الكل يهين بعضه بعضاً، يتخانقون على مصالح الطائفة والحزب، ثم يتعانقون ويتصالحون ويأكلون ويشربون
 

السادة الكرام....

يا أصحاب الفخامة والدولة.

يا أمراء الطوائف والأحزاب. 

هل قدر الشعب اللبناني، شاء أم أبى ـ عذراً لهذه الإستعارة ـ أن يبقى في مهب الرياح والعواصف، من جنوبه إلى شماله، ومن شرقه إلى غربه، أن يكون مصيره تحت شعارات ظاهرها الرحمة والعزة، وباطنها الفقر والإنهيار والعذاب!
  
كلكم جميعاً تريدون الخير لهذا البلد وشعبه، وكلكم قدَّمتم شهداء من أجل الدفاع عن لبنان، وحفظ سيادته واستقلاله، وأنتم أرسيتم لنا أعجوبة غريبة وتربينا عليها هي رسالة التعايش والتسامح، وأنَّ الطوائف نعمة،والطائفية نقمة، هذه الأعجوبة التي نشأ عليها هذا البلد وهذا الشعب، ما زالت ضرباً من الخيال، لهذا ندعوكم كما ندعو روَّاد عقدة التفوق ودعاة مراكب الفوقية أن تعيدوا النظر وتبحثوا عن أعجوبةٍ أخرى تخدعون بها هذا الشعب المغلوب على أمره.

إقرأ أيضًا: أزاويط السياسة اللبنانية.....

وللمزيد من التوضيح ـ عذراً ـ لا تعتبروها جرأة على سيادتكم، فأنتم أسياد البلد ونحن من رعاع الشعب، عن أي حوارٍ تتكلمون، وتتحاورون، طالما أنكم غير قادرين على حسم الأمور دون العودة إلى "الأسياد والمراجع" ألا نعيش "مهزلة" بلد لا يقدر أن يشكل حكومة، في الوقت الذي تحذروننا من الإنهيار ومزيد من الدين، تحت مقولة "من بعد حماري ما ينبت حشيش" وما لحقها من محسوبيات حتى بات المرء يعيش أياماً يائسة، وليالي سوداوية حول مصيره ومصير أولاده ومستقبلهم ومستقبل هذا البلد والشعب... 

الكل يهين بعضه بعضاً، يتخانقون على مصالح الطائفة والحزب، ثم يتعانقون ويتصالحون ويأكلون ويشربون، والشعب في غفلةٍ عن أمره، يدفع الضرائب، ويقدم ذبيحته وقربانه ونذره على مذابح أهوائهم وتبعيتهم. أيُّ خيرٍ تطلبون لنا ولهذا الوطن، بعد أن تفرَّقنا شيعاً وأتباعاً، وأصبحنا بفضل صيرورتكم أحزاباً وجماعات، وتناكرت وجوهنا، وملكنا ألسناً مالحةً وكالحةً على بعضنا البعض، واستوحشت نفوسنا، وكأننا نعيش في ساحات الحرب والنزال والبراز، فلا نرى يا حكمائنا ورؤسائنا، إلا أنياباً تقرع  أنياباً وضرساً يضرس ضرساً، وقلوبنا تخفق خوفاً وحذراً من أيامنا المقبلة، ولعلنا صرنا أقرب إلى الجحيم، إلاَّ إذا ألهم الله حكماءنا وعقلاءنا وزعماءنا وانتفضوا على هذه المأساة، وأنقذونا وأجيالنا من الوصول إلى الدرك الأسفل...