نجحت ضغوط دولية شهدتها الساعات الأخيرة من مشاورات السويد في توقيع الفرقاء اليمنيين على مسودة اتفاق حول الحديدة وموانئها الثلاثة.
 
يأتي هذا فيما يقول خبراء إن الضغط العسكري للتحالف العربي والقوات الموالية للحكومة دفع المتمردين إلى القبول بتهدئة منعا لأي تطورات غير محسوبة على المستوى العسكري.
 
وقالت مصادر سياسية لـ”العرب” من ريمبو شمال العاصمة السويدية ستوكهولم حيث اختتمت مشاورات السلام اليمنية، الخميس، إن وصول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت إلى مقر المشاورات ساهم في خلق حالة توافق جزئية حول مدينة الحديدة ومينائها إضافة إلى ميناءي الصليف ورأس عيسى.

وعقد هانت فور وصوله إلى السويد اجتماعا مع وفدي الحكومة والحوثيين جاء وفقا لحساب وزارة الخارجية البريطانية على تويتر “للتأكيد على ضرورة مواصلة جميع الأطراف الجهود للوصول إلى حل سياسي”.

ويكشف الدور الذي لعبه هانت في توقيع الاتفاق عن أهمية الملف اليمني بالنسبة إلى بريطانيا في وقت ترك بلاده وسط أزمة بريكست المتصاعدة من أجل المشاركة في المشاورات اليمنية.

وعبر هانت عن سعادة بلاده التي رمت بثقلها في المشاورات، بتوقيع الاتفاق الذي وصفه بأجمل هدية تقدم إلى البريطانيين في أعياد الميلاد.

وقال “اجتمعت بكلا الجانبين، وأعتقد أن كليهما أعربا عن بعض الأمل بأن هناك ثقة بإمكانية إحراز تقدم“.

وقال “اجتمعت بكلا الجانبين، وأعتقد أن كليهما أعربا عن بعض الأمل بأن هناك ثقة بإمكانية إحراز تقدم“.

وينص اتفاق الحديدة على وقف شامل وفوري للعمليات العسكرية في محافظة ومدينة الحديدة وإعادة انتشار القوات بإشراف الأمم المتحدة ولجنة تنسيق مشتركة، بما يضمن انسحاب الحوثيين إلى خارج حدود مدينة الحديدة ومينائها وميناءي الصليف ورأس عيسى، وستخضع الموانئ الثلاثة لإشراف رئيسي من قبل الأمم المتحدة في جانب الدعم وتفتيش السفن.

ويمنح الاتفاق الأمم المتحدة دورا رئيسيا ومحوريا في تنفيذ ومراقبة كافة بنود الاتفاق إضافة إلى دور مهم في إدارة المدينة والإشراف على الموانئ الثلاثة.

ولفت خبراء ومحللون سياسيون إلى أن توقيع الحوثيين على اتفاق بحجم الحديدة ليس إلا  محاولة لاستثمار الاتفاق في التقليل من خسائرهم السياسية والعسكرية وتوفير انسحاب آمن لميليشياتهم من المدينة.

ويدعم وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش هذا الخيار بالقول إن الاتفاق جاء نتيجة للضغط العسكري الذي مارسته قوات التحالف العربي والقوات اليمنية على الحوثيين في الحديدة.

وكتب السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر على تويتر معلقا على اتفاق السويد “أفضت جهود التحالف إلى إرغام الحوثيين على الجلوس حول الطاولة مع الحكومة اليمنية في مشاورات السويد”.

ووصف وزير الخارجية اليمني ورئيس الوفد الحكومي خالد اليماني اتفاقي الحديدة وتبادل الأسرى بأنهما افتراضيان بانتظار تنفيذ الحوثيين لهما.

وأكد اليماني أن الجولة الأولى من المشاورات أفضت إلى تحقيق أولى الخطوات نحو السلام المستدام، واصفا الاتفاق بـ”المهم”.

لكنه قال “لأول مرة تقبل الميليشيا الحوثية بالانسحاب من الحديدة والصليف ورأس عيسى، وبهذا الاتفاق سنوفر من الحديدة مشروعا مستقبليا لإنهاء الانقلاب”.

وعلق رئيس الوفد الحوثي محمد عبدالسلام على اتفاق الحديدة قائلا “أهم ما تم التوصل إليه وقف إطلاق النار في المدينة ومينائها ورأس عيسى والصليف وإعادة انتشار مشترك بحيث تكون الأمم المتحدة مشرفة على الحديدة”.

وأضاف “سيكون هناك تعزيز للأمم المتحدة في الممرات الإنسانية إضافة إلى مطاحن البحر الأحمر في الحديدة”.

يتضمن الاتفاق إزالة المظاهر المسلحة في مدينة الحديدة ووقف استقدام أي تعزيزات جديدة من قبل الطرفين، والسماح بحرية تنقل البضائع والمدنيين والشروع في فتح الممرات لتدفق المساعدات الإنسانية.

كما ينص على إيداع جميع إيرادات الموانئ في البنك المركزي، للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في الحديدة وجميع أنحاء اليمن، وتولي قوات محلية إدارة الملف الأمني في المدينة بالتعاون مع السلطة المحلية وإشراف الأمم المتحدة.

ويشتمل الاتفاق على العديد من الإجراءات الميدانية التفصيلية من بينها انسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى إلى شمال طريق صنعاء خلال مدة 14 يوما من الاتفاق وإعادة انتشار القوات الحكومية جنوب الخط، فيما تكمل قوات الحوثيين انسحابها الكامل من الحديدة في المرحلة الثانية إلى مواقع خارج حدود المدينة الشمالية خلال 21 يوما من الاتفاق.

وينص الاتفاق على أن مسؤولية أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى تقع على عاتق قوات الأمن وفقا للقانون اليمني، بحيث يتم احترام المسارات القانونية للسلطة وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها بمن فيها المشرفون الحوثيون.

ويعتزم مارتن غريفيث عرض نتائج مشاورات السويد على اجتماع مجلس الأمن، الجمعة، لحشد التأييد للاتفاق الذي من المحتمل أن يتعرض لعراقيل عديدة في مرحلة التنفيذ.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن الاتفاقات الموقعة في ختام مشاورات السويد، خطوة هامة ستسهم في تحسين الظروف المعيشية للملايين من اليمنيين، مضيفا “لدينا فرصة هامة وأعتقد أن الأطراف اليمنية حققت تقدما حقيقيا في مشاورات السويد”.

وعن الملفات العالقة أضاف غوتيريش “لم نصل إلى حل في القضايا المتعلقة بالمطار والملف الاقتصادي وركزنا على الحديدة لأهميتها الاستراتيجية ولرمزيتها”.

ونجحت مشاورات السويد في التوصل إلى اتفاقات أخرى حول ملف الأسرى وملف مدينة تعز التي تم الاتفاق على مرور المساعدات والمواد الإغاثية إليها من خلال الممرات التي يسيطر عليها الحوثيون.