فيروز... إبداعها ميزها وموهبتها تخطت الحدود
 
عند ذكر إسمها تعرفُ أنّك تتحدّث عن الإبداع، إسمها نهاد حداد، لقبها  فيروز وصل إلى العالم بصوت وموهبة قلّ وجودها في زمن الفنّ، هي التي روت الفنّ ببحر من الأغاني الأصيلة التي تُحاكي كلّ قضايا المجتمع وكلّ الأزمان والأحوال.
 
يحتفلُ العالم اليوم بعيد ميلاد سفيرة النجوم الـ83، عملاقة من عمالقة الفنّ العربي هي التي تملكُ في رصيدها مئات التكريمات والأغنيّات والمسرحيّات، اليوم نستطيعُ القول أنّه أصبح للشمس خيوط ، للقمر جارة وللأرض "فيروز".
 
فاض حبّ اللّبنانيّين لسيّدة النجوم، على كافّة المنصات الإفتراضيّة هي التي نجحت في أن تكون قاسماً مشتركاً بينهم جميعًا،بالرغم من إبتعادها عن الأضواء والمُقابلات، إلّا أنّها حاضرة على الدوام في يوميّات كل اللبنانيّين فأغنياتها الخالدة تُزيّن يوميّاتهم، ومنذ ساعات الصباح الأولى، إحتلّ وسم #فيروز صدارة الهاشتاغات الأكثر تداولاً، إلى جانب وسوم أخرى كـَ #عيد_الدني.
 
 
المعايدات السياسيّة إنهالت اليوم من مختلف الأطراف، لتهنئة  سيّدة النجوم بعيدها، فغرّد النائب أنطوان حبشي:"صوتٌ نلقي عليه آلامنا وآمالنا...نشاركه أفراحنا... نتقاسم معه كل صباح الخبز والملح... يجعلنا نحبّ لبنان أكثر... لها أمنياتنا والمحبّة".
 
وقال الوزير السّابق فادي عبود:"غريب مدى ارتباط صوت فيروز باحساسنا الوطني والقومي.... غريب كيف نخجل من اخفاقاتنا وتشرذمنا حين نسمعها ترندح وطنا بحنجرتها... كل عام وانت ملكة القلوب وذاكرتنا النابضة دائما بان لنا مجد وعراقة وحضارة".
 
أما الوزير ملحم الرياشي، فكتب:"والشمع الأحمر يضحك للنار، EVIVA ".
 
لمناسبة ذكرى ميلاد سيّدة النجوم نعرض أبرز محطات حياتها في هذه السطور:
 
ولدت فيروز في زقاق البلاط في مدينة بيروت لبنان بتاريخ 21 تشرين الثاني عام 1935، بدأت الغناء وهي في عمر السادسة من العمر، حيث انضمت إلى كورال الإذاعة اللبنانية، وعندما عرفها حليم الرومي، أطلق عليها اسم فيروز ولحّن لها بعض الأغنيات، بعد أن رأى فيها موهبة فذة ومستقبلًا كبيرًا.
 
أما الموسيقي محمد فليفل فهو من اكتشف موهبتها وضمّها لفريقه الذي كان ينشد الأغاني الوطنية.
 
توفيت والدتها في اليوم نفسه الذي سجلت فيه فيروز أغنية "يا جارة الوادي" من ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب.
 
فيروز من أقدم فنّاني العالم المستمرين إلى اليوم، ومن أفضل الأصوات العربية ومن أعظم مطربي العالم، نالت جوائز وأوسمة عالمية عديدة.
 
وكانت انطلاقتها الجدية عام 1952 عندما بدأت الغناء بألحان الموسيقار عاصي الرحباني، الذي تزوجت منه بعد هذا التاريخ بثلاث سنوات، وأنجبت منه أربعة أطفال هم: الملحن وعازف البيانو اللبناني زياد الرحباني ، والراحلة ليال، وريما وهالي الرحباني.
 
كانت الأغاني التي غنّتها في انطلاقتها تملأ القنوات الإذاعية كافة، للأخوين عاصي ومنصور الرحباني اللذين يشار إليهما دائمًا بالأخوين رحباني.
 
