الهدف من حفلة التحقير هو شدّ العصب والتقوقع الطائفي والقبلي
 

في الأيّام القليلة الماضية، خرجت لغة الشتائم السياسيّة في لبنان بشكلٍ غير مسبوق من قبل  الوزير السابق ورئيس تيّار التوحيد العربي في لبنان وئام وهاب بحق رئيس الحكومة سعد الحريري، كما رُفِعَت اليافطات في بعض شوارع بيروت، التي حملت عبارات، صور، وتشبيهات، كانت قاسية في مضمونها بحق الطرفين ، وتحمُل شيئاً من السُباب الذي لايجوز أن يظهر على وسائل الإعلام أو على مواقع التواصل الإجتماعي.

حفلة التحقير والإتهامات التي شهدها المواطن اللّبنانيّ خلال الأيام الماضية، كانت لافتة من حيث الشكل، ومن حيث المضمون، فالتباينات بين القوى السياسيّة موجودة، وسبق أن وقع العديد من الإشتباكات الكلامّية حيثُ إستُخدِمت التعابير اللّاذعة في العديد من البلدان، ولفظها مسؤولون ورؤساء، لتحقير أخصامهم، وراجت في مرحلة مُعينة عبارات مثل: الصعاليك، العملاء، والبلطجيّة.

إقرأ أيضًا: هل تقع البازوريّة ضحيّة التطرّف الديني؟

 

وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر على الإنتخابات النيابيّة اللّبنانيّة مازالت عقدة تشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري تشكّل العقدة الأكبر في لبنان، فكان لـِ وهاب كلامًا قاسيًا لـِ الحريري، خلال مقابلة تلفزيونيّة، ممّا شكّل موجة غضب لدى أنصار تيّار المستقبل والحريري الذين عمدوا إلى إحراق الإطارات وإغلاق الطرقات التي تؤدّي إلى الجبل في منطقة الجيّة.

ويُعبّر الخطاب السياسيّ السائد في لبنان حاليًّا، عن مأزق حقيقي، وهذا ينبىء بإنتهاء الحياة السياسيّة بمعناها السامي في لبنان، كما يعبّر عن جزء من المأزق الوطني العام، فمن يريد البناء السياسي لا يلجأ إطلاقًا إلى لغة التحقير والشتائم بالإضافة إلى ضررها الأكيد في إشعال الشارع الذي يئن تحت وطأة الأزمات المعيشية وفقدان الوطنية والأمن.

القوانين اللّبنانيّة وتحديدًا قانون الإعلام المرئي والمسموع للعام 1994 – يُعاقب على إستخدام الألفاظ غير اللّائقة، ويعتبرها خدشاً للحياء العام، خصوصاً إذا ما تناولت أشخاصاً مُحدّدين، فعندها تكون بمثابة القدح والذم والتشهير، وعقوبتها تصل إلى السجن أشهر عدّة، وغرامات ماليّة طائلة، ولكنّ السياسيّين اللّبنانييّن عادةً ما يتجنّبون تقديم دعاوى خوفًا من فتح ملفات الفساد.

بإختصار جوهر أو الهدف من حفلة التحقير هو شدّ العصب والتقوقع الطائفي والقبلي، فالجماعات التي تعتمد ذلك النهج لا يقوم ماردها إلا على شيطنة الآخر أو الغريب. ويبدو أنّ كل جماعة تبحث عن شيطانها، خصوصاً بعد نفاد صلاحية الشعارات السياديّة والممانعجيّة. 

ومن الآن الله يستر!