الفصل الأخطر في الاشتباك حول تأليف الحكومة، برز على نحو لا لبس فيه أمس، في الموقف العائد للرئيس ميشال عون، وعبر عنه المكتب الإعلامي في الرئاسة الأولى، وجاء فيه: «اذا ما استمر تعثّر تشكيل الحكومة، فمن الطبيعي ان يضع فخامة الرئيس هذا الأمر في عهدة مجلس النواب ليبنى على الشيء مقتضاه».
موقف من هذا العيار، وان ارتكز على المادة 53/د الفقرة 10، ونصها: «يوجه (أي رئيس الجمهورية) عندما تقتضي الضرورة رسائل إلى مجلس النواب»، لم يكن من الممكن ان يمر مرور الكرام، فلاحظ المصدر الرفيع والمقرب من الرئيس سعد الحريري، وفقاً للمكتب الإعلامي للرئيس الحريري بأن الحق الدستوري «لا يصح ان يتخذه البعض وسيلة للنيل من صلاحيات الرئيس المكلف، وفرض اعراف دستورية جديدة، تخالف الدستور ومقتضيات الوفاق الوطني».
هذا المناخ المستجد، اضفى هذا السجال الدستوري، أجواء عمقت أحوال التشاؤم، ودفعت بالأزمة إلى الامام، من دون انقشاع أفق ظهور ما يوحي بأن النفق الحكومي ليس طويلاً.
وعلمت «اللواء» ان سفر الرئيس المكلف إلى العاصمة البريطانية، الثلاثاء المقبل، ما يزال قائماً، وان الارجاء حصل فقط بالنسبة لزيارة فرنسا.
وحذرت مصادر مطلعة من مخاطر رسالة الرئيس عون المزمع توجيهها إلى المجلس، معربة عن مخاوفها من ان تكون محاولة لاحراج الرئيس المكلف وإخراجه، الأمر الذي يدخل البلاد في نفق خطير، على المستويات كافة.
ردّ الحريري
وفي ردّ غير مباشر على البيان الرئاسي، حسم الرئيس الحريري السجال الدائر حول العقد المتعلقة بتأخير تشكيل الحكومة، عبر بيان صدر عن مكتبه الإعلامي وضع فيه النقاط على الحروف حول ما يطرح عن توسيع الحكومة أو توزير أحد نواب سنة 8 آذار، أو توجيه رسالة من رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب، محذراً من محاولات النيل من صلاحيات الرئيس المكلف وفرض اعراف دستورية جديدة تخالف نصوص الدستور ومقتضيات الوفاق الوطني.
ونقل المكتب الاعلامي للحريري عن «مصدر رفيع ومقرب من الرئيس سعد الحريري، تعليقا على تطورات الوضع الحكومي وما استجد عليها من مواقف وتحليلات»، ان الرئيس المكلف «بذل أقصى الجهود للوصول الى تشكيلة ائتلاف وطني تمثل المكونات الاساسية في البلاد، وهي التشكيلة التي حظيت بموافقة رئيس الجمهورية ومعظم القوى المعنية بالمشاركة، ثم جرى تعطيل اعلانها بدعوى المطالبة بوجوب توزير كتلة نيابية، جرى اعدادها وتركيبها في الربع الاخير من شوط التأليف الحكومي».
وقال:ان تعليق عملية التأليف تتحمل مسؤوليته الجهة المسؤولة عن التعليق، وان كل محاولة لرمي المسؤولية على الرئيس المكلف هي محاولة لذر الرماد في العيون والتعمية على اساس الخلل. 
وتابع المصدر: إن موقف الرئيس الحريري من توزير هذه المجموعة النيابية لم يعد سرا، واذا كانت مشاورات الاسابيع الأخيرة قد تركزت على ايجاد مخرج مقبول، يتجاوب مع الصلاحيات المنوطة بالرئيس المكلف ومكانته التمثيلية في الحكومة، فان المسار الذي اتخذته تلك المشاورات لم يصل الى النتائج المرجوة بسبب الاصرار على الاخلال بالتوازن وتقليص التمثيل السياسي للرئيس المكلف، الأمر الذي يضفي على الحكومة العتيدة شكلا من أشكال الغلبة يرفض الرئيس الحريري تغطيته بأي شكل من الاشكال.
