من عقـدةٍ الى عقـدة، ومن محنـةٍ الى محنـةٍ... الى انهيار، وباسم تأليف الحكومة تُرتَكَبُ المجازر.

 

ليست المجازر حكْراً على السيف، هناك مجازر بالسيف، وهناك مجازر بالموت البطيء ومجازر بالموت الرحيم، وهناك أَحياءٌ على الأرض أمواتٌ، ومن لم يمُـتْ بالسيف مات بغيرهِ..

 

في الدولة المفكَّكة بالمذهبيات، والتي مَسخَها قانون الإنتخابات بالمزيد من التمَذْهُب، عندما همدَتِ العقدة الدرزية بعد تأجّج ، وخمدَتْ نارُ العقدة المسيحية تحت الرماد، توقّدتْ عقدة سنية مظللّةٌ بالعباءات.

 

وفي مسيرة حرب البسوس التي استمرت أربعين سنة في العصر الجاهلي بين قبيلتي بكر وتغلب، إنطلقت شرارة الجاهلية من رصاص اللسان ورصاص الخرطوش، لتتمخَّض عن عقدة وزارية درزية مكررة في ميدان التبارز بسلاح الجهل على ما جاء في معلّقة الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم.

 

ألاَ لا يجهلنْ أحدٌ علينا فنجهلَ فوقَ جهلِ الجاهلينا.

 

حسْبُ التظلّل بعباءة حزب الله أن يكون له شروطُهُ الموجبة، في معزل عن الشعار الجاهلي القائل: أنصر أخاك ظالماً كان أو مظلوماً، لأنَّ عباءة حزب الله محكومةٌ بالتظلّل بعباءة الإمام علي بن أبي طالب: في العدل والحق والعفو والصفح والتقوى وفضيلة المناقب الأخلاقية والقيم.

 

«أتأمروني أنْ أطلب النصر بالجور»...؟

 

«لا يؤنسنَّك إلا الحق ولا يوحشنَّك إلا الباطل...»

 

بهذا المعنى يكون العدل والحق هما الحليف الطبيعي لحزب الله.

 

وبهذا المعنى لا يستطيع حزب الله أن يتخلّى عن حليفه الذي هو الحق الإلهي، والحق الشرعي والحق القانوني والحق الإنساني والوطني.

 

حلفاء حزب الله ليس أولئك الذين يتكسَّبون بالمناصب والمال، ولا الذين يصبحون أبطالاً بمجرد أن يشهروا سيف الحزب لأن البطولة بالزند لا بالسيف.

 

وفي اعتقادي، بما أنا أعرف عن حزب الله، عن منابعه الروحية والعقائدية والتاريخية، أنَّ حليفه الطبيعي هو الشعب اللبناني كلّ الشعب، بكل مذاهبه وانتماءاته وميوله ونوازعه، وكل ما تحمل طبائعه من سلوكيات وممارسات.

 

وفي ظلّ انعدام الطاقات الحيوية الفاعلة يبقى حزب الله هو القادر على احتواء كل العقد والأزمات، والمسؤول عن إنقاذ الدولة من الإنحطاط وإنقاذ الشعب من صدى المقابر الباردة.

 

والحزب الذي يحمل رسالة الإمام علي بن أبي طالب، مثلما تصدّى للإرهاب التكفيري في سوريا، من مسؤوليته التصدّي للإرهاب الحقيقي في لبنان الذي هو: الفقر والجوع والهـمّ والغـمّ والمرض والقلق والبؤس والخوف والهجرة، هذا هو الإرهاب الحقيقي الشامل الجامع الذي لا يُقمع بالبراميل المتفجرة والصواريخ.

 

لعلنا نتوخَّى من الحزب أن يقود حملة خروج السياسيين عندنا من العصر الجاهلي الى العصر الإسلامي فيحطِّموا الأصنام الوثنية التي في نفوسهم.

 

وفي انتظار أن يصبح في لبنان دولة حاكمة... فليكن أمرنا مع أي حكومة شبيهاً بموقف غاندي عندما قال له مسؤول بريطاني إنّ السلطة البريطانية مظلّةٌ جيدة للحكومة الهندية فقال غاندي: إنَّ حكومة هندية سيئة أفضل من سلطة بريطانية جيدة.