حزب الله أمام مسؤولية وطنية كبيرة، ويجب أن يقتنع الحزب أكثر بلبنان كوطن، وأن أي قرار إيجابي تجاه القوات هو قرار وطني
 

في موقف لافت غداة المصالحة التاريخية بين حزب القوات اللبنانية  وتيار المردة، قال النائب في تكتل الجمهورية القوية أنيس نصار أن " كل شهيد من حزب الله يموت دفاعاً عن أرض لبنان هو شهيد للقوات اللبنانية، " واعتبر نصار أن " حزب الله يمثل شريحة واسعة من اللبنانيين وهذا ما أثبتته نتائج الانتخابات."

وفي أيلول المنصرم قال رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في كلمة ألقاها عقب قدّاس شهداء المقاومة اللبنانيّة الذي أقامه حزب القوّات اللبنانيّة في مقرّه العام في معراب موجهاً خطابه لحزب الله: "عودوا إلى لبنان، عودوا إليه بكل المعاني وعلى جميع المستويات، عودوا إلى لبنان ونحن جميعاً في انتظاركم."

هذا الموقف ليس جديداً للقوات اللبنانية، وهي تعبر دائماً عن قناعاتها وتطلعاتها نحو بناء مجتمع لبناني متكاتف ومتضامن، مجتمع متمسك بهويته الوطنية، متمسك بالجمهورية كخيار وانتماء وهوية، وهي خرجت منذ سنوات طويلة من لعنة الحرب الأهلية لتؤسس لوطن جديد قائم على السلام والحوار والتلاقي ونبذ لغة الحرب بل حتى ذكرياتها الأليمة، وجاءت خطوة المصالحة بين القوات اللبنانية وتيار المردة وقبلها إتفاق معراب لتؤكد التوجه الحقيقي للقوات ونواياها الصادقة تجاه لبنان كوطن يتسع للجميع، كوطن يقوم على المحبة أولاً وأخيراً. 

إقرأ أيضًا: المجتمع المدني يحتفل بالاستقلال على طريقته... تحرك ضد الفساد السياسي والمالي والبيئي

وفي لقاء منذ أيام مع قيادي بارز في حزب القوات اللبنانية قال أن "القوات بهذه المصالحة تريد أن تتخطى زمن الحرب وهي جدية جداً في مصالحتها مع المردة وقد جاءت هذه المصالحة عن قناعة ثابتة بضرورة تنقية الذاكرة اللبنانية، وبضرورة الخروج بهذا الوطن من ذاكرة الحرب إلى السلام والحوار والتلاقي مع احتفاظ كل طرف بقناعاته السياسية مهما كانت ودعا أن تُعمّم هذه التجربة على كل أطياف وتيارات المجتمع اللبناني.  

إذن فإن هذا الخطاب القواتي ليس إعلامياً، بل هو سلوك وقناعة وربما هو تحدي لأن السلام أيضاً بحاجة إلى شجاعة وربما كانت شجاعة السلام أمضى وأقوى من شجاعة الحرب.

ولأن حزب الله معنيُّ بالتصريح أكثر من غيره ينبغي أن يؤسس هذا التصريح لموقف جريء من قيادة حزب الله، موقف مسؤول، موقف يتجاوز كل الماضي والتاريخ ولغة الحرب، موقف برسم المستقبل، موقف وطني يندرج في إطار بناء المستقبل لكل الجيل اللبناني، ويؤسس لمستقبل لبناني أفضل وأجمل، مستقبل السلام ومستقبل نبذ لغة الحرب والحساسيات التاريخية التي كونت في ذاكرة اللبنانيين الكثير من الألم والمآسي.

إقرأ أيضًا: بطاقة استقلال إلى كلّ اللبنانيين!!

"إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" وفي كلا الحالتين لا بد من ردّ التحية إحتراماً لهذا الوطن واحتراماً لكل لبناني يريد أن يكون لبنانه مفعم بالأمل بالسلام وبالتلاقي.

ولأن الشيء بالشي يُذكر فخلال الحديث عن ظاهرة الفساد في لبنان وخطورتها قال القيادي القواتي الذي مررنا على ذكره آنفاً أن "القوات تعمل جاهدة على المضي في محاربة الفساد وعلى التصدي لكل أنواعه وهي تراهن على حزب الله كونه الجهة الوحيدة التي يمكنه الوقوف إلى جانبها على هذا الصعيد ولكن ذلك يتعلق بالقرار السياسي لدى الحزب" .

فالمسألة لدى القوات جدية، ولعل هذا الخطاب مقصود وهو يعبر عن رسالة حقيقية تحاول أن تتجاوز هذه القطيعة بين شريحتين لبنانيتين كبيرتين، وبالتالي فإن حزب الله أمام مسؤولية وطنية كبيرة، ويجب أن يقتنع الحزب أكثر بلبنان كوطن، وأن أي قرار إيجابي تجاه القوات هو قرار وطني، وأن تلك القضية التي مرّ عليها أربعون عاماً والتي تقف حائلاً بين حزب الله والقوات اللبنانية وهي قضية الديبلوماسيين الإيرانيين يجب أن لا تكون كذلك سيما أنه لم يثبت حتى اليوم أن القوات اللبنانية وبقيادتها الحالية هي المسؤولة عن هذه القضية وفقاً للكثير من المعلومات والوثائق، وبالتالي لا بد من العمل على إيجابية القرار تجاه القوات اللبنانية، الأمر الذي  يجمع شمل اللبنانيين ليبنى وطن جديد  خارج ذاكرة الحرب، وطن المحبة والسلام.