الرهان على عودة تجربة المُجرّب فيها الكثير من الشكوك في إمكانية مواجهة الحاضر وبلوغ المستقبل بأقل الخسائر وبأمان
 
أن ينزل الشيوعيون وبقايا حزبهم إلى الشارع تعبيراً عن سخط الناس على أزمات مفتوحة لأمر طبيعي ينسجم مع أفكار النازلين الشيوعيين ممن أبعدوا أو أقصوا عن الساحة السياسية نتيجة أسباب متعددة استسلمت لها منظمة الحزب بعد أن أخفقت في تجربة نضالها المرّ منذ التأسيس وحتى لحظة الإنكفاء بقرار سوري باعتبار أن الحزب كان من  طلائع حلفاء منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الرئيس ياسر عرفات الخصم الشخصي والسياسي  للرئيس حافظ الأسد .
 
ليست المرة الأولى التي يقرّر فيها الحزب النزول الى الشارع لمواجهة السلطة ولكن أيّ سلطة ؟
 
سؤال لم يُجِبْ عنه الحزب طيلة تخبطه بمواقف داخلية وخارجية غير مستقرة وإن كان مائلاً كل الميل الى محور الممانعة والمقاومة في رفض فريق 14 آذار والرجوع عن تأييد الثورة السورية لصالح التمسك بنظام الأسد الذي شطبهم من الوجود الفعلي وجعلهم خارج المعادلة وعلى هامش الحياة السياسية .
 
 
رفض الحزب في الانتخابات النيابية وخاصة في الجنوب التعاطي مع الشخصيات و الأطراف البعيدة عن حزب الله والتي تكمن العداء المتبادل وحرصت منظمة الحزب على التعاطي مع أصدقاء الحزب أو ممن لا يرمون محور الممانعة بحجر .رغم أن الحزب نفسه لم يضم يسارياً واحداً ولا شيوعياً إلى اللائحة الانتخابية ومع ذلك لم يتردّد الحزب الشيوعي في اتباع أقدام الحزب خطوة خطوة ودون احتساب مكتفياً بما يجمع بينهما من صلات معروفة و أخرى غير معروفة تمسك بسياسة الحزب وتلتقط أنفاسه .
 
من هنا ثمّة من يرى أن الحزب الشيوعي وفي كلّ مرة ينزل فيها الى الشارع تكون مطلباً أساسياً لمحور الممانعة وفي هذه المرّة كان المطلب واضحاً وفاضحاً لجهة الضغط على الرئيس المكلّف غير الممانع والمصرّ على التعاطي مع " المقاومة " بدون ممانعة رغم ما يعتصر العلاقة بينهما من ألم لا يندمل جرحه .
 
وكان واضحاً أيضاً لجهة طنين ذكور نحل محور الممانعة الذين تقدموا مسيرات شارع الحزب الشيوعي في إحياء منهم لتاريخ بعضهم اليساري ولتأكيد حرصهم على تفجير المكبوت ولكن بحركة ملقوطة ضدّ تفاهمات الرؤساء والتي أثبتت حتى الآن إمكانية صمودها بوجه ضغوطات الممانعين من توزير جمع شمل نواب سُنة الى حادثة الجاهلية مروراً بالعصف المأكول ما بين كتلة المقاومة ورئيس الجمهورية وكان يتبادر للذهن أن ثمّة دعوة الى عودة اليسار إلى مسؤوليته التاريخية في تحمل أعباء مواجهة السلطة وكلفة النضال لتحصيل الحقوق السياسية والاجتماعية ودفع البلاد والعباد الى شروط أفضل بعد أن ضاقت سُبُل الانفراجات وباتت الأزمة خانقة ولا ينجو منها سوى أصحاب السلطة .
 
حتى الآن ورغم تبعثر تجمعات منظمة الحزب وخروج قيادات الصفّ الأول ومعهم رفاق تاريخيين إلى خارج أطر الحزب وبعد سقوط محاولات عديدة للمّ ما بُعثر وتوحيد صفوف الشيوعيين مجدداً تحت سقف حزب ماركسي - لينيني كما يفترض أن يكون لا حزباً شيوعياً غير محكوم من قبل الأفكار الماركسية كما يشير الشيوعيون المعترضون داخل الحزب وخارجه على سياسات قيادات الحزب في الأطر المسؤولة .
 
يبدو أن الرهان على عودة تجربة المُجرّب فيها الكثير من الشكوك في إمكانية مواجهة الحاضر وبلوغ المستقبل بأقل الخسائر وبأمان وهذا ما يعزي المؤمنين بصحوة يسارية غير طائفية وغير مذهبية وهذا ما ينعش النظام الطائفي في لبنان وهذا ما يكرّس بقاء الطبقة السياسية نفسها في السلطة وفي المعارضة وفي آن معاً .