هل ستحلّ الحشيشة مشكلة البقاع؟ وماذا يجب أن تُقدّم الدولة إلى هذه المنطقة؟
 

ضرورة تطبيق اللامركزية في البقاع

كلما قويت مركزية ادارة الدولة كلما ضعفت خدمة المواطن في الأقاليم، وبالتالي فالمطالبة بتطبيق اللامركزية يسهّل ادارياً علاقة الناس بالسلطة على مساحة الوطن. أقول هذا الكلام بعدما لمست واختبرت حالة المناطق النائية، وعلى وجه التحديد التعاطي الأمني مع تلك المناطق، ولا سيما البقاع ذي المساحات الشاسعة، وما درجت السلطة على تنفيذه من خطط أمنية الى وعود بالعفو العام الى دراسات ومشاريع تنموية تذهب مع ذهاب الحكومات.

أن يصبح عدد مذكرات العدلية غير المنفذة في البقاع بالآلاف ومعظمها في موضوع جرائم المخدرات، فهذا ليس تقصير من المخافر والقوى الأمنية المحلية – وليس المقصود هنا حماية أي تقصير - والأجدى هو في البحث عن المشكلة في مكان آخر، ولذلك سوف نحاول في هذه المقاربة الإضاءة على الواقع الإداري والتنموي لمنطقة البقاع، المتسبب الأساس في تراخي القبضة الأمنية، من جهة، ونجيب على المقترح الذي أوصت به دراسة وكالة ماكينزي وأهميتها لا سيما أنها أتت بحل تشريع زراعة حشيشة الكيف، الذي لطالما تم طرحه من عدة مسؤولين واختصاصيين في لبنان.

الواقع الإداري والتنموي لمنطقة البقاع

لقد تسنّى لي الخدمة في البقاع على مرحلتين؛ في البقاع الأوسط كآمر فصيلة درك شتورا لستِ سنوات في ثمانينات القرن الماضي، ومن بعدها قائد سرية درك بعلبك لمدة تقل عن السنة في العام 1996.

أ- واقع البقاعيون في عهد الدولة العثمانية والإنتداب الفرنسي

ولقد تكوّن عندي الإنطباع عن الولاء القوي للوطن عند الجميع، وهذه قاعدة جيدة لم تكن متوفرة سابقاً، فهناك تاريخ من سوء المعاملة ورثه البقاعيون، سواء من المستعمر الفرنسي الذي اعتبر كل ممتلكات الوقف العثماني – وهو عملياً الوقف الإسلامي - هو ملك للدولة، وقام بتوزيع تلك الملكية على أتباعه ومُواليّ سلطته وكانوا من الطوائف المسيحية، أو من الأتراك وكلنا يدرك المظالم التي نتجت عن فرمانات السلاطين العثمانيين "الهمايونية" وما تعنيه "سفربرلك" لكل اللبنانيين. أضف اليها نتائج ممارسة السلطة الدينية للدولة العثمانية على السكان من المذاهب الأخرى بشكل جائر، ما خلق واقعاً ديمغرافياً صعباً على ابناء تلك المذاهب الذين اختارت السكنة في "لحف الجبال" هرباً من ذاك الجور، فأصبحوا "طفاراً" واستساغوا ذلك اللقب الناتج عن ظلم الدولة، وورثه أبناؤهم حتى اليوم.

ب- واقع البقاعيون في عهد فؤاد شهاب

والحقيقة الثانية، هي الإهمال الرسمي الذي حاول الرئيس فؤاد شهاب تلافيه عندما أقر خططاً للإنماء المتوازن على مساحة الوطن. ويتحمل معظم سياسيي البقاع من ذاك التاريخ حتى اليوم الإهمال الإداري والتنموي. لا بل كان البعض يسعى الى تحقيق مكاسب ومطامع شخصية على حساب المزارعين، ولا ينسى أهل البقاع قصة وزير الزراعة "البقاعي" الذي باع محصول العنب اللبناني الى ليبيا "أيام القذافي" واستبدله بالعنب السوري لقاء حفنة من المال.

