الجميع يعلم أن أزمة تعطيل الحكومة في مكان آخر
 

العلاقة بين بعبدا وبيت الوسط، ليست على ما يرام في هذه الأيام، لتضاف كأزمة مستجدة، إلى لائحة السلبيات التي تسيطر على الحياة السياسية والوطنية في لبنان، وفي الطليعة تعطيل تشكيل الحكومة وحصار الرئيس المكلف بمطالب وشروط وأعراف على قاعدة إما حكومة بشروط معينة أو لا حكومة، لكن الأخطر في هذه المسألة انغماس البعض فيها تحت مسميات دستورية من دون أن يجرؤ أحد على تسمية المعطلين الحقيقيين.

وهنا، لم ولن يناقش أحد رئاسة الجمهورية في صلاحياتها، وموقعها، فالجميع يريد للرئاسة أن تكون حكماً لا طرفاً، ويحق بداهة، لرئيس الجمهورية أن يمارس كل ما منحه إياه الدستور، ومن ذلك إرسال رسالة إلى مجلس النواب والحال أن لا مفاعيل عملية لها لأن لا صلاحية لمجلس النواب في أي أمر يعود للتكليف الذي يستمر بقوته الدستورية، قبل الرسالة وبعدها. علماً أن الجميع يعلم أن أزمة تعطيل الحكومة في مكان آخر، هذا من جهة، ومن جهة ثانية هناك خوف في ظل أجواء الهيمنة وفرض الشروط والأعراف ولعبة التعطيل والتهديد من توجه للإنقلاب على الدستور من خلال الإنقلاب على الرئيس المكلف.

إن تحويل أزمة تعطيل تشكيل الحكومة من لعبة تمارسها أطراف داخلية لأهداف وغايات وحسابات لا تتصل بالمصلحة الوطنية، إلى أزمة دستورية، ليس فقط تجاوز لأصحاب الحق دستورياً بعملية تأليف الحكومة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، بل إصرار في رمي البلاد بالمجهول، وترتيب مخاطر وأعباء وتداعيات قد تذهب إلى أبعد مما يتصور البعض. وهنا، لا يعفي القول بأن الكلام عن الرسالة لا يعني سحباً للتكليف وإنما إعادة الأمر لمجلس النواب، ذلك أن الجميع دون استثناء يعلم أن عرقلة إنجاز التشكيلة الحكومية لحسابات أخرى، لا دخل للدستور أو الأعراف أو الصلاحيات بها، وهو ما اختصره أحد المتابعين بالقول "في الدستور لا مكان للانقلاب على التكليف، وتالياً لا لزوم لكل الفتاوى والاجتهادات المفتعلة".

بهذا المعنى، وطالما أن لا أحد يريد تسمية المعطلين، فمن غير المقبول تحويل العقدة إلى كلام مكرر وغير واقعي عن حدود صلاحيات رئاسة الحكومة، مباشرة أو تمويهاً، لتطويقه وإضعافه، وعليه كان من الضروري صدور أكثر من موقف من رؤساء الحكومات السابقين وضعاً للأمور في نصابها، زيادة على ما أوضحه مكتب الرئيس المكلف الذي، مع حرصه الواضح على التسوية ومفاعيلها، أكد أن "أي دستور نضعه اليوم في لبنان أو في أي بلد في ظل وجود تصرفات من البعض تخرق الدستور والقانون، لن يكون صالحاً، فالمهم هو احترام الدستور وليس المنافسة على خرقه وخرق القوانين".

إن بلداً يواجه أخطاراً اقتصادية ومالية وحدودية، وفساداً وتجاوزاً للقوانين واستهتاراً بالقضاء وتحدياً للقوى الأمنية، لا يحتمل فوق كل ذلك، دهساً للدستور أو لعباً بالتوازن الوطني.

لذلك نقول بأن الدستور واضح ولا داعي للتذاكي.