ذكّرت شخصية سياسية، فضلّت عدم الافصاح عن اسمها وهويتها السياسية، بالمعادلة التي وضعت في زمن الفراغ الرئاسي وهي: رئيس جمهورية من 8 آذار مقابل رئيس حكومة من 14 آذار.
 

تحدثت الشخصية نفسها عن التوازن المطلوب داخل السلطة التنفيذية، وخطورة أن يكون، بالنسبة إليها طبعاً، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من التوجّه نفسه، كونهما سيتحكّمان بالشاردة والواردة داخل مجلس الوزراء، فيختَلّ التوازن لمصلحتهما والذي يبدأ بالملفات الأساسية ولا ينتهي بالأمور العادية، الأمر الذي يجعل جهة سياسية مضطرّة إلى الدخول على الخط والكشف عن دورها والصدام مع الجميع واستخدام حق «الفيتو» لإعادة الأمور إلى نصابها.

وأضافت هذه الشخصية: «أقَرّ الرأي، من خلال مراجعة أو مراجعات ذاتية بالأحرى، أنّ استخدام «حزب الله» سلاحه في 7 أيار ردّاً على قرارات مجلس الوزراء في 5 أيار كان خطأ.

ولذلك، تمّ الاتفاق لاحقاً على تعطيل أي شيء يتعارَض مع توجهات «الحزب» تحت سقف الدستور، باللجوء إلى «الثلث المعطّل» في حال كان متوافراً أو «الفيتو» المذهبي الذي يجب ان يشكّل الاحتياطي الدائم والثابت، وهذا ما دفعه إلى المساهمة في الوصول إلى قانون انتخاب يُقفل من خلاله طائفته ويتمدّد في اتجاه الطوائف الأخرى، ويضمن عدم إمرار أيّ شيء من دون موافقته».

وتابعت هذه الشخصية: «إتفاق الطائف أعطى الطائفة الشيعية رئاسة مجلس نواب ثابتة بولايتها وقوية بصلاحياتها، ولكن هذا المعطى لا يعوِّض دور السلطة التنفيذية التي أنيطَت برئيسي الجمهورية والحكومة، وبما انّ أحداً ليس في وارد تعديل الدستور اليوم على رغم من أنه لم يأخذ في الاعتبار دور الشيعية السياسية الذي برز واضحاً بعد إقرار «اتفاق الطائف» لا قبله، فإنه لا بد من البحث عن البدائل التي لا تغَيِّب دور الشيعية السياسية ومصالحها، خصوصاً أنه في ظل الخلاف التكتي والاستراتيجي يجب التحسُّب لموازين القوى داخل الحكومة، والتي تتراوح بين 3 عناصر أساسية منفردة ومجتمعة في آن واحد:

ـ العنصر الأول، أن يكون رئيس الجمهورية من خط مغاير لرئيس الحكومة، أي ان تكون الرئاسة الأولى قريبة من خط «حزب الله» في انتظار ان تتمكّن المعارضة السنية ديموقراطياً من ان تكون البديل على مستوى رئاسة الحكومة، ليصبح عندها ممكناً التساهل في الانتخابات الرئاسية.

ـ العنصر الثاني، ان توفِّر التحالفات «الثلث المعطّل» وحتى النصف زائداً واحداً، فما بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» وقوى أخرى يمكن انتزاع الضمان الدستوري بسهولة تامة.

ـ العنصر الثالث، وهو «الخرطوشة» الأخيرة التي تتمثّل باستخدام حق «الفيتو»، وقد نجح «الحزب» في الانتخابات الأخيرة بإقفال الساحة الشيعية، وحتى نائب جبيل الذي نجح مبدئياً بأصوات يصنف البعض منها في الخانة السيادية، وضع فور انتهاء الانتخابات أوراقه السياسية لدى الثنائية الشيعية شاكراً القوى الاستقلالية على انتخابه. وهذا المُعطى لا يمكن تجاوزه سوى في حال نجحت المعارضة الشيعية في أن تثبت نفسها، الأمر المستبعَد في الدورات الانتخابية المقبلة».

ولدى سؤالها عن السلاح؟ قالت الشخصية نفسها: «إنّ هذا المُعطى هو من طبيعة إقليمية لا محلية، و»حزب الله» اتخذ قراراً استراتيجياً بعدم استخدام سلاحه في الداخل، وتَوَسُّل ما يتيحه الدستور لضمان وجوده ودوره».

وختمت قائلة: «ما لم يكن في الحسبان أن ترتقي العلاقة بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري إلى مصاف العلاقة الاستراتيجية، فالدعم الأساس لعون كان مردّه إلى تناقضه الجوهري والبنيوي مع الحالة الحريرية، فإذا بهذا التناقض يتحوّل تحالفاً. وعندما استشهد الوزير جبران باسيل بالعلاقة العضوية التي جمعت الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح، إعتقدنا انه مجرد استشهاد عابر ليس المقصود منه إعادة الاعتبار للثنائية المارونية والسنية، ولكن تبيّن مع الوقت انّ العلاقة بينهما، وتحديداً بين الحريري وباسيل، أعمق ممّا كنّا نظُّن ونتوقّع، وقد ترجمت في الحكومة الأولى للعهد، وخطورة استمرارها في الحكومة الثانية انّ عمرها مفتوح زمنياً، وقد تتولى إدارة البلاد في حال الفراغ الرئاسي بتقاسم جدول الأعمال بين الحريري وباسيل، والأسوأ من كل ذلك انّ الثلث الرئاسي المعطِّل قادر على ان يتحَكّم بالقرارات الصغرى والكبرى داخل الحكومة، وبالتالي كيف بالحري انه بين ثلث رئيس الجمهورية وحصة رئيس الحكومة يحصل الطرفان على النصف زائداً واحداً، ويخطئ من يعتقد انّ الخشية هي من إمرار ملفات استراتيجية يُدرك القاصي والداني استحالتها، فيما الخشية الفعلية هي من تَحكّمهما بجدول أعمال الحكومة ومفاصلها، وهذه أمّ العقد وليست أمّ الصبي».

وأنهَت الشخصية الحديث ممازحة ومبتسمة: «لو كنّا مدركين انّ العلاقة بين عون والحريري سترتقي إلى مًصاف العلاقة الاستراتيجية، لَما وقفنا سداً منيعاً أمام وصول رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى رئاسة الجمهورية، لأنه كان بالتأكيد تَصادَم مع الحريري في كل ما يتصل بإدارة الدولة. وهذا ما ظهر في الحكومة الأولى، في اعتبار انّ الطرفين من مدرستين مختلفتين على مستوى ممارسة الشأن العام. أمّا الملفات الاستراتيجية، فيدرك الجميع انها من طبيعة إقليمية لا محلية، ولا نعتقد أنّ أحداً في وارد المحاولة وإعادة لبنان إلى زمن الانقسام والتسخين المفتوح»...