أعلن جيش الاحتلال عن بدء حملة أطلق عليها اسم "درع الشمال" للكشف عن أنفاق حزب الله الهجومية على الحدود مع لبنان. وتزامن ذلك مع تهديدات صادرة من تل أبيب ضد الحزب، وكذلك مع لقاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بروكسل.

وأشارت تقديرات "إسرائيلية" وفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، ترجمته "عربي21"، إلى أن لقاء الرجلين يقدم رسالة تحذير شديدة بشأن عملية عسكرية محتملة على لبنان. 

وجاء في تقرير الصحيفة أن "مصانع إنتاج الصواريخ" التابعة لحزب الله في بيروت كان من المؤكد تناولها خلال لقاء نتنياهو بومبيو، إضافة لبحث توفير غطاء دولي لتل أبيب في حال بادرت لعمل عسكري ضد الحزب. 

وتثير الحملة الإسرائيلية للكشف عن أنفاق حزب الله على الحدود تساؤلات بشأن الهدف منها في هذا التوقيت، واحتمالية تدحرجها لتصل على مواجهة بالإضافة لاستعداد إسرائيل لخوض حرب مع لبنان في هذه الظروف.


حرب نفسية

عضو المكتب السياسي لحزب الله اللبناني، عبد المجيد عمار، قال إن التحركات الإسرائيلية على الحدود مع فلسطين المحتلة ليست أكثر من "تعمية على أزمته ومشاكله الداخلية بعد الفشل الذريع في الاعتداء على غزة مؤخرا وانتصرت فيه المقاومة".

وأوضح عمار لـ"عربي21" أن الإسرائيليين "خرجوا من أزمة غزة إلى أزمة تشكيل الحكومة ويحاولون البحث عن ذرائع لخداع الرأي العام لديهم بأن الأمور تحت السيطرة".

وأشار إلى أن إجراءات الاحتلال بشأن المنطقة الحدودية قديمة "وأنها بدأت منذ العدوان الأخير على لبنان في تموز 2016" مشددا على أن "حديثه الدائم عنها دليل على هواجس وقلق يعيشه بفعل استعدادات المقاومة في لبنان".

وعلى صعيد احتمالية تدحرج الحملة لتندلع مواجهة قال القيادي في حزب الله إن "الحرب إما أن تقوم بناء على قرار مسبق أو بفعل حماقات تتطور إلى مواجهة كبيرة، لكن القراءة السياسية الحالية أن رغبة الحرب غير موجودة".

وشدد عمار على أن "المقاومة اللبنانية ليست مكتوفة الأيدي بكل الأحوال، وهي مستعدة للتصدي لأي حماقة يقوم بها الاحتلال والكرة بكل الأحوال في ملعبه لتجنب التصعيد".

وبشأن التحذيرات التي أطلقتها قوات الاحتلال اليوم لمقاتلي حزب الله والجيش اللبناني للابتعاد عن الأنفاق والمناطق الحدودية، أوضح عمار أن: "مقاتلي المقاومة لا يأتمرون بأوامر ما يسمى باسم جيش الاحتلال" مؤكدا أن الحديث عن الأنفاق بشكل دائم "جزء من استراتيجية المقاومة في الحرب النفسية التي تخوضها مع العدو".

وأضاف: "المقاتلون هم الشعب القاطن على حدود فلسطين المحتلة وهؤلاء لهم الحرية بالتصرف في كل شبر من أرضهم و عدم مغادرتها دون تلقي إملاءات من أحد".
 

النشاط جنوب الليطاني

من جانبه قال المحلل العسكري العميد الركن هشام جابر إن الحملة التي أعلنت عنها إسرائيل اليوم بشأن أنفاق حزب الله "غامضة وغير واضحة".

وتساءل جابر في حديث لـ"عربي21": "هل الأنفاق التي يتحدثون عنها داخل الأراضي اللبنانية أم داخل فلسطين المحتلة"؟ مشددا على أنه في حال الحديث عن أنفاق داخل لبنان "فهذا شأن لبناني لا علاقة للإسرائيليين به".

وأضاف: أن "حديث الإسرائيليين موضع شك، لأن المنطقة الحدودية تعج بالجنود. فهناك 10 آلاف جندي لقوات اليونيفيل الدولية فضلا عن تواجد الجيش اللبناني في ظل اتفاق 1701، ولا يعقل أن لا يلاحظ كل هؤلاء نشاطا بشأن الأنفاق".

وأعرب جابر عن استهجانه لـ"صمت الإسرائيليين كل هذه المدة عن الأنفاق" مشددا على ضرورة التأكد من حقيقة المزاعم الإسرائيلي فيما إذا "أطلت تلك الأنفاق بأفواهها داخل الأراضي المحتلة كما يحصل في غزة أم لا من أجل تدميرها" وفق وصفه.

ورأى أن ما يثار عن الأنفاق الآن "ليس إلا محاولة من نتنياهو وقطاعات الأمن والجيش للهروب إلى الأمام من الأزمة الداخلية التي أعقبت جولة التصعيد في غزة واستقالة ليبرمان، لرفع المعنويات وإرسالة رسالة مفادها أننا لم نفشل".

وشدد جابر على أن قواعد الاشتباك الآن تغيرت، مضيفا أن الاحتلال سيعد للعشرة قبل القيام بعمل عسكري، لأن تحمل تداعيات الحرب بات في غاية الصعوبة مع وجود 150 ألف صاروخ بيد المقاومة اللبنانية ووجود أهداف استراتيجية حساسة مثل منصاب البترول في المتوسط والكثير من الأهداف التي باتت في مرمى القصف".

وعلى صعيد تضاريس المنطقة الحدودية واحتمالية وجود نشاط أنفاق فيها قال جابر: "تتفاوت الحدود بين فلسطين المحتلة ولبنان من حيث الوعورة الشديدة في بعض المناطق والسهولة في بعضها"، لافتا إلى أن أغلب مناطق الحدود اللبناية مناطق مرتفعه ومطلة على  شمال فلسطين.

وأضاف: "المنطقة الممتدة من ميس الجبل وبنت جبيل إلى مرجعيون على الحدود تعد سهلية مقارنة بباقي المناطق" لافتا إلى أن الاحتلال وعبر الخط الأزرق الذي تم ترسيمه عام 2001 قام بقضم الكثير من الأراضي اللبنانية والعمل من الداخل "متسائلا أين ستحفر الأنفاق".

لكنه في المقابل قال إنه "لا يمكن نفي وجود أنفاق لحزب الله على الحدود، رغم أنه لا يتواجد جنوب نهر الليطاني بشكل ظاهر ومعلن". وأشار إلى أن سكان تلك القرى هم في الغالب "مقاتلون عند الضرورة، ويمكنهم حمل السلاح بمجرد صدور أوامر والادعاء بوجود حزب الله هناك هو رغبة إسرائيلية بإفراغ تلك القرى".

 

علاء عبد الرحمن