أهمية سامي علوية، أنه يأتي في زمن عزّ فيه وجود مسؤول نظيف
 

يعرف من يتفضل بقراءة ما أكتب، كم أنا كاره للتملق والتزلف والمديح، بالخصوص أمام مسؤول يقوم بواجباته وما يفرضه عليه موقعه الذي هو فيه، ولطالما عبّرت عن امتعاضي الشديد من يافطات الشكر والإمتنان، لنائب هنا أو مسؤول هناك على تزفيت زاروب أو حجر أساس لمشروع لا يرى النور بالغالب الأعم. 

تجدني الآن مضطراً للخروج عن مساري النقدي، وعن إشهار سوط الموقف والتلذذ بسماع لذعته على ظهور الفاسدين واللصوص والسارقين كل بحسبه وموقعه.

إستطاع المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني الدكتور سامي حسن علوية، وهو المعيّن منذ أشهر معدودات، ولا أعرفه شخصياً وهو المنتمي سياسياً لحركة أمل التي أعارضها أيما معارضة، إستطاع أن يلوي قلمي احتراماً وأن يفرض عليّ كتابة مقالة لم أعتد على سياقاتها.

إقرأ أيضًا: على ماذا يراهن جبران باسيل؟

ما فعله ويفعله علوية، ليس فقط أنه يضرب بيد من صدق، ويسهر على إنقاذ الليطاني من دون أن يأخذه لومة فاسد، وهو الذي ادعى على كل المخالفين والملوثين بغض النظر عن خلفيتهم السياسية والمذهبية ابتداءاً من البحر حيث مصب النهر ووصولاً حتى النبع، الأهم من هذا (بنظري) أنه فضح بسلوكه الإصلاحي كل أدعياء محاربة الفساد الذين هبّوا هبّة رجل واحد لإنقاذ صاحب معمل ميموزا الحائز على جائزة وزير الصناعة منذ أسابيع.

لعل أهمية سامي علوية، أنه يأتي في زمن عزّ فيه وجود مسؤول نظيف، أو على الأقل إن وُجد مثله فلا يتمتع بجرأته وإقدامه وتحديه لقوى الأمر الواقع، وأنا على يقين أن حجم الضغوط الهائلة التي تُمارس عليه لا يتحملها إلا رجل امتحن الله قلبه بالإصلاح وتربى في مدرسة الإمام موسى الصدر الذي كان يصدح بها كما الأنبياء والأولياء.

إقرأ أيضًا: أهل الجنوب والنفق والنفاق

شعرت أن من واجبي كمواطن ومتابع أن أتصل بهذا الرجل وأشدّ على يديه، وأنا ابن ضيعة ليطانية (على ضفاف الليطاني)، وأن أُعبّر له عن تضامني وكم يمّثل لنا بأدائه من شعاع نور في هذا الليل البهيم الذي يلفّ بلدنا من أقصاه إلى أقصاه، فصدمني بتواضع صوته وعبارته التي رددها مراراً: "عزيزي أنا لا أقوم إلا بواجبي"، حتى أنني شعرت لوهلة وكأنني أتحدث مع موسى الصدر.

ختاماً، ومن موقعي المعارض لحركة أمل، ومن موقعي المعارض للرئيس نبيه بري، لا يسعني في هذا المقام إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل لحركة أمل وللرئيس بري على حسن اختيارها على أمل الإستمرار بهذا السلوك.  

لأن محاربة الفساد لا يكون بكثرة الخطابات، ولا هو شعار يُرفع قبيل الإنتخابات ليُنسى بعده.