واوضح «إن الرئيس المكلف كان صريحا منذ الأيام الاولى للتكليف بانه يفضل العمل على حكومة ائتلاف وطني من ثلاثين وزيرا، وان الاقتراح الذي يطالب بحكومة من 32 وزيرا، هو اقتراح من خارج السياق المتعارف عليه في تشكيل الحكومات، وان اعادة استحضار هذا الاقتراح لتبرير توزير مجموعة النواب الستة»، وإنشاء عرف جديد في تأليف الحكومات أمر غير مقبول، اكد الرئيس المكلف رفضه القاطع السير فيه.
ولفت المصدر الرفيع الى ان مسيرة التعاون بين الرئيسين عون والحريري هي التي شكلت جسر العبور من مرحلة تعطيل المؤسسات إلى مرحلة إعادة الاعتبار لهذه المؤسسات ودورها، مؤكدا بأن الحريري «لن يتخلّى عن تمسكه بقواعد التسوية السياسية التي انطلقت مع انتخاب الرئيس عون، ذلك لأن حرصه على موقع رئاسة الجمهورية واجب وطني لن يتهاون فيه، وان نجاح العهد هو نجاح لجميع المتضررين، معتبرا ان الرئيس المكلف هو أوّل المتضررين من هدر الوقت ومن تأخير تأليف الحكومة، لمعرفته ان حكومة تصريف الأعمال ليست الجهة المخولة أو القادرة على معالجة المشكلات، وان المخاطر الماثلة على الحدود الجنوبية تتطلب حكومة كاملة الصلاحيات، وان بعض المصطادين بالماء العكر الذين يأخذون على الرئيس المكلف تعدد جولاته الخارجية يفوتهم ان الرئيس الحريري جعل من الوقت الضائع الذي استنزفوه في تأخير التأليف وسيلة لحماية المشروع الاستثماري والاقتصادي الذي يراهن اللبنانيون على انطلاقته».
وتزامن بيان الحريري، مع كلام آخر ومواقف اعلنها، خلال استقباله أمس في «بيت الوسط» وفدا من اللقاء التشاوري في إقليم الخروب، أكّد فيها ان «ادارة البلاد لا يُمكن ان تحصل في ظل الخلافات بين أبناء الوطن، بل بالتفاهم والمشاركة والتعاون»، وان «ما يحصل يصب في خانة العراقيل امام تشكيل الحكومة»، لافتا «الى ان المشكلة أصبحت واضحة، ولا أحد يُمكنه ان يختبئ وراء أي أمر يقوم به لهذه الغاية»، مشددا على ان «قناعاته السياسية معروفة وارتهانات غيري مكشوفة».
وفي إشارة إلى ما حصل في الجاهلية إلى السبت الماضي، لفت الحريري ان ما حصل لا يصيب سعد الحريري بل يصيب لبنان، وسأل: «هل اللغة التي سمعها اللبنانيون والعرب تعبر عن صورة لبنان الحقيقية وعن عادات اللبنانيين وتقاليدهم؟ وهل تجسّد الصورة التي نريد اعطاءها للعالم العربي والعالم اجمع؟ وهل نريد ان نعطيهم صورة الدولة العاجزة عن تطبيق القانون، أم نقدم إليهم سيل الخطابات السياسية التي تكيل الشتاتم لي ولسواي من دون الاحتكام إلى القضاء؟ وقال: ان «التشهير والقدح والذم هي من مطلقيها، فالله يمهل ولا يهمل».
توضيحات بعبدا
في المقابل، أكد مصدر مطلع على مواقف بعبدا لـ«اللواء» ان الرئاسة الأولى ليست في وارد الدخول في سجال أو جدال مع الرئيس المكلف، وليس الهدف من بيان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية استهداف الرئيس الحريري، علماً ان رئيس الجمهورية حريص على استمرار علاقته معه، وإنما المقصود هو ان يعرف مجلس النواب ما يحصل على صعيد عملية تأليف الحكومة، إذا ما تقرر توجيه الرسالة، في حال وصلت الأمور إلى أفق مسدود.
وإذ أوضح المصدر ان فكرة إرسال الرسالة إلى مجلس النواب، والتي لم تتحوّل إلى قرار نهائي بعد، هي حق دستوري لرئيس الجمهورية، شدّد على انها لا يُمكن ان تعني سحباً للتكليف، وإنما الهدف منها إعادة الملف إلى المنبع الأساسي، أي إلى مجلس النواب لاتخاذ القرار، خصوصا ان هذا المجلس هو من سمى الرئيس الحريري.