ج- الملكية العقارية في البقاع

والحقيقة الثالثة تكمن في حقوق الناس في الملكية العقارية، فمعظم الأراضي التي وهبها الفرنسيون الى أتباعهم ما زالت حتى اليوم غير مفرزة وبالرغم من صدور القوانين والمراسيم وتشكيل لجان من التنظيم المدني للقيام بالفرز والضم، وتخصيص الأموال المطلوبة، فقد تحقق جزء من هذا القانون في مناطق قليلة وما زال عالقا في معظم المناطق الأخرى، ونتكلم هنا عن مساحات شاسعة من الهكتارات في السهل وعلى محاذاة القرى. والمشكلة التي تنقلب امنية هي اقدام المواطنين على شراء حصص من تلك الأراضي، أو التعدي على مشاعات الدولة والبناء فيها من دون التمكن من الحصول على التراخيص اللازمة، بسبب عدم اجراء هذا الفرز.

د- نواب البقاع والأداء السياسي

والحقيقة الرابعة تكوّنت عبر نتائج سوء أداء القوى السياسية في احترام الحقوق والواجبات، فلكل نائب ووزير حاشيته، وقد عاينت بنفسي كيفية تعاطي السياسيين في أي موضوع امني فزعيم القبيلة دائماً على حق بالنسبة لرجل السياسة، والدولة والقانون على خطأ. وإن لم يجاهر بذلك الموقف علانية فهو يتدخل لدى كافة المراجع والسلطات الأمنية القضائية لعدم تطبيق القانون. ويتدخل حتى في عمل المخافر والتشكيلات الأمنية – وهذا ليس فقط في البقاع – ولكنه يعيق تطبيق الأنظمة والقوانين، فتكفر الناس بالسلطة وتعمد الى تطبيق قوانين العشيرة والقبيلة، لا يل تتغنى بتلك العادات.

القادة الأمنيون ليسوا غافلين الى المشكلة ويضع اللواء عباس ابراهيم، في مناسية افتتاح مركز أمن عام في مدينة بعلبك، أصبعه على الجرح عندما يقول: "ان المطلوب اليوم بشدة وإلحاح هو المبادرة إلى المصالحات الأهلية لإسقاط الثأر الذي يستجلب الدم والكراهية والعنف، والإحتكام إلى القانون بوصفه ضامناً للسلم والاستقرار الإجتماعيين. عكس ذلك يعني بقاءنا في دائرة الجنون. وما يجب التنبه إليه ان هناك من اتخذ من عادات الثأر وزراعة المخدرات عنواناً لوصم أهالي هذه المنطقة بصفات لا تشبههم".

ويختم "ان البقاع ليس مرتعاً للارهابيين، بل كان وسيبقى قلعة من قلاع الحرب على هؤلاء، وهو ليس مغلقاً على الدولة واجهزتها. واذا كان الامن شرطاً للاستقرار فان للاستقرار شروطا اقتصادية وتربوية واجتماعية يجب توافرها بالتوازي، فالدولة ليست جابياً للضرائب وشرطيا للقمع فهي قبل ذلك وبعده راعيةٌ وعقدٌ اجتماعي".

التعيينات الامنية والخطة الأمنية في البقاع

من هذه الحقائق نستنتج أن معالجة الأسباب قبل معالجة النتائج. وأن سوء تطبيق القوانين المرعية الإجراء والتدخلات السياسية أضعفا السطوة الأمنية؛ وبالعودة الى المادة 98 من القانون رقم 17 تاريخ 6/9/1990 الناظم لعمل قوى الأمن الداخلي ومفادها انه "لا يجوز تعيين أو استخدام رجال قوى الأمن الداخلي في القطعات الإقليمية الداخل في نطاقها الإقليمي مسقط رأسهم أو مسقط رأس زوجاتهم". فقد قصد المشرِّع من هذه المادة أن يكون رجل الأمن وفي كافة المركز العليا والدنيا التي تناط به، متجرداً ومخلصاً في تنفيذ القوانين والأنظمة. فالتدخلات الجارية في تعييناته ومناقلاته تحد من نزاهته وتجرّده وهذا ما يحصل في منطقة البقاع، وهذا أحد اسباب تراكم المذكرات العدلية والتراخي في تنفيذها. لا بل يبدأ الخطأ من التعيينات، فعندما يُعلن عن دورة تعيينات امنية من البديهي أن يتقدم لها ابناء المناطق النائية، وعند وضعهم في الخدمة يتم الضغط بواسطة السياسيين لنقلهم الى مناطقهم، وهذا ما يُلزمهم بالولاء لمن نقلهم ويشل عمل القانون واستقرار الأمن.

