صحيحٌ أن بلدة الجاهلية الشوفية نجت السبت الماضي من “مجزرة”، كاد يجرُّها إليها “زعيمها” رئيس “حزب التوحيد” الوزير السابق وئام وهاب. وصحيحٌ أيضاً، أن لبنان برُمّته “خضَّته” الصدمة المروِّعة، ووضعته، إلى حين، على شفا فتنة مُفتعلة، كادت تسقطه في أتون حرب أهلية، سبق أن عاشها وخَبِرَ مآسيها؛ لكنّها حالت دونها اتصالات أجراها، عبر “الخطوط الساخنة”، أقطاب “كبار” في ربع الساعة الأخير، مُحذرين الطارئين “الصغار” من مغبَّة تجاوز “الخطوط الحمر”… لكنَّ البلد “اهتَّز”، وكما يقول المصريون : “العِيار اللي ما يصبش يدوش”.


مصادر قيادية في “14 آذار” وصفت ما جرى في الجبل من قبل أنصار وهاب، بأنه “شبيه بما جرى في 2005، إثر تمديد ولاية الرئيس إميل لحود وصدور القرار 1559، حيث تم التلاعب بنتيجة الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل الحكومة، ما أدى وقتها إلى اعتذار الرئيس رفيق الحريري عن التشكيل وتكليف الرئيس عمر كرامي تشكيل حكومة؛ ليبدأ معها مسلسل الاغتيالات، بدءاً بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة، وصولاً الى اغتيال الشهيد رفيق الحريري وقافلة الشهداء التي أتت من بعده”.


وربطت المصادر، في تصريح لـ”السياسة”، بين “التهديدات التي أطلقها عضو مجلس الشعب السوري محمد أبو شلش، الذي طالب بإسكات رئيس (الحزب التقدمي الاشتراكي) النائب السابق وليد جنبلاط، والتصريحات النارية الخارجة عن المألوف التي أطلقها وئام وهاب ضد الرئيس المكلف سعد الحريري ووالده الشهيد، الأمر الذي استدعى استنكاراً من جنبلاط، ومسارعة إلى الوقوف بجانب صديقه الحريري”.


وتضيف المصادر: “هذا ما دفع وهاب إلى التصعيد في مواقفه بشكل مفاجئ، ودعوته أنصاره، مساء الجمعة الماضي، إلى الجهوزية والتظاهر المسلح ضمن قافلة سيارات، وصلت إلى 25 سيارة، مرّت في قرى الشوف الأعلى وبالمختارة، مقر (الزعامة الجنبلاطية)، إلى أن تمت محاصرة القافلة على طريق معاصر الشوف- الباروك، وتسليم أفرادها إلى الجيش”. وإذ شبّهت المصادر هذه الأحداث بـ”الحملة التي سبقت اغتيال الشهيد رفيق الحريري، بعد إبعاده عن الحكم وتقليص العناصر الأمنية التي كانت في حمايته”، تساءلت: “هل يتكرر المشهد اليوم مع الرئيس سعد الحريري وجنبلاط؟”.


وأشارت المصادر القيادية في “14 آذار” إلى أن “لا تغيير في الموقف السوري تجاهها، خصوصاً تجاه رموزها المؤثرة؛ وليد جنبلاط وسعد الحريري وسمير جعجع، وهي مازالت تتحيّن الفرص للتخلص منهم بأي ثمن”. وأوضحت أن “حزب الله ماض في التعطيل، لأنه يريد حكومة بشروطه وليس بشروط الدولة اللبنانية. ومن هنا يمكن فهم كلام وهاب حين سئل عن الحل بعد الذي جرى في الجاهلية، فأجاب: (اسألوا السيد حسن). والجميع يعرف ماذا يريد السيد حسن، فقد قال أحد نوابه قبل أسبوع، إن حزب الله غير متمسك بالحريري، وقد يعيد النظر في تكليفه، ما يعني أن البلد مقبل على أزمة مفتوحة إلى السنة المقبلة، ما لم يسارع رئيس الجمهورية لإنقاذ عهده؛ فقد تتغير أمور كثيرة، كما أن مسلسل الاغتيالات انتقل من يد رستم غزالة إلى يد علي المملوك، والآتي أعظم”، ختمت المصادر.