في غضون المناسبات المتتالية التي تمر علينا من احتفال بعيد الاستقلال حيناً وإحياء الـ16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء المتزايد والمتعدد الأشكال، وعمل العديد من الدول العربية والغربية على تنزيه قانون الجنسية لديها وغيرها من القوانين، يتردد لبنان في الإقدام على أي خطوة مماثلة. وتجدنا أمام عدد من الآفات التي لا يصلح إطلاقها إلا هاهنا الآن.
 
في بلد يحتفل بمناسبة استقلاله عن فرنسا منذ عام 1943، فإننا منذ ذاك العام، ونحن ما زلنا عاجزين عن إعداد قانون جنسية لبناني. فكيف لنا أن نكون مستقلين وقانون الجنسية اللبناني ما زال على ما هو عليه منذ عهد الانتداب، أي منذ وضعه الجنرال ساراي المفوض السامي الفرنسي في لبنان عام 1925. لذا فلا استقلال حقيقياً بدون قوانين مستقلة. والدولة مطالبة بتعديل القوانين الباقية من مخلفات الاستعمار حتى يومنا هذا.
 
إن التمييز بين المواطنين والمواطنات يشكّل طعنة للقانون ولدولة المؤسسات، لذلك فحق النساء اللبنانيات بمنح الجنسية لأسرهن لا يمكن تجزئته أو أن يكون استنسابياً أو أن يخضع لمساومات ومزايدات. فإن أقسى أنواع العنف هو العنف القانوني المتمثل بقانون بالٍ تمييزي، يكرس عدداً من الخروقات التي تمس بجوهر المواطنة والعدالة الاجتماعية. وينعكس سلباً على الحياة اليومية للنساء وأسرهن، مشكّلاً تبعات نفسية ومعنوية واقتصادية وعلى مختلف الصعد.
 
إنه العنف السياسي المتجلي بممارسات بعض صنّاع القرار والسلطة السياسية ضد النساء اللبنانيات المتزوجات من غير لبناني، ممارسات تحرم وتعيق تعديل قانون الجنسية التمييزي. وخصوصاً أن العنف يصبح سياسياً عندما تكون أهدافه أو دوافعه سياسية، بل تخدم مصالحهم السياسية على حساب حقوق المواطنين والمواطنات.
 
وعليه فإن حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" والتي أتت استجابة للعمل على قضايا حق النساء العربيات بالمواطنة الكاملة، التي أطلقتها مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي منذ عام 2000 التي ضمت سبعة بلدان عربية هي؛ لبنان (المنسق الإقليمي للحملة)، سوريا، المغرب، مصر، تونس، اليمن، الجزائر والأردن، حققت عدداً من الإنجازات في غالبية الدول، في حين أن لبنان ما زال عاجزاً عن منح النساء حقهن باستثناء بعض الإصلاحات الإجرائية التي واكبتها الحملة، في ما خص الإقامة والعمل والمدارس وغيرها، وإهمالها تحويل القضية إلى قضبة رأي عام.
 
ولذا، فلبنان مطالب أن يحذو حذو العديد من الدول، ويقارب قضية حقوق النساء من منظار العدالة والمساواة، بعيداً من الحجج الواهية واستخدام فزاعة التوطين، والاختلال الديموغرافي والطائفي. وأن يسعى إلى تعديل القانون التزاماً وانسجاماً مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وكذلك العمل على رفع كافة التحفظات عن اتفاقية سيداو وبالتحديد البند(2) من المادة 9.
 
(كريمة شبّو)