هذه الضغوطات التي ترزحُ على صدر اللّبنانيّين قبل غيرهم وعلى إقتصادهم الذي يترنّحُ من خلال غرقه وأقطابه بالفساد المنظّم، الذي يُحمّل الدّولة والمواطن اللّبنانيّ أعباء سوف تنفجرُ قريبًا
 

إستعراض حزب الله  لقوّته في الدّاخل اللّبنانيّ بعدما إعتبرَ أنّ زمن التواضع قدّ ولّى وجاء زمن صرف الإنجازات التي تحقّقت له من خلال تدخلاته في أمصار عربيّة خارج الجغرافيا اللّبنانيّة.


وبدا ذلك من خلال إفتعاله لقضيّة توزير أحد النوّاب الستّة السنّة الذين وصلوا إلى الندوة البرلمانيّة خارج دائرة الحريريّة السّياسيّة، وما يُشكّل هذا الأمر من ضغط يُمَارس على الرئيس المكلّف في تشكيل الحكومة العتيدة، بالإضافة إلى وقوفه الى جانب وهّاب في زوبعته التي إفتعلها وهو قد صنع لها ولأمثالها في أقبية المخابرات السوريّة والتي إستعملت كثير من مواقفه الهابطة وخطابه السّياسيّ في هذا السياق.

هذا الوقوف من قبل حزب الله لا يُقدّم له قيمه إضافيّة بل على العكس بدا وكأنّه يمسك بكلّ عكاكيز النّظام السوريّ، وهو أيّ "حزب الله"  الذي يرصدُ تحرّك القوى الدّوليّة والإقليميّة التي تتربّص به الدوائر للإيقاع به تارةً في فخّ العوز من خلال الحصار الماليّ والإقتصاديّ له ووضع كلّ من يتعامل معه ماليًّا على اللّائحة السوداء المصرفيّة وما يعني ذلك من تجميد لِحركاته المصرفيّة، يُضاف إلى ذلك العقوبات التي بدأت تشكّلُ ضغطًا مباشرًا على الإقتصاد الإيرانيّ الدّاعم له والذي بدأت تظهرُ عليه علامات التأفّف مع عودة طائرة وزير الخارجيّة الإيرانيّ ظريف وعدم تزويدها بالوقود من مطار بيروت وإسطنبول، إلّا أنّ الصورة تجعلُ النظام الإيرانيّ يندفع أكثر إلى تأزيم الأوراق في وجه الإتّحاد الأوروبيّ والمجتمع الدّوليّ الذي يأمل أن يكون له عونًا مُقابل التصلّب الترامبي الأميركيّ وإدارته، وقد سمعنا أنّ إيران بالأمس تُهدّد بإستعمال الممرّ الإيرانيّ لوصول الكميّات الأكبر من المخدّرات الأفغانيّة عبر أراضيها، إذا ما إنشغلت إيران عن مُحاربة هذه الآفة سلك الجزء الأكبر من المخدّرات عبر الأراضي الإيرانيّة إلى أوروبا، إضافةً إلى التهديد بوصول المتطرّفين إلى الحدود مع أوروبا فضلًا عن قوافل المُهاجرين غير الشرعيّين إلى القارة البيضاء، هذه الإستراتيجيّة التي تخشى منها أوروبا وقد أتت أُكلُها من قبل حكومة أنقرة عندما إستعملت المهاجرين وتدفّقهم إلى أوروبا ليكون عاملًا مساعدًا ضاغطًا على التأثير على مواقف الأوروبيّين لصالحها.

إقرأ أيضًا:"بعد اعتذار الحريري: ميقاتي خارج المزاج السنّي.. والمشنوق يتحضّر"

كلّ هذه الأوراق مُضافةً إلى ورقة حزب الله وأوراقه اللّبنانيّة منها في الضغط على المشهد الحكوميّ والإقتصاديّ ظنًّا منّه أنّه يُضيفُ إلى الّلاعب الإيرانيّ أوراق إضافيّة تؤمّن له تفاوضًا من موقع القوّة مع الأوروبيّين والأميركيّين.
 لكنّ هذه الضغوطات التي ترزحُ على صدر اللّبنانيّين قبل غيرهم وعلى إقتصادهم الذي يترنّحُ من خلال غرقه بالفساد المنظّم الذي يُحمّل الدّولة والمواطن اللّبنانيّ أعباء سوف تنفجرُ قريبًا في وجه السلطة وأقطابها، إذا لم يُعمل على المسارعة في تشكيل حكومة تتصدّى للأزمات الإقتصاديّة.


 كلّ هذه المشاهد لا تغيب عن متابعة حزب الله يُضاف إليها الدعاية الإسرائيليّة لإفتعال حرب أوّ حشد الأضواء في مواجهة حزب الله ومع ذلك فإنّ حزب الله لا يقوم بما كان يقوم به إبّان حرب  تموز 2006، من تقوية الجبهة الداخليّة من خلال الحوار الوطنيّ آنذاك أوّ التواصل مع كلّ الأطراف اللّبنانيّة الشيعيّة منها وغير الشيعيّة وتسوية كلّ عالق معها حتى لا تكون الخاصرة الرخوة لحظة إندلاع الحرب.


حزب الله اليوم لا يُشبه ما كان عليه لحظة إستعداده في حرب 2006 والأسباب كثيرة وقد تكون الحرب القادمة شبيهة بالحرب التي شنّتها إسرائيل عام 1982 على منظمّة التحرير, ووجه الشبه يكمن في الإنقسام على السلاح كما كان الانقسام على السلاح الفلسطينيّ  وقتذاك ونفسه اليوم والعداء للمقاومة والخلاف معها قد كَبُرَ بفضل تدخلاتها في لعبة الأنظمة العربيّة وإنقساماتها.