بنيامين نتنياهو يتعلّم من دروس جبران باسيل ويسابقه، فها هو يسارع الى دعوة السفراء الأجانب لمرافقته في جولة على ما يقول إنه أنفاق حفرها “حزب الله” من لبنان الى فلسطين المحتلة، طبعاً كان يمكن باسيل مثلاً ان يفعل هذا جنوباً لو لم يكن مهتماً بالدعوات الى المؤتمر الاقتصادي.

ليس هذا هو المهم، المهم أنه كان الأحرى بنتنياهو ان يضيع في الأنفاق المزعومة أو ان تبتلعه هذه الأنفاق، فالسفراء الذين رافقوه يعرفون هذا وهو أيضاً يعرف هذا، رغم تعمّده النفخ في غبار المخاوف الأمنية التي يثيرها في الرأي العام الإسرائيلي من أي حرب جديدة، رغم ما قيل أخيراً من ان الجيش الإسرائيلي ليس مستعداً لها بعد.

إذاً لا معنى إطلاقاً لقول نتنياهو “إن هناك إحتمالاً منطقياً لتحرّك إسرائيلي داخل لبنان”، لأنه قياساً بما يواجهه من المشاكل على المستويين الحكومي والشخصي، فإن الإحتمال المنطقي الوحيد هو ان يضيع أو يدفن سياسياً تحت أنفاق أزماته المعروفة لدى الرأي العام الإسرائيلي كما لدى السفراء الذين رافقوه، وكما عند وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي كان قد اجتمع به في بروكسيل عندما أثير موضوع الأنفاق!

الذي يريد الذهاب الى الحروب لا يقرع طبولها وها أنا قادم فاستعدوا، لكن نتنياهو يتعمّد إثارة موضوع الأنفاق بطبل وزمر وعراضات ديبلوماسية، بعدما أعطى هذه العملية إسماً ضخماً هو ” north shield” اي درع الشمال، والأسباب وراء كل هذا تتصل بما يواجهه على المستويين الحكومي والشخصي.

عندما استقال وزير دفاعه أفيغدور ليبرمان احتجاجاً ما سماه ليونة نتنياهو بعد قبوله بوقف الحرب في غزة، تزعزع الوضع الحكومي وتراجعت أكثرية نتنياهو في الكنيست الى مقعد واحد، وهكذا بدأت ترتفع الدعوات الى إجراء إنتخابات مبكرة لن تكون لمصلحته، عندها سارع الى رفع المخاوف والتحذيرات الأمنية، التي من الواضح أنها قضت بإثارة موضوع الأنفاق، الذي كانت إسرائيل قد أثارته سابقاً عام ٢٠١٤، والى التلويح بإمكان اشتعال حرب على الجبهة الشمالية مع “حزب الله”، لأنه من غير المعقول الذهاب الى الإنتخابات في أيام الحروب!

على مستوى وضعه الشخصي، لم تنته قصة تورطه في الفساد التي أثيرت منذ عامين تحت عنوان “القضية رقم ٤٠٠٠”، ثم أضيفت إليها قبل أيام توصية من الشرطة الإسرائيلية بتوجيه تهمتي الفساد والرشى إليه والى زوجته سارة، على خلفية منحهما شركة الاتصالات “بيزيك” امتيازات، وهي المرة الثالثة يواجه هذه التهم.

في أي حال ليست قصة الأنفاق سوى الفصل الجديد من مسلسل الإتهامات والتهديدات وتعمّد إثارة المخاوف، ومن السخرية أنه بعدما غرّد أفيخاي أدرعي داعياً جبران باسيل الى أخذ السفراء في جولة على الحدود الجنوبية، وجدنا نتنياهو يسابقه وينقل عنه، فيرافق السفراء في إسرائيل في جولة للإطلاع على الأنفاق، التي يبدو تماماً أنها ابتلعته أو ضاع فيها!