ولفت إلى ان اللجوء إلى هذه الفكرة سببه رفض الصيغ التي طرحت من قبل الفريقين المتنازعين، وآخرها صيغة حكومة الـ32 وزيراً، التي لم تلق التجاوب، مع العلم انها هدفت إلى اراحة تشكيل الحكومة وقيام تمثيل أوسع والانتهاء من الأزمة.
واوضحت المصادر المطلعة لـ«اللواء» أن لا نص دستوري يتحدث عن سحب الرئيس عون التكليف أو تبديل رئيس الحكومة فرئيس الجمهورية يحترم الدستور وهو حلف اليمين لكن في الوقت نفسه لا يمكن البقاء من دون حكومة مؤكدة ان رئيس الجمهورية لم يقل ان الرئيس الحريري يترك البلاد انما ذكر ان التشكيل سيتأخر بفعل هذا الغياب.
ولفتت إلى أن الرئيس عون ليس مسؤولا عن التعثر الحاصل وهو امام وضع مفاده ان البلد من دون حكومة منذ 7 اشهر وانه كلما طرح حل يرفضه الفريقان وبالتالي فان فكرة ارسال الرسالة هي حقه.
وقالت المصادر نفسها ان الرئيس عون لم يحدد موعدا لهكذا خطوة ملاحظة امتعاض رئيس الجمهورية من الوضع القائم الذي لا بد من حل له في اقرب وقت ممكن.
اما ماذا يمكن للمجلس النيابي الذي يعد المنبع لوضع كهذا ان يفعل فان المصادر اكدت ان المجلس يقرر ماذا يغعل وان النواب يتشاورون في ما بينهم بهدف المعالجة ومن غير المعروف ما اذا كانت هناك من توصية ام لا والامر منوط به.
وكان المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية، أصدر أمس بياناً حول ما نسب إلى الرئيس عون من كلام حول الوضع الحكومي، والذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، موضحاً بأن ما نسب إلى الرئيس لم يكن دقيقاً، لكنه لم ينف بعض هذا الكلام خصوصاً ما يتعلق باقتراح حكومة من 32 وزيراً، مشيراً إلى ان البديل من الحريري حاضر لتكليفه، الا ان البيان أكّد ان ما جاء في الكلام أتى خارج السياق وأعطى تفسيرات متناقضة لا تنطبق مع مواقفه المعلنة في كثر من مناسبة، ولا سيما في ما خص العودة إلى مجلس النواب لمقاربة الأزمة الحكومية.
وقال ان «رئيس الجمهورية يعتبر ان «حق تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة منحه الدستور الى النواب من خلال الاستشارات النيابية الملزمة. وبالتالي فاذا ما استمر تعثر تشكيل هذه الحكومة، فمن الطبيعي ان يضع فخامة الرئيس هذا الامر في عهدة مجلس النواب ليبنى على الشيء مقتضاه».
ردّ رؤساء الحكومة السابقين
غير ان توضيحات رئاسة الجمهورية لم تلق أصداء إيجابية لدى الرؤساء فؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي، الذين تولوا إصدار بيانات اعتبروا فيها ان «وضع المشكلة الحكومية بيد مجلس النواب من شأنه ان يزيد الأزمة تعقيداً ويخلق اعرافاً مخالفة للدستور.
وإذ ثمن الرئيس السنيورة موقف الرئيس المكلف معلناً دعمه له والذي يُؤكّد على احترام احكام الدستور، قال ان «معالجة مشكلة تشكيل الحكومة من خارج السياق الدستوري كوضعها بيد مجلس النواب من شأنه مخالفة احكام الدستور ولا سيما المادة 53 منه، والخروج على مبدأ الفصل بين السلطات الذي يُحدّد صلاحيات المؤسسات الدستورية، والتنازل عن صلاحية تشكيل الحكومة من قبل من فوضهم الدستور تشكيل الحكومة، أي رئيس الحكومة المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية وتفويضها إلى جهة أخرى، ووضع مسألة التشكيل بيد مجلس النواب بما لا يؤدي إلى حل لازمة تشكيل الحكومة، مع العلم ان مجلس النواب ليس هو المخول تشكيل الحكومة ولا في التدخل في آلية تشكيلها، إذ ان مهمته تنتهي بإنتهاء الاستشارات الملزمة..
