القمة الأميركية - الروسية على هامش قمة العشرين في الأرجنتين لن تنعقد، مع أن التحضيرات لعقدها كانت جارية، وكان من المتوقع، بحسب مصادر ديبلوماسية قريبة من موسكو، أن تكون سريعة وأن لا تبحث في عمق الملفات المطروحة في المنطقة. والاتصالات المتواصلة بين الطرفين الروسي والأميركي ستمهّد لقمّة مرتقبة بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، وتجرى الإستعدادات لعقدها في السنة المقبلة، وعند ذلك قد تظهر ملامح جديدة في مسار أزمات المنطقة، وهو الأمر الذي يجب إنتظار حصوله.

وتشير هذه المصادر، إلى أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن دورها في الملفات المتصلة بالمنطقة، وأنها ليست في وارد الإنكفاء والتخلي عن مصالحها الإستراتيجية. وما وجودها في المنطقة في شرق سوريا سوى دليل على ذلك. وبالتالي لن يحصل حل من دونها، وهناك مبالغة في الإعتبار أنها انكفأت.

وتؤكد مصادر ديبلوماسية غربية، أن الأميركيين يعملون في إطار أولوياتهم الضغط على إيران، ليس فقط في إيران، انما الضغط عليها في سوريا للخروج من هذا البلد هي وحلفاؤها. وإذا نجح الضغط، فإنه تلقائياً سينعكس ضعفاً على النظام السوري، مع أن واشنطن تضغط في الوقت نفسه في كل الاتجاهات، أي على إيران و"حزب الله"، وحلفائهما، وعلى النظام، وتنتظر لترى كيف سيؤثر ذلك.

وحتى الآن ليس هناك خطة أميركية لسوريا، لكن الضغط على النظام يأتي عبر تعامل واشنطن مع الملف الإيراني ككل، وعبر ملف تمويل إعادة الإعمار في سوريا فقط. أي لا مساهمة في الإعمار من دون عملية سياسية في سوريا.

وأسباب إتباع الضغط السياسي والإقتصادي هي، أن الأميركيين ليست لديهم الرغبة في محاربة روسيا على الأرض، لا بل أنهم على إستعداد لملاقاة روسيا في إطار ترتيب معين للوضع السوري. وبالتالي، أن القمة المرتقبة في الـ ٢٠١٩ تكرس تطوراً جديداً في إتجاه معين، إذا قال الروس أنهم يوافقون على إخراج إيران من سوريا، وانهم قادرون على القيام بذلك.

وتقول المصادر، أن الوجود الأميركي في سوريا ليس في منطقة ضاغطة سياسياً. والروس منذ بداية الأزمة السورية يطلقون شعارات هدفها النهائي أن يفوز النظام بمنطقة تلو أخرى. فقالوا أنهم ليسوا داعمين للنظام ولا لرئيسه، وإنهم مستعدون للتغيير، وأطلقوا افكاراً حول مناطق التهدئة. كل ذلك مجرد خطة للإفساح في المجال أمام النظام للحصول على مكتسبات على الأرض. في المقابل، واشنطن تأمل انها ستأخذ من الروس مواقف إيجابية، وهو الأمر الذي لم يحصل بعد في الجوهر، وسيحاول الأميركيون في القمة المرتقبة عام ٢٠١٩ الضغط في هذا الاتجاه. أي لإخراج إيران من سوريا وإضعافها في المنطقة. وهذا في رأيهم يؤدي حتماً إلى إضعاف النظام.

الأميركيون لا يراهنون على الحل العسكري. كما أن الغرب كله لم يراهن في أي مرة على ذلك. لأن هؤلاء لا يريدون دفع اثمان عسكرية لفرض حل في سوريا. الأمر الذي أوصل الوضع السوري إلى ما هو عليه الآن، حتى أن الغرب لم يوافق على تزويد المعارضة بأسلحة لحمايتها من الطيران.

والروس يدركون أنهم وعلى الرغم من وجودهم على الأرض بشكل واسع، لا يستطيعون فرض حل متوازن، من دون الأميركيين. لذلك أن الوضع السوري عالق.

القمة المرتقبة ستكون محورية لجهة المطالب الأميركية، وسط عقوبات غربية على كل من روسيا بسبب قصة أوكرانيا، بالتزامن مع العقوبات على إيران. وتأمل واشنطن من روسيا التعاون، لأنها تعتبرها غير متعاونة حتى الآن. ولا يظهر قبل القمة المرتقبة أن هناك بوادر حلول للأزمة السورية، أو لملفات المنطقة، أو حتى إحترام مناطق الهدنة أم لا.