رغم حبنا لهذا الوطن، كيف لنا أن نقول للـ الرايحين رجعوا فعلى أي أساس سيعودون؟ ولماذا؟ فهل سنضمن لهم عيشة مثل عيشة أميركا أو أوروبا أو أفريقيا....
 

"بدي هج، بدي فل من هالبلد، لأنو ما في شي ابقى عشانو..."، من منا لم يقل هذه الكلمة، من منا لم يطمح بأن "يهج" إلى بلد عندما تضيق به أزمات الحياة خاصةً في لبنان الغارق بالفقر والفساد والبطالة، من منا لم يقارن لبنان بغيره من الدول فقيرة كانت أم غنية، فدائماً خلف المقارنة سنجد الكثير والكثير من ما ينقص لبنان.


ورغم حبنا لهذا الوطن وهذه الأرض، ورغم ألم الفراق عند كل لحظة إقلاع لأي طائرة، ارتفعت مؤشرات الإغتراب إلى أقصى معدلاتها، في الوقت الذي يرحل شباب لبنان إلى بلاد الإغتراب رغماً عنهم، بعد أن خاب أملهم ببلد لم يؤمن لهم أبسط حقوقهم، ولكن اللافت أن قسم كبير من هؤلاء غادر "دون رجعة".


وفي هذا السياق، "سجلت الفترة الممتدة من منتصف شهر كانون الثاني 2018 ولغاية منتصف شهر تشرين الأول 2018، مغادرة حوالي 3350 لبنانياً غادروا ولم يعودوا" وفق ما كشفت شركة "الدولية للمعلومات"، مشيرةً إلى "مغادرة 2,729,290  لبناني من لبنان وعودة 2,695,788".


مضيفةً، أنه "في مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وصل العدد إلى 20,964 لبنانياً، أما حصيلة كامل العام 2017 فكانت 18,863 لبنانياً و11,650 في العام 2016، ما يشير إلى إرتفاع كبير في أعداد اللبنانيين الذين غادروا ولم يعودوا".

إقرأ أيضاً: ذوو الإحتياجات الخاصة... ماذا عن إعاقة الدولة في لبنان؟؟


ولم تعد أسباب الهجرة في لبنان مخفية على أحد، فأولها الظروف المادية والإقتصادية الصعبة، وندرة فرص العمل، إلى الظروف الإجتماعية والتي هي أصلاً تتأثر بالظروف الإقتصادية، وصولاً إلى الأسباب السياسية والإنقسام السياسي الطائفي في لبنان والذي أوصل اللبنانيين إلى حالة من اليأس والملل من طغيان "الزعيم السياسي"، فيرحل بحثاً عن حياة إقتصادية وإجتماعية بعيدة عن السياسة.


وبعد الأسباب من سيسأل عن الحلول؟ فلو كان هناك حلول أو حتى معالجة للإغتراب أو بالأحرى السفر دون عودة، ما كان ازداد عدد اللبنانيين الذي غادروا ولم يعودوا إلى 3350... والآتي أعظم!


ففي وطن مثل لبنان خابت فيه آمال شبابه، ما عادت تنفع عبارة "يا رايحين رجعوا"، فكيف لنا أن نقول لهم  "رجعوا" فعلى أي أساس سيعودون؟ ولماذا؟ فهل سنضمن لهم عيشة مثل عيشة أميركا أو أوروبا أو أفريقيا.... فربما الأفضل أن نقول "يا راحين هجّوا بعد" أو "يا رايحين خدونا معكن"!