ملف التوظيف العشوائي تابع
 

أصيبت الوزارات والإدارات الرسميّة اللّبنانيّة والبلديّات بتخمة كبيرة، بعد توظيف ما لا يقلّ عن عشرة آلاف شخص في العامين الأخيرين. وعلى الرغم من قرار الحكومة الذي يقضي بوقف التوظيف، لأسباب عدّة أبرزها وجود فائض كبير من الموظفين ومحاولة الحدّ من إرتفاع نسبة الأجور التي تٌتعب خزينة الدولة، لاسيّما وأنّ آلاف الموظفين يتقاضون رواتبهم من دون عمل بسبب المحسوبيّات.

وبحسب إحصائات أقيمت في الفترة السابقة، فإنّ نسبة التوظيف في إدارات الدولة اللّبنانيّة تُعتبرُ الأعلى مقارنة مع دول العالم، إذ يبلغ عدد موظفي القطاع العام 40 في المائة من إجمالي عمّال لبنان، هذه التوظيفات العشوائيّة أتت قبل وخلال الإنتخابات النيابيّة التي جرت في 6 أيّار الماضي، وفسّرها المتابعون لهذا الملف بأنّها جرت لإستمالة الناخبين، ومحاولة كلّ فريق سياسي نيل أكبر عدد من النواب، من دون الأخذ بالإعتبار الكلفة الباهظة لهذه التوظيفات على ماليّة الدولة المرهقة أساسًا.

إقرأ أيضًا: نعم لإنهاء فوضى إدارة أزمة نهر اللّيطاني!

وتكمنُ أساس المشكلة في التوظيف، فبدل تعيين موظفين حسب الكفاءة والجدارة والنزاهة بواسطة مجلس الخدمة المدنيّة تم منع التوظيف وفتح باب الوظائف عبر الفاتورة والتعاقد فجائت المحسوبيّة والحزبيّة والواسطة والمذهبيّة في التعيّين بدل التعيين النظامي في الإدارات العامّة.

في ظلّ الأزمة الإقتصاديّة التي تُخيّم على لبنان، برز ما قاله وزير المال علي حسن خليل عقب لقائه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ، الثلاثاء  المنصرم، عن توظيفات جديدة حصلت خلال العام 2018.

وغرّد خليل قائلاً: "هناك نقاش كبير حصل في الفترة الماضية حول الاحتياط، والخلط بينه وبين حساب الخزينة وأنّ الإنفاق حصل خارج الموازنة، كلا، ما حصل هو أنه كان هناك توظيف لأكثر من 5000 موظف جديد سنة 2018. هم من خلقوا هذه الأعباء الاضافية".

وكلام خليل خلق نوع من نقاش من قبل لبنانيّين على "تويتر"، حيثُ طالبوا بالكشف عمّن وراء هذه التوظيفات، لا سيّما وأنّه باتَ معروفًا وفق إحصاءات أخيرة أنّ في لبنان 660 ألف عاطل عن العمل، أي ما يعادل الـ36%، وترتفع النسبة لتصل الى 47% في الأطراف مثل عكار وبعلبك. علمًا أنّ 32 ألف طالب يتخرّجون سنويًا من الجامعات أيضًا، ولا وظائف مؤمّنة لهم.

وعلّق أحد الناشطين بالقول: "إذا كان هناك قرار من الحكومة بعدم التوظيف.. هل لنا منكم أن نعي من الذي خالف القرار وعمد إلى هذا العدد الكبير من التوظيف الإنتخابي؟".

وغرّد آخر: "ما هذا الظلم يا معالي الوزير تم توظيف اكثر من 5000 شخص سنة 2018 والناجحون في وظائف مجلس الخدمة المدنية لا يوظفون، في اي دولة نعيش؟".

وفي خضمّ التغريدات المُطالبة بالمساءلة والمحاسبة والإنصاف، غرّد النائب زياد الحواط ردًا على ما أعلنه وزير المال، قائلاً: "من حقنا كنواب أن نعرف من الذي اتخذ القرار بتوظيف 5000 موظف جديد في القطاع العام رغم أنّ موازنة العام 2018 تضمنت نصًا يمنع التوظيف؟ وأين تمّ توظيفهم بالتحديد؟ من هو الفاعل؟ ومن هو المرتكب في هذه الرشوة الانتخابية؟".

كما تقدمت النائبة ​بولا يعقوبيان​ بسؤال إلى الحكومة حول موضوع توظيف أكثر من 5000 شخص خلافاً للأصول وللمنطق وللقانون، قائلةً:"بات من المؤكد أن الحكومة قامت بتوظيفات انتخابية، من شأنها أن تشكل رشوة انتخابية واضحة تضرب مبدأ التنافس العادل بين المرشحين ما يخالف قانون التوظيف والقرار الصادر بوقف التوظيفات كما أحكام ​قانون الانتخابات​ خاصة أنه في الحكومة الحالية وزراء كانوا مرشحين للانتخابات وفازوا بها"، لافتةً إلى أن "هذه التوظيفات سمحت بزرع الأزلام في الدوائر الرسمية وتسببت بهدر الأموال العامة وخلقت أعباء مالية إضافية نحن بغنى عنها".

أمّا حلّ هذه الأزمة يكون في العودة  إلى القانون طالما هناك دستور ويجب تطبيقه فإن المادّة 95 منه واضحة وصريحة ويجب اعتمادها واعتماد مجلس الخدمة المدنيّة فقط في التعيين والاتفاق على تطبيق النصوص القائمة، عندها يبدأ الإصلاح الاداري ومكافحة الفساد،إذا فالمشكلة غالباً تكون بعدم تطبيق القانون والتحايل عليه، والعودة إليه هي الحل الأساسي لمعالجة أزمة الفساد في لبنان .