أعلن المختلفون مع الحوثيين بأن هذا الموقف المستجد نتيجة خسارات فادحة للحوثيين على الجبهات كافة
 

أعلن مُتحدث حوثي وقف إطلاق الصواريخ وطائرات دون طيّار والالتزام الكامل بعدم رشق حجر على المملكة العربية السعودية بعد أن دخلت جبهات الحرب المفتوحة في اليمن في جيب شرعية الرئيس الهادي وخاصة جبهة مدينة الحديدية الاستراتيجية وقد علّل مؤيدون للحوثيين الموقف المستجد لجماعة أنصار الله بأنه إبداء لحسن نيّة من طرف واحد استجابة لنداءات التفاوض التي تتولاها الأمم المتحدة والتي تفرض الالتزام بوقف اطلاق النار وبقرارات الجمعية دون أن يكون للحوثيين قيد شرط في الجلوس الى طاولة الحل السياسي.

في حين أعلن المختلفون مع الحوثيين بأن هذا الموقف المستجد نتيجة خسارات فادحة للحوثيين على الجبهات كافة وجماعة أنصار الله تحتاج الى هُدن كي تلتقط أنفاسها المتهالكة وليس حُباً بالحل السياسي ولا قناعة بالسلام الداخلي على قاعدة مقررات الحراك اليمني التي تدعو الى صيغة سياسية تشمل القوى اليمنية كافة على ضوء النتائج التي ستفرزها صناديق الانتخابات والتي تتسع لجميع الأطراف دون العمل على إلغاء أحد من مكوّنات الحراك اليمني الذي أطاح بالنظام البائد.

إقرأ أيضًا: العراق ذبيح الصراع الأميركي الإيراني

بين الرأيين يبدو اليمن في مخاض الوصول الى نتائج ضاغطة على القوى المتقاتلة والتي أنُهكت واسُتنزفت وباتت أقرب الى الحلّ الجزئي الذي تريده جماعة الحوثي لتثبيت واقع الانقسام أو للحلّ الكلي والذي يلغي الانقلاب ويحاصر الحوثيين في مواقع تواجدهم الديمغرافي ضمن مشاركة سياسية مقبولة لا كجماعة مسيطرة على البلاد والعباد بقوّة القوّة التي أرهبوا بها اليمنيين.

هذا الموقف ليس سهلاً بقدر ما هو صعب كونه يعكس بوضوح أزمة الحوثي المتعددة الوجوه خاصة وأن مصادر الدعم قد انتهت بحجم كبير نتيجة العقوبات الأمريكية على إيران وحالة إيران المزرية اقتصادياً والتي تحتاج الى فرص لاستعادة بحبوحتها الاقتصادية وهذا لن يتم الا من خلال انتهاج سياسات جديدة داخل ايران وخارجها وخاصة في الدول التي وضعت فيها إيران كل امكانيّاتها المالية.

يبدو أن التحالف بقيادة المملكة يفهم جيداً دواعي الاعلان الحوثي والذي هو بمثابة هزيمة كونه اعتراف علني بحرص الحوثيين على أمن المملكة وضمان مسؤليتهم عن الحدود معها وهذا ما يعني أن الحوثي حريص كل الحرص على تحييد السعودية وجذب انتباهها الى ضرورة خلق أجواء أفضل بين جماعة أنصار الله وبين قيادة المملكة كمقدمة للدخول في مفاوضات جدية لإنهاء جبهات الحرب بواسطة التسوية المقبولة.

إقرأ أيضًا: مات الوطن عاش الزعيم

هل تستجيب السعودية لرغبة الحوثي  في نزع فتائل استمرار الحرب؟

سؤال صغير لحرب كبيرة معقدة الأطراف والتجاذبات ولا يمكن الاجابة الشافية عن ذلك كون تعقيدات الحلول أكبر بكثير من تعقيدات الحروب فلا يمكن العودة الى الوراء وكأن شيئاً لم يحصل فحاجة المعنيين بالحرب اليمنية تستلزم إلقاء القبض على اليمن بحيث ان إيران لن تسمح  للسعودية بمسك اليمن مجدداً كما ان المملكة لن تقبل بوجود ايران في اليمن كونه يهدد أمن العربية السعودية وبالتالي لم تبدأ الحرب على اليمن كيّ تنتهي بتناصفه أو بشراكة آيلة مجدداً الى حرب جديدة عندما تسنح الظروف.

وهذا لا يخص السعوديين والايرانيين وحدهم بل إن دولاً عربية واقليمية ودولية لها مصالح استراتيجية في اليمن وهي على علاقة خاصة بمستقبل اليمن السياسي لذا لا يمكن وضع اليمن في سياق التجاذبات الايرانية - السعودية فقط لأن موقع اليمن موقع يتجاوز حدود خصام اليمنيين والايرانيين والسعوديين كونه طريقاً للتجارة العالمية وهذا ما يدفع الى تولية نظام يرعى منظومة مصالح بحجم منافع هذه الدول الكبيرة.

لا يمكن ايجاد أنصاف الحلول في اليمن بل إن الحسم العسكري هو وحده الحلّ الأمثل لتضع الحرب أوزارها وهذا ما يعني أن الحرب طويلة وقد تتخذ أشكال أخرى من المواجهة.