شكّل تعاون فيروز مع الأخوين رحباني مرحلة جديدة في الموسيقى العربية، حين تم المزج بين الأنماط الغربية والشرقية، والألوان اللبنانية في الموسيقى والغناء. وساعد صوت فيروز وانسيابيته على الانتقال دائمًا إلى مناطق جديدة.
 
قدّمت مع الأخوين رحباني، وأخيهما الأصغر الياس، المئات من الأغاني التي أحدثت ثورة في الموسيقى العربية، لتميّزها بقصر المدة وقوة المعنى، بخلاف الأغاني العربية السائدة في ذلك الحين التي كانت تمتاز بالطول.
 
كانت أغاني فيروز بسيطة التعبير مع عمق الفكرة الموسيقية، وتنوع المواضيع؛ حيث غنت للحب والأطفال، وللقدس لتمسكها بالقضية الفلسطينية، وللحزن والفرح والوطن والأم.
 
قُدِّم عدد كبير من أغاني فيروز ضمن مجموعة مسرحيات، وصل عددها إلى خمس عشرة مسرحية، من تأليف وتلحين الأخوين رحباني. وتنوّعت مواضيع المسرحيات بين نقد الحاكم والشعب، وتمجيد البطولة والحب بشتى أنواعه.
 
غنت فيروز لكثير من الشعراء والملحنين، منهم: ميخائيل نعيمة بقصيدة "تناثري"، وسعيد عقل بقصيدة لاعب الريشة، كما غنت أمام العديد من الملوك والرؤساء، وفي أغلب المهرجانات الكبرى في العالم العربي. وأطلق عليها ألقاب عدة منها "سفيرتنا إلى النجوم" الذي أطلقه عليها الشاعر سعيد عقل، للدلالة على رقيّ صوتها وتميزه.
 
بعد وفاة زوجها عاصي عام 1986 خاضت تجارب عديدة مع مجموعة ملحنين ومؤلفين، من أبرزهم: فلمون وهبة وزكي ناصيف، لكنها عملت بشكل رئيسي مع ابنها زياد الذي قدّم لها مجموعة كبيرة من الأغاني، أبرزت موهبته وقدرته على خلق نمط موسيقي خاص به يستقي من الموسيقى اللبنانية والموسيقى العربية، والموسيقى الشرقية، والموسيقى العالمية.
 
أصدرت فيروز خلال هذه المرحلة العديد من الألبومات من أبرزها "كيفك أنت"، "فيروز في بيت الدين 2000" الذي كان تسجيلًا حيًّا من مجموعة حفلات أقامتها فيروز بمصاحبة ابنها زياد، وأوركسترا تضم عازفين أرمن وسوريين ولبنانيين.
كان تسجيل "فيروز في بيت الدين 2000" بداية لسلسلة حفلات حظيت بنجاح منقطع النظير، لما قدّمته من جديد على صعيد التوزيع الموسيقي والتنوع في الأغاني بين القديمة والحديثة. وفي عام 2010 طرحت ألبومها "إيه في أمل " .
 
وكان ألبوم "ببالي" عام "2017" آخر ما قدّمته من ألبومات عديدة، وقدمت حفلاتها في العديد من الدول قلما توجد فنانة قامت بمثلها.
 
قُدّمت مسرحياتها في أماكن عدة منها: كازينو لبنان، ومهرجانات بعلبك الدولية، ومهرجان دمشق الدولي، ومهرجان صيدا، ومسرح قصر البيكاديلي في بيروت، والمدرّج الروماني (عمان) بالأردن، ولقَّبها جمهورها بملكة المسرح.
 
نالت فيروز العديد من الأوسمة والتكريمات أهمها: ميدالية الكرامة، ووسام النهضة الأردني من الدرجة الأولى من الملك حسين ملك الأردن، ووسام الاستحقاق ووسام الارز اللذين منحهما الرئيس اللبناني فؤاد شهاب عام 1962، وجائزة التميّز الفنية العالية، التي منحها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عام 1997، كما كُرمت من قبل أكاديمية الفنون المصرية عام 2008، ومُنحت فيروز لقب سفيرة الفنانين العرب من ملتقى الإعلاميين الشباب العرب، وذلك تقديرًا لجهودها في خدمة الفن العربي الأصيل عام 2012.