والطامة الكبرى ما درج على تسميته "خطة أمنية"؛ فالبقاع أرض الخير، والزراعة وسيلة العيش الأولى لمواطنيه. وعندما تغيب الدولة عن تأمين البذار والسماد وحسن توزيع المياه، وتسلم المحصول، وعندما لا تؤمن تصريفه أو حتى لا تمنع استيراد المنتج الى لبنان في موسم القطاف أو تغض الطرف عن التهريب كما يجري اليوم بواسطة مهربين يتمتعون بالحماية الحزبية أو بتواطؤ بعض الرسميين، عندها يترك المزارع أرضه بوراً ويغادرها مرغماً ليعيش وعائلته في غرفة قرب العاصمة، علّه يجد عملاً يقيه شظف العيش. أو يلجأ الى زراعة القنَّب الهندي (تسمّى أيضاً "ماريجوانا")، أو الخشخاش لأستخراج الأفيون. وهنا يطرح السؤال، هل كانت زراعة الممنوعات وما تحمله من مخاطر هروباً للأمام الى لقمة عيش، وهل كانت حلاً بديلاً. وهل أن تشريع زراعة الحشيش سيجلب المن والسلوى لمشكلة البقاع والبقاعيين؟

إقرأ أيضًا: بعلبك المنسية ... مدينة تُعاني من أزمة مياه وعقاراتها مرهونة

المن والسلوى من تشريع زراعة الحشيش

ما فَتح النقاش حول هذا الموضوع اعلان رأس الهرم التشريعي اللبناني أمام السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد من إن "المجلس النيابي بصدد التحضير لدرس وإقرار التشريعات اللازمة لتشريع زراعة الحشيشة وتصنيعها للاستعمالات الطبية"، وقد كلف لجنة اختصاصيين لإعداد صيغة لاقتراح القانون المتعلق بزراعة القنب الهندي. وسارع الى دعم هذا الإقتراح عدد غير قليل من نواب المجلس، وهلّل له اللبنانيون عموماً وأهالي البقاع خصوصاً. إذ إن في البقاع مساحات واسعة من الأراضي تؤمن بيئة حاضنة وصالحة لزراعة الحشيشة. فالمساحة الممكن زراعتها في السهل ما بين بعلبك والهرمل من دون احتساب مساحة المنحدرات على جبال لبنان الشرقية والغربية تبلغ 600 ألف دونم. وبحسب دراسة بسيطة قام بها مهتمون بالشأن الإنمائي في المنطقة، فإن زراعة 100 ألف دونم من الحشيشة يؤمن للمزارعين 50 مليون دولار سنويا، أي 500 دولار عن كل دونم. ويبدو أن رئيس المجلس النيابي قد جهّز آلية تنظيم زراعة الحشيشة واستلام المحاصيل يما يشبه آلية عمل وادارة مصلحة ادارة التبغ والتنباك اللبنانية المعروفة بـ "الريجي" لإدارة الزراعة في البقاع، كما هي الحال مع زراعة التبغ في الجنوب، إذ تقوم الإدارة بشراء المحاصيل من المزارعين وتأمين الأسواق لها. و"يُتوقع ان تدر تلك الزراعة نحو مليار دولار لخزينة لبنان ما سيساهم في تحريك العجلة الاقتصادية ويفتح للبلاد آفاقا جديدة في الاقتصاد" وفق الخبير الإقتصادي د. غازي وزني. يقول وزني "إن أهمية دراسة ماكينزي تكمن في أنها أمنت غطاء خارجياً ودولياً لتشريع الحشيشة في لبنان، ما يعني أنها ساهمت بتسويقها عالمياً، كونها شركة رائدة أميركية ومصدراً موثوقاً لدى دول العالم".

