وساطة وزير التيّار محصورة مع الجهة المعنية وهي قيادة حزب الله وهنا تنتهي حركة وساطته
 
إنهمك الوزير جبران باسيل بالوساطة بين المتخاصمين على ما هو أبعد من توزير سُني سوري أو إيراني أو متابع لسياسات الحزب وقوى 8آذار أو لاعتباره ضرورة متصلة بالتعددية داخل الطائفة السنية كما يوصف المستقبل وحزب الله خلافهما حول توزير نوّاب من غير تيّار المستقبل .
 
بدأ الوزير جولته من كليمنصو من دارة الخصم الذي أضعفت الخصومة حيثيته وبات أحرص على السكوت من الكلام مادامت المعايير القائمة معايير القوّة في الميزان اللبناني وبعد أن تمّت الجرأة عليه مراراً وتكراراً حتى بات مضرب مثل للمحاصرين له من الأقربين والأبعدين وهذا ما جعل التيّار الوطني الحرّ شريك أساسي في خيارات الحزب التقدمي الاشتراكي وفي مسار الطائفة الدرزية بعد أن استقطب النائب طلال ارسلان وأدخله عنوة في حصّة العهد وقد خضع الزعيم لهذه المشاركة تحت وطأة ضغط الضعف الذي هو فيه.
 
في العودة للوزير الوسيط تبدو حركته مشغولة بحسابات إدارة اللعبة السياسية واعتبار التيّار ضمانة وطنية بين الطوائف لقدرته على التحلل و التماهي مع الخطابات المتعددة في لبنان بين ما هو طائفي وما هو وطني وبين ما هو عربي و ماهو أعجمي وبالتالي تثبيت دوره كقطب لرحى السياسة في لبنان بحيث أن أحجارها تدور حول التيّار كي تطحن جيداً عدس السلطة وهذا ما ليس بمقدور أي طرف ماروني أو مسيحي القيام به اذ لا يصلح حزب الكتائب لهذا الدور كما أن القوّات اللبنانية لا تستطيع أن تلعب أدواراً مماثلة بين الأفرقاء اللبنانيين فلا يبقى في الميدان الا وزير التيّار وهذا ما يكرّس سياسة زعامة قادمة على عجلة الخلافات المتدهورة ما بين الشيعية السياسية والسُنية السياسية وهذا التدهور المستعر سيعيد انتاج "طائف" فعلي يضع رُكن السلطة في يدّ التيّار في ما يشبه مضمون الصيغة القديمة التي أعطت المارونية السياسية مكاسب السلطة.
 
 
في حكومات متعددة ومتتالية كانت حصّة التيار الوزارية والدسمة منها هي الأكثر حتى قيل انها حكومات التيّار وهذا ما أرضى الشعور المسيحي المقهور بفعل النق الطائفي الماروني وهذا ما شفى غليل جماعة الممانعة في رؤية وهن جماعة السيادة بقيادة سعد الحريري ومن خلالها رؤية الوهن الحقيقي لطائفة المستقبل. وهذا الاحتكار المبرر بفعل سقوط سياسات وبروز سياسات أخرى نشّط من دور الحرّ وجعله يحتل السلطة بطريقة ذكية أو استذكائية لغباء الآخرين.
 
لقد أخذ وزير التيّار ما أخذه بانتهاء العقدة المسيحية والدرزية وها هو يتوسط بين بيت بيروت وبين بيت الضاحية لحل العقدة السنية بتسمية وزير سني يستوعبه التيّار من داخل حصّة العهد وبذلك يرفع الحزب اشارة النصر بوجه المستقبل ويرفع المستقبل اشارة الانتكاسة الدائمة بوجه الحزب لتمرير حكومة للتيّار فيها حصّة الأسد وللآخرين فتات خلافاتهم ذات الحساسيات والعصبيات الطائفية والمذهبية وهذا ما يرضي أهل الحلّ و العقد.
 
طبعاً زيارة جنبلاط لا علاقة لها بالوساطة لإنتفاء الاختصاص ولكنها من باب الضرورة لتضخيم دور الوزير واستثماره في المزاد السياسي كما أن زيارة دار الفتوى من باب البركة الدينية التي يحتاجها الوزير لتأكيد انتشاره المكثف في الحواضن اللبنانية كرسول خير وبشارة مع علمه أن دار الفتوى تمضي ما يتفق عليه اللبنانيون وما يسدّد دور الشيخ سعد الحريري في التأليف الحكومي.
 
تبقى وساطة وزير التيّار محصورة مع الجهة المعنية وهي قيادة حزب الله وهنا تنتهي حركة وساطته اذ انه هناك يناقش ويبدى مايراه مناسباً ولكن هنا يسمع ما يوجب فعله للخروج من عنق الخلاف بتوزير عبد الرحيم مراد أو شخصية مخففة على أي فاتورة من الفواتير لاهمّ ولا شأن للحزب في الاخراج المطلوب وهذا ما سيحرص عليه الوزير كي يلعب دور البطل في المقطع الأخير من فيلم الحكومة الآتية.