بالرغم من التشاؤم بتأليف الحكومة قبل العيد ولا حتى بعده، وبعد اعلان الطرفين المعنيين صراحة عدم استعدادهما للتنازل عن اي مقعد لصالح سنّة 8 آذار، برز تحرّك وزير الخارجية جبران باسيل، الذي اعتاد اللبنانيون على تحرّكاته وقت الشدّة، بالرغم من اعتراض البعض على هذا الدور المنوط بوزير الدولة للشؤون الرئاسية.
 

الّا انّ أفكار باسيل وحركته المكوكية، تُنسي المعترضين ضرورة الالتزام بالقوانين وبالأصول الوزارية المرعية الإجراء، لا سيما الطرح الاخير الذي اتفق عليه مع النائب عبد الرحيم مراد، في جلسة صباحية جمعتهما امس الاول في وزارة الخارجية، وقد كان مقبولاً الى حدٍ ما من قبل الطرفين. الّا انّه حتى اللحظة لم يُعرف مَن هو المبادر الى طرح هذه "الفكرة" "كتسوية إنقاذية".

وعليه، توجّه باسيل امس الى عين التينة للقاء الرئيس نبيه بري، وعرض الخلاصة التي انتهت اليها هذه التسوية، وقد لاقت تجاوباً حتى اللحظة من جميع الاطراف باستثناء سعد الحريري، الذي لم يزل حتى الساعة متريّثاً في إعطاء جوابه النهائي، حتى تتظهّر الصورة النهائية للتسوية، علماً انّها تُنصف الجميع على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، مع ترجيح تنازل غير ملحوظ بالشكل للرئيس الحريري، ليس بالعدد انما بالمضمون. فعلامَ نصّت التسوية الإنقاذية؟

الخطة الإنقاذية
تقضي هذه التسوية بأن يعطي رئيس الجمهورية وزيراً مسيحيّاً آخر للحريري فيصبح لديه وزيران مسيحيّان، بالمقابل يعطي الحريري وزيراً سنيّاً آخر لعون فيصبح لديه وزيران سنيّان، فلا يُعتبر ذلك انكساراً للرئيس الذي قال إنّه لا يريد ان يعطي سنّة المعارضة من حصّته.

في الحسبة الشيعية
يتنازل الرئيس عون عن الوزير السنّي الذي أخذه من الحريري لـ"حزب الله" الذي بدوره "يهب" عون وزيراً شيعياً.

هذا الشطرنج الحكومي يترجمه اللاعبون على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، بل تنازلات في الشكل وليس في المضمون، خصوصاً بالنسبة للعدد. ففريق العهد رفض التنازل عن أحد عشر وزيراً، وهذا ما أبقاه له "حزب الله" في هذه التسوية. كما بقي الرئيس على كلامه القائل، إنّه لن يوزّر السنّة المستقلّين من حصّته. مع الاشارة الى ان الحزب خسر مقعداً وزارياً شيعياً بعد استبداله بآخر سنياً.

بالمقابل، حفظ "حزب الله" للحريري رغبته بعدم توزير أحد من سنّة 8 آذار من حصّته، الّا انّه سجّل نقطتين:
- حجز مقعداً لسنّة 8 آذار وخفّض الحزب بذلك الحصّة السنّية الخاصة بالحريري الى 3 وزراء بدلاً من 4، بعد ان استُبدلت الحصّة الوزارية الرابعة بوزير مسيحي لتصبح حصّة الحريري وزيرين مسيحيّين وثلاثة سنّة، لاسيما اذا وفى الحريري بوعده للميقاتي باعطائه مقعداً سنّياً، وبالتالي تكون الحصّة الحريرية حافظت على عددها داخل الحكومة في الشكل وليس في المضمون، اذ من غير الممكن احتساب "السنّي الميقاتي" حريري الهوى، وحكماً لن تكون الحصّتان المسيحيتان الرافع الأمثل لسعد الحريري الذي من المفترض ان يكون "بي السنّة" وزعيمهم الاوحد.

علماً انّ المعلومات تشير، الى انّ رئيس الجمهورية رفض تسمية طارق الخطيب في حصّته بطلب من الحريري، واستبدله برئيس مجلس إدارة بنك سيدر فادي عسلي، على ان يتم استبدال الاخير بالوزير رائد خوري، الذي كان يرأس مجلس إدارة البنك المذكور ليعود الى مركزه.

الاسم الاوفر حظاً
المعلومات الأخيرة تفيد بأنّ النائب قاسم هاشم هو الأوفر حظاً لأنّه لا يستفز احداً، بعد ان طُرح إسما الوليد سكرية وعبد الرحيم مراد اللذان يستفزان الحريري.

المخرج الوحيد وإلّا...
عن هذه التسوية تقول مصادر مطّلعة، انّها المخرج الوحيد لحفظ ماء وجه الرئيس عون تحديداً، الذي حافظ على 11 مقعداً مع التيار. كما تحذّر المصادر من ان اي اخلال بهذه التسوية سيؤدي الى حسابات جديدة يكتسح فيها فريق 8 آذار الحكومة، فيحصل على11 وزيراً، اذا اعاد "الحسبة والعد"، لانّ النتيجة ستكون 46 نائباً دون احتساب الـ(29) التابعين للتيار الوطني الحر.

كما تكشف مصادر مطلعة أيضاً، على هذه التسوية لـ"الجمهورية" عن انّ الحكومة لن تُشكّل بالسرعة التي يتوقعها البعض وبأنّها ستأخذ وقتاً اضافياً للتباحث بالاسماء وبالحقائب، الا انّ المعلومات التي كشفت عن تفاصيل التسوية، اوحت انّ التشكيلة الانقاذية للحكومة المنتظرة ستبصر النور قبل الميلاد.