بات يعرف جيدا أن الرهان على الأحزاب لم يعد مجديا ولم يكن مجديا أصلا، والرهان على الطائفة ومؤسساتها أيضا كذلك لان مؤسسات الطائفة خارج مهامها ومسؤولياتها، وأن الرهان على الزعماء لا يزيد المنطقة إلا مذلة
 

كلامٌ كثير  قيل و ما زال يقال عن الأزمة في منطقة بعلبك الهرمل بين المطلوبين من العائلات والعشائر من جهة والجيش اللبناني من جهة ثانية، ولأن هذا المشهد يتكرر دائما وربما بشكل شبه يومي والضحية دائما هي جنود الجيش اللبناني ومدينة بعلبك ومحيطها  حيث باتت مسرحا يوميا  للسلاح العشائري الذي لم يعد يتورع عن استهداف الجيش بشكل مباشر.

لقد كان الجيش وما زال ضمانة الأمن والاستقرار في كل لبنان، وكانت المؤسسة العسكرية وما زالت عنوانا للوحدة الوطنية وربما المؤسسة الوحيدة في هذا الوطن التي بقيت خارج الأحزاب والتيارات والاصطفافات السياسية، وهي تقوم بدورها في مختلف المناطق  اللبنانية، لكنها في البقاع تصطدم دائما بمجموعات خارجة عن الدولة والقانون تحت الغطاء العائلي والعشائري الأمر الذي يؤدي إلى المزيد من الفوضى والدماء وكان آخرها يوم أمس حيث سقط للجيش شهيد وعدد من الجرحى.

إقرأ أيضًا: طار البلد ليست أغنية فقط!!

إن استمرار الوضع القائم على ما هو عليه لن يؤدي إلا إلى المزيد من الفوضى ولن يؤدي إلا إلى المزيد من الدماء وبالتالي فإن الركون إلى هذا الواقع بات مدعاة للتساؤل، أين أحزاب المنطقة مما يجري خصوصًا حزب الله وحركة أمل؟ أين العقلاء في هذه العشائر والعائلات؟ أين نواب المنطقة مما يحدث ولماذا هذا الصمت من الجميع؟ هل قُدّر للبيئة الشيعية هذه وفي منطقة بعلبك الهرمل تحديدا الاستمرار في هذه الفوضى؟  ولمصلحة من؟ 

الأسئلة مبررة عندما بلغ الصمت حدود اللامبالاة وحدود الاستهتار بدماء الناس ودماء الجيش اللبناني من جهة، وبغض الطرف عن الفوضى الذي يتسبب بها مجموعة من المطلوبين من زعران العشائر من جهة ثانية.

هل أصبحت  في نظر هؤلاء المؤسسة العسكرية رخيصة إلى هذا الحد؟ هل يجب أن تكون منطقة  بعلبك الهرمل مسرحا دائما للفوضى والدماء والإعتداءات على الجيش اللبناني؟

إقرأ أيضًا: صورة النائب وتضليل الرأي العام

في المشهد الآخر إن أهالي بعلبك الهرمل يطالبون دائما بالدولة وبالأمن، بدولة المؤسسات والقانون  ولكن عند أي مهمة للجيش تنتفض المنطقة كلها ضد الجيش، وذلك يعني وجود أزمة حقيقية لدى كثيرين، هذه الازمة هي في فهم فكرة الدولة،  وفي فهم معنى دولة القانون والمؤسسات، ولا يمكن لأي عاقل أن يطالب بالدولة وفي نفس الوقت يرفض فكرة تطبيق القانون .

مما لا شك  فيه أن هذه المنطقة ما زالت تعاني على كل المستويات وان الإهمال بلغ مداه الاقصى ولكن وبأي شكل من الأشكال لا يمكن الركون إلى فوضى السلاح والقتل والاعتداء على الدولة ومؤسساتها وفي مقدمها المؤسسة العسكرية، لأن ذلك  ليس خيارا بل هو قرار وإرادة وإن الإنتماء للدولة ومؤسساتها هو وحده سبيل الخلاص. 

البقاعي بات يعرف جيدا أن الرهان على الأحزاب لم يعد مجديا ولم يكن مجديا أصلا، والرهان على الطائفة ومؤسساتها أيضا كذلك لان مؤسسات الطائفة خارج مهامها ومسؤولياتها، وأن الرهان على الزعماء لا يزيد المنطقة إلا مذلة، ولذلك فإن الحل الوحيد هو منطق الدولة ومؤسساتها، هو دولة القانون والرهان الوحيد  على العقلاء من اهالي المنطقة والعائلات بكل مكوناتها في صناعة قدر جديد قدر حر يحمي المنطقة وأهل المنطقة من كل هذه الفوضى.