف العلاج لدى ذويه الذين ناشدوا كلًّا من وكالة الأونروا ومؤسّسة الضمان الفلسطينيّ و المعنيين  في الدولة اللبنانية للمساعدة، ولكنّ من دون جدوى.
 
 
ونجحت محاولات الناشطين عبر مواقع التواصل الإجتماعيّ، في الضغط لتأمين سرير لـِ وهبة في وحدة العناية الفائقة بمستشفى طرابلس الحكوميّ، لكنّ كان قد فات الأوان.
 
أغمض وهبة عينيه على ملف الإهمال الطبّيّ الذي ذهب ضحيّته أعداد من اللاجئين الفلسطينيّين، لتقصير الأونروا وإهمال المؤسّسات المعنيّة، حيثُ يشهدُ لبنان على العديد من حالات الوفاة لرفض المستشفيات إستقبال المرضى، إمّا بسبب عدم توفّر المال الكافي، أوّ غير مسجّلين بالضمان الإجتماعيّ، وليس في إستطاعتهم الإشتراك بالضمان الإختياريّ وعليه حُكِم عليهم بالإعدام.
 
تتعدّد التجارب والأمثلة على ذلك وهي لا شكّ أنّها حاصلة وتحصل مع أيّ مواطن، لاسيّما عندما يتوجّه إلى المستشفيات الخاصّة، فيطلب المساعدة من أطباء الطوارئ لحين تأمين المبلغ المطلوب، إلاّ أنّ الأبواب تسدّ في وجهه، بإعتبار أنّ هناك مستشفيات حكوميّة يمكن قصدها. طبعاً، لا يطاول الأمر الفقراء والمواطنين العاديين، فلنتذكر الفنانة الراحلة أماليا أبي صالح التي لم تستطع مُتابعة علاجها في مستشفى الجامعة الأميركيّة إلّا بعد تدخلات رجال الدولة.
 
الحقّ بالصّحّة والطبابة لا وجود له في دولة المؤسّسات، التي لا تحرّك ساكنًا أمام طمع المستشفيات، أمّا السؤال الذي يطرح نفسه، هل يجوز في لبنان أن يستمرّ موت الإنسان على أبواب المستشفيات بسبب الفقر وعدم القدرة على دفع المال المسبق لصندوق المستشفى، أم أنّ الوقت قد حان لتشديد الرقابة والمساءلة والمحاسبة بحقّ كلّ مقصرّ أو دخيل على مهنة الطبّ؟؟