بينما يرفض الخبير الدكتور جاسم عجاقة التسويق لنظرية أن تشريع الحشيشة هو باب لمحاربة الفقر في البقاع، ويرى أن مليار دولار هو رقم مشكوك فيه، لأن التهرب الضريبي في لبنان موجود بشكل كبير، لدرجة أن ضبط التهرب الضريبي بشكل جدي يمكّن الدولة من تحصيل مداخيل بقيمة تفوق 5 مليار دولار. ويجزم أن الدولة مع التهرب الضريبي وكلفة ضبط الزراعة وتصديرها ستكون خاسرة.

مواقف القوى السياسية (مواقف القوى السياسية من تشريع الحشيشة)

موقف حزب الله

ويكفي القوى السياسية في لبنان ان تصدر التوصية عن مرجع أجنبي حتى تنهال التبريكات والموافقات؛ وحدها كتلة حزب الله تريثت في اعطاء الجواب، فقد استصرحت صحيفة الجمهورية رأي معظم الكتل البرلمانية الرئيسية؛ وأوضَح عضو كتلة المقاومة النائب علي المقداد أن: "لا جواب عندنا بعدُ حول موضوع تشريع زراعة الحشيشة، فنحن لا نزال ندرسه، إذ لم نبحث فيه مرّةً رسمياً، لأنّ الحديث عنه لم يمضِ وقتٌ طويل عليه".

موقف القوات 

فيما أعلن النائب أنطوان حبشي من كتلة القوات اللبنانية أنه سيطلِق مشروعاً متكاملاً لحلّ ملفّ زراعة الحشيشة، حيث سيتناول اقتراح القانون المعجّل المكرّر الذي سيتقدّم به لتعديل بعض مواد القانون 673 الهادف إلى تشريع زراعة النباتات الممنوعة لأغراضٍ طبّية وعِلمية.

موقف الحزب الاشتراكي

وبدورها تعتبر مصادر الحزب الاشتراكي أنّ رئيس الحزب وليد جنبلاط عندما اقترَح تشريعَ زراعة الحشيشة استهجَنت قوى كثيرة موقفَه ودخلت في حفلةِ مزايدات شعبوية، بينما اليوم الجميعُ يؤيّد صوابية موقفِه. فهذا المشروع "خطوة مهمّة مع التشديد على ضرورة أن يلحظ القانون ضوابط محدّدة لتحقيق الاستفادة القصوى منه وتلافي أيّ تداعيات سلبية يمكن أن تنجم عن هذه الخطوة".

موقف تيار المستقبل 

لم يمانع تيار المستقبل على لسان النائب سامي فتفت زراعة الحشيشة، إنّما لأسباب طبّية ولزيادة مداخيل الدولة، وبشرط أن تُنظَّم بطريقة عِلمية ولا تلحِق أيَّ ضررٍ بالمجتمع اللبناني.

موقف الشيخ صبحي الطفيلي

لكن ابن البقاع الامين العام السابق لـ"حزب الله" الشيخ صبحي الطفيلي لم يُخفِ خشيته وهواجسه، وقال لـ"المركزية" "لقد اثبتت الأيام ان لا أحد في الدولة يهتم بشأن اهل البقاع، وما يُحكى عن تشريع زراعة الحشيشة لن يصبّ في مصلحة اهالي البقاع، لأن تراخيص الزراعة كما يُروّج قد تذهب الى محافظات اخرى كالجنوب مثلاً، ويبقى البقاع واهله وزراعاته خارج القانون".

ويجب النظر بجدية في هواجس الشيخ الطفيلي، فتجربة رخص زراعة التبغ في الجنوب ما زالت ماثلة أمامنا فقد كانت الرخصة وسيلة للتحكم السياسي منذ أيام آل الأسعد وانتقلت هذه السطوة الى حركة أمل، ولم يعد الإعتراض على حرمان البقاع مقابل الجنوب يقتصر على كلام الشيخ الطفيلي بل تعداه الى أحد نواب البقاع الجدد المعهود له بالجرأة والخبرة وهو اللواء جميل السيد والذي عبّر عن نقمة كبيرة لدى أهل البقاع للتعامل المجحف قياساً الى مناطق الجنوب اللبناني، مطالباً بسرعة المعالجة.

