واقعياً في هذا الزمن نحن أسوأ أمة
 
لسنا بحاجة إلى تعداد ما يجري وما يحدث على أراضينا.. فالكل يعرف لأنني سأتجاوز الوجبات الإخبارية اليومية لأنها لا تتغير إلاَّ وتراها تضيف أخبار الموت، وتخبرنا مأساة ومصائب تزداد إلى قوائم مآسينا وأوجاعنا..
 
نحن خير أمة أخرجت للناس... لا اعتراض على كلام الله..! لكن واقعياً في هذا الزمن نحن أسوأ أمة..أكثر من نصف قرن ونحن ندعو في صلواتنا اليومية ومن على منابر المساجد والحسينيات أن يمن علينا بتحرير المسجد الأقصى ويحمي الشعوب المضطهدة من بطش الأعداء... لم تتحقق الإجابة ولم يتحقق الدعاء بعد.. بل تزداد مشاكلنا ويزداد الأمر تعقيداً.. ونزيد مع الأيام أدعية إضافية إلى قائمة أدعيتنا اليومية لتتشعب إلى السياسة الخارجية... والدول الخارجية... وإلى السياسات الداخلية من أن يسد جوع الجائعين وفقر الفقراء ومساكن المساكين ورفع الظلم والمآسي عن المظلومين والمحرومين والمضطهدين والمسجونين وأن يخفف عنا أسعار الغلاء في مشترياتنا الحياتية، وأن يحفظ أسعار المحروقات من بنزين ومازوت ومشتقاتهما من الغاز والكاز ومعهم الماء والكهرباء والطلبات والمتطلبات تزداد وإلى ارتفاع في قائمة الأدعية الواردة منها والمنقولة والمعمولة.. 
 
 
يا رب اللهم إني أعبدك وأخرُّ راكعاً وساجداً ومطأطأ الرأس لملكوتك طمعاً بمغفرتك.. يا ربي إنني لا أنكر الدعاء واللجوء إليك، لكنني أنكر الخنوع وعدم محاسبة ولاة الأمر وأهل الحل والربط والعقد، ومحاسبة المسؤولين الذين سرقوا أحلامنا وأرزاقنا ومستقبلنا ومستقبل أولادنا، والمصيبة الداهية أننا ومع تفقيرنا وفي وسط دموعنا ووجعنا وذلنا وقهرنا ترانا نسرد في قوائم طلباتنا أن يوفق الله ولاة أمورنا وأن يمن عليهم بطول العمر ويرزقهم فوق ثرواتهم ثروات وأن ينقص من عمرنا ليزيد في أعمارهم بل ونفديهم بالدم والروح، لأننا نعتقد أنهم خلقوا من جنس الملائكة فهم يملكون عقلاً بلا شهوة، ويملكون صواباً بلا خطيئة، أكثر من نصف قرن من الأدعية إكتشفنا  أنَّ هناك من أوهمنا أن تلك القضايا حلها في السماء وليست في الأرض، إكتشفنا أنَّ هناك من أوهمنا أن المسؤولين وأولي الأمر هم بشر، وصلاحهم وهديهم  وتوفيقهم وتسديدهم مرهون على إستجابة السماء...
 
المهم أن لا نثور عليهم وعلى سلطتهم وأحزابهم ومسؤوليهم الموزعين في الأرض والمزروعين في كل بلد كما خلقت ملكاً عن يميننا وآخر عن شمالنا، ليسجلوا علينا حتى أنفاسنا وصفيرنا، كما قال ملك اليمين: أنَّ فلاناً أحدث صفيراً فماذا أكتب..؟ ردَّ عليه ملك الشمال: أكتب صفير وعلى الله التفسير... المهم أن لا ننتقدهم ونسألهم: أين أنتم من الفقر.؟ أين أنتم من المرض الذي يضرب كل حي..؟ أين أنتم من البطالة..؟ أين أنتم من السارقين والفاسدين..؟ أين أنتم من الأيتام والأرامل والمحتاجين..؟ أين أنتم من المظلومين والمأسورين والجائعين والمشردين والمشحرين والمعترين والضائعين والشحاذين والمتسولين..؟ أين أنتم من المعزة التي تعثرت في طريقها..؟ وما أكثرنا وأكثر أطفالنا يموتون جوعاً في شوارع بلاد الإسلام...؟ متى نستفيق ونعي أنَّ مآسينا ومشاكلنا ومشكلتنا ليست مع السماء، بل مشاكلنا وشحارنا وتعتيرنا بمن يحكمنا في الأرض... متى..