اما الرئيس سلام فقد استغرب موقف رئيس الجمهورية لأنه «يستبطن القول بأن النواب الذين منحهم الدستور حق تسمية الرئيس المكلف بإمكانهم إعادة النظر بهذا التكليف»، معتبراً انه يُشكّل «بدعة جديدة تضاف إلى سلسلة البدع التي ترمى في ساحة النقاش السياسي منذ فترة بهدف خلق اعراف منافية للنص الدستوري».
وقال: «وإذا كان الدستور، الذي توافق عليه ممثلو الشعب اللبناني في الطائف، أعطى رئيس الجمهورية الحقّ في توجيه رسائل إلى مجلس النواب عندما يرى ضرورة لذلك، فإنّه لم يمنح الرئيس صلاحية وضع مسألة تشكيل الحكومة في عهدة مجلس النواب، كما لم يعط المجلس حق مراجعة التكليف الذي يحصل عليه رئيس الحكومة بموجب الإستشارات الملزمة».
وردّ جريصاتي
ولاحقاً، ردّ وزير العدل سليم جريصاتي في بيان على منتقدي فكرة إرسال رسالة رئاسية إلى مجلس النواب، معتبراً ان اللجوء إلى المجلس في مثل هذ الأحوال والضرورات أمر يتلاءم مع نظامنا البرلماني الديمقراطي ودستورنا، لان مجلسنا ليس مجرد سلطة شكلية، بل هو السلطة التي تنبثق منها صحيحاً كل السلطات الدستورية بالتزكية او بالتسمية او بالانتخاب، فضلاً عن انه السلطة الاكثر والاحدث التصاقاً بالإرادة الشعبية التي تم التعبير عنها للمرة الاولى بصورة اقرب ما تكون الى التمثيل الفاعل والصحيح على ما أتى في وثيقة الوفاق الوطني.
وقال: ان منبر مجلس النواب متاح لكل النقاشات والمداخلات عند تلاوة رسالة فخامة الرئيس عندما يقرر ارسالها حيث الرأي والرأي المضاد، ومجلس النواب قادر على اتخاذ القرارات والتوصيات الصائبة لأنه المعني الاول بالتكليف وبالثقة كي تكتمل اوصاف الحكومة الدستورية.
ولفت الانتباه، وسط هذا الجدل الدستوري تأكيد مصادر في فريق 8 آذار، بأن الوزير السابق النائب فيصل كرامي هو أحد الأسماء المطروحة لتكليفه تشكيل الحكومة كبديل مرتقب للحريري.
لكن مصادر كرامي نفت لـ«اللواء» علمها بهذا الموضوع، وأكدت ان الأمر غير مطروح طالما ان الرئيس المكلف ما زال مصرا على عدم الاعتذار مع تشديدها على ان هذا حقه الدستوري الكامل.
واعتبرت المصادر انه قبل الحديث عن بديل للحريري، يجب التاكيد على عدم استطاعة اي طرف سحب التكليف منه او استبداله اذ لا يوجد اية نصوص دستورية او اعراف تسمح بذلك، ونحن من جهتنا وبمعزل عن خلافنا السياسي مع الحريري لا نقبل المساس بصلاحياته ولا ببنود الدستور.
وفيما باشر قائد قوات «اليونيفل» ستيفانو ديل كول وضع السلطات اللبنانية في تفاصيل الكشف عن العثور على نفق أقامه «حزب الله» في الجنوب، حيث زاره قائد الجيش العماد جوزاف عون اتهم الجيش الإسرائيلي في بيان «حزب الله» بتحويل قرية كفركلا إلى «قاعدة عسكرية»، وانه يوجد بداخل القرية عدد كبير من مخازن الأسلحة ومواقع مراقبة ومقرات قيادة، إضافة إلى موقع قتالي تحت الأرض، مشيراً إلى ان جميع المؤشرات تدل على ان الحزب يجهز القرية لتلعب دوراً في أي حرب مقبلة.
وقال الجيش الإسرائيلي، إن أحد الأنفاق التي تم رصدها ينطلق من منزل في البلدة، ويمتد مسافة 40 مترا داخل إسرائيل، مضيفا أنه يعمل على «تدميرها».
ووفق البيان، فهناك موقع قتالي داخل القرية تتخذ منها «الوحدة الشرقية» في حزب الله مقرا لها، ويقع أيضا في جنوبي القرية شارع على طول خط الحدود، وعلى امتداده هناك شرفات مراقبة