مقاربة اقتصادية أمنية

بعد ان كانت قوى الأمن الداخلي تتكبد عناء اتلاف الزراعات الممنوعة بمؤازرة من الجيش اللبناني ونظراً لإنتماءات كبار المزارعين والدعم غير العلني من قوى محلية فقد كانت المساحات المزروعة الى ازدياد عاما بعد عام، والأكلاف المادية من عمال وآليات تفوق قيمة المتلوف، هذا غير اشغال قوى الأمن عن واجباتها ومهامها العادية لمدة تزيد عن الشهرين والثلاثة. بعد هذا الواقع ونظراً للواقع الأمني المستجد في الشقيقة سوريا والذي انعكست تداعياته على البقاع، وعدم تكليف القوى الأمنية بالتلف في العامين الماضيين فُتحت شهية تجار المخدرات وفتحوا كوّة في جدار القوى السياسية، ولكني لم أكن أتوقع أن ينهار الجدار بهذه السرعة أمام هذا الطلب.

ما سيتنج عن السماح بزراعة الحشيشة

ربما يخطر في الذهن أن السماح بزراعة الحشيشة يؤدي إلى:

- تقلص أموال الجريمة المرتبطة بها، بمعنى تضاؤل المداخيل من رعاية زراعتها بصورة غير شرعية، وكذلك تهريبها وتجارتها. 

- أموالاً كثيرة ستصب في خزينة الدولة اللبنانية التي ستتولى تنظيم زراعتها وتجارتها.

- ويزيد في تلك التقديرات المتفائلة أن دولاً كثيرة تسمح لأفرادها بتناول الماريجوانا لأغراض ترفيهية كحال معظم الدول الاسكندنافية. 

- ويضاف إلى ذلك الأموال التي يتوقع أن تتأتى من بيعها عبر مؤسسات الدولة إلى الشركات الصيدلانية الكبرى، التي تستخدم الحشيشة في تصنيع أدوية شتى.

إذاً، وعندما يأتي الكلام من مرجع تشريعي كبير مدعوماً بتقرير يستند الى ما أوصت به الخطة الاقتصادية للبنان التي أعدتها شركة "ماكينزي" الأميركية بناء على طلب الحكومة، إن أول ما يتطلبه التفكير في المعطيات العلمية بشأن تشريع زراعة حشيشة الكيف هو عدم إعطاء اليد العليا فيه للمهاترات السياسيّة والصراعات الطائفية والمذهبية والاستتباعات المتنوّعة وغيرها، وهي معطيات باتت تستولي على النقاش العام لبنانياً منذ فترة ليست بالوجيزة، إذ يعلم من يتابع الوضع اللبناني أن تلك المعطيات لا تزال هي الحاسمة في مسألة مصيرية كالنفايات التي لم تجد حلاً لها، وكذلك الحال بالنسبة إلى الكهرباء وسدود المياه وغيرها.

واستطراداً، الأرجح أن مكافحة التعاطي المرضي والاعتماد على الحشيشة، تحتاج إلى مقاربة علمية واجتماعية لا تتصل مباشرة بتشريع زراعة القنب الهندي، لكنها تحتاج قوانين اخرى تفرق التعاطي عن التجارة، وتنظر إلى المصاب بالاعتماد على الحشيشة بوصفه مريضاً يستوجب الرعاية لا السجن! وانها فرصة أمام المعنيين لوضع المراسيم التنظيمية للقانون الذي أقر عام 1996 بانشاء مديرية عامة لمكافحة المخدرات تلحق بوزارة العدل لمواكبة تشريع الزراعة بحيث نحمي أولادنا بالطريقة القانونية السليمة وتتم مراقبة التعاطي والإتجار من قبل مديرية متخصصة مستقلة.

في الخلاصة، نردد ما قاله مدير الأمن العام "ان رعاية الإهمال واغفال مبدأ التنمية يجب ان يذهبا الى غير رجعة، لأن الواقع الحقيقي هو مسؤولية رسمية وشراكة مدنية، وصار وجوباً على الحكماء والفاعليات، ومن قبلهم السلطة بتعبيراتها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، المبادرة إلى إعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي حيث يتقدم الاهتمام ليحل أولاً بدلاً من الإهمال، حينها سيكون القانون سيداً وحكَماً أميناً على حقوق الناس وكراماتهم".

(العميد المتقاعد ناجي ملاعب)