اللبنانيون عالقون في سجن السير....
 
بات واضحًا أنّ لا نيّة لدى المسؤولين بالخروج من دوامة الفساد والإخفاقات التي يُعاني منها المواطن اللّبنانيّ، خصوصًا وأنّ الأخير إستسلم للحال الذي وصل إليه البلد، ولم يعد لدى اللّبنانيّ أيّ ثقة في الوعود ولا حتى في تشكيل حكومة قريبة ووقف الهدر والفساد، لأنّ أغلبيّة المرافق الحياتيّة التي تهمّ الناس، تُعاني من إضطراب واسع.
يُعاني اللّبنانيّ منذُ أكثر من 26 عامًا من تردّي وضع قطاع النقل وما يتشّعب عنه من زحمة سير، ومصاريف إضافيّة، وهدر للمال والمحروقات، وضياع للوقت، ومعوّقات أمام الإستثمارات. يُصنّف لبنان من بين الدول القليلة جدًا في العالم الذي لا يوجد فيه نقل عامّ حيثُ تُكبّل زحمة السير حياة الموظفين، العمّال والطلاب، لاسيّما في فصل الشتاء فتغرق الطرقات بالمياه، ويُحتجز المواطن في سيّارته لساعات وساعات.
ومع كلّ هطول مطر يترافق في لبنان زحمة سير خانقة يعُاني منها اللّبنانيّون، وتعود هذه الزحمة لسببين، أوّلاً أعداد السياّرات كبير جدّاً بالنسبة إلى إمكان إستيعاب الشوارع، وثانيًا مُخالفة القانون بالتوقف ويزدادُ الأمر تعقيداً في موسم المدارس، وإيصال التلاميذ من  أهاليهم وليس بالباص، وفيضان المياه في بعض المناطق. هُنا و على هذه الطرقات، يسُجن المواطنون في سياّراتهم لساعات قبل الوصول لوجهتهم المحدّدة خصوصًا أنّ لاموعد مُحدّد لزحمة السير فساعة الذروة تمتدُّ من الصباح ولا تنتهي حتى المساء.
 
وإستفاق اليوم اللّبنانيّ على زحمة سير لم يشهدها على الأكيد منذُ أعوام نتيجة اغلاق الجيش بعض الطرق من أجل اجراء تدريبات للعرض العسكري بمناسبة عيد الإستقلال، حيثُ شهدت مداخل مدينة بيروت زحمة سير خانقة حيث علق السائقون في سياراتهم وتحوّلت مداخل العاصمة في الصياد والكرنتينا وطريق المطار الى مواقف سير حيث ناشد المواطنون كافة المسؤولين وتحديداً قيادة الجيش بفك أسرهم لكيّ يتمكّنوا من الذهاب إلى أشغالهم.. 
وضجّت مواقع التواصل الإجتماعيّ بصور الزحمة التي شهدتها بيروت، حيثُ عكس هذا المشهد في شوارع العاصمة وعند مداخل ضواحيها الشرقيّة والغربيّة، حجم الجحيم الذي عاشه السائقون لقطع مسافات لا تتجاوز الكيلومترات القليلة.
وحتى كتابتنا لهذه السطور، تنتظرُ هذه السيارات الغارقة توقيت الافراج عنها، حيثُ يسكن من في داخلها إستياء عارم وغضب مزمن وحرق للأعصاب، وما زاد الطين بلّة إنقلاب شاحنة عند جسر انطلياس، ما أدّى إلى زحمة سير خانقة باتجاه جونيه.
وفي التفاصيل، الشاحنة كانت تسير بسرعة زائدة على الاوتوستراد باتجاه جونية، ونظرا للأمطار الغزيرة والطريق المبللة، لم يستطع السائق السيطرة على الشاحنة، ما أدّى إلى انحرافها وسقوطها من على الجسر.
كما وكشفت خرائط غوغل الزحمة التي سببها إغلاق بعض الطرق والتي إمتدّت لتصل إلى الضبيّة والمتن وخلدة والفياضيّة.
وغرّد عضو "حزب الكتائب اللبنانية" النائب الياس حنكش، عبر حسابه الخاص على موقع "تويتر"، قائلًا "هيدا يلّي كان بعد ناقص، وبسبب تدريبات لعيد الإستقلال؟"، مناشدًا وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق وقوى الأمن "التحرك فورًا لتحرير المواطنين".
بدورها، علّقت النائب بولا يعقوبيان على الموضوع نفسه، سائلةً "عرض واستقلال؟ من يصدّق بعد أنّه يعيش في دولة؟ يكفي ذلًّا وإهانة للناس"، متمنيةً على قائد الجيش اللبناني "إلغاء التدريبات لأنّ بالجيش فقط لم يكفر اللبناني بعد. إفتحوا السير الآن".
وكتب رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب: "أول مرة تحتفل دولة في العالم بكذبة إسمها الإستقلال عا أساس الناس مش كافيها إلي فيها فقرروا إذلالها بإستعراضات من أجل ما يسمى عيد إستقلال كأنهم لا يعرفون أن إنجازات الإنتداب أكثر بكتير من إنجازات الإستقلال".
واضاف وهاب:"دولة تحترم شعبها تقيل مدير عام قوى الأمن الداخلي وأصحاب العرض العسكري لأن بنظري المرضى المحتجزين في سيارات الإسعاف وكرامة الناس أهم من هؤلاء أصحاب الإنجازات الوهمية لا يستطيعون فتح الطرقات ما هي إنجازاتهم ؟ لا أعرف تافهون حقاً".
وتابع وهاب: "نطالب وزير الدفاع بالتدخل لإلغاء عروضات ما يسمى الإستقلال بدل الإحتفال فليخجل المسؤولون وليعتذروا من الناس عن إذلالهم اليومي دولة تعيش على نهب الناس وظلمهم وإذلالهم ألا تخجل من الإحتفال؟".
ودعا النائب هاكوب ترزيان "بكل محبة قيادة الجيش، المؤسسة الوطنية التي نجلّ ونحترم ونؤمن بانها كانت ولا تزال الدرع الحامي للمواطن، نقل تمارين تحضيرات حفل الإستقلال من جادة شفيق الوزان إلى الواجهة البحرية لبيروت لتفادي اقفال مداخل العاصفة وإطلاق سراح المواطنين المحجوزين داخل سياراتهم على الطرقات".
من ناحيته، لفت النائب السابق الان حكيم الى ان "تحضيرا للعرض العسكري في بلد مفلس والهدر فيه بالمليارات ومسؤوليه عاجزين عن تشكيل حكومة! يا عيب الشوم! وضع محزن ومقرف، زمن الوقاحة واللامبالاة!"، متسائلاً: "من يأخذ هذه القرارات؟ من يوافق عليها؟ أين التخطيط؟ لإلغاء العرض العسكري والاعتذار من اللبنانيين وتحويل ميزانيته لسد فجوة من فجوات الهد".
وسأل منسّق عام لقاء السيادة الوطنية نوفل ضو:"ألا يستحق الشعب اللبناني المهان والمذلول بيان اعتذار علني وواضح من وزارة الدفاع وقيادة الجيش على ما تم اقترافه في حق اللبنانيين باسم الاحتفال بالاستقلال؟".