الواسطة في لبنان وفي العالم ما هي إلا خازوق ينخر في أسفل المجتمع ويغزي بطالة أجيال قادمة
 

لو كانت الواسطة رجلاً لقالت " أنا الشر وأبي الظلم وأمي الإساءة وأختي المسكن وأخي الغدر وعمي الضر وخالي الذل وابني المستهتر وابنتي البطالة ووطني الخراب وعشيرتي الجهل . أنا مولاتكم وأنتم لي ساجدون."

 

الواسطة أو المحسوبية:هي نظام سياسي تعني تفضيل أقارب،اصدقاء،أبناء حزب او دين الواحد بسبب قرابتهم او خطهم وليس بسبب كفائتهم. كما تستخدم الكلمة للدلالة على الازدراء. فمثلاً إذا قام أحد المدراء بتوظيف أو ترقية أحد معارفه الموظفين بدلاً من موظف آخر أكفأ ولكن لا تربطه علاقة بالمدير فيكون المدير حينها متهماً بالمحاباة. 

 

وقد لمّح بعض علماء الأحياء بأن الميل نحو المحسوبية أمر غريزي،كما عَرَّف ريتشارد جراهام المحسوبية بأنها مجموعة من الأفعال القائمة على مبدأ "خذ هناك، أعط هنا" بأسلوب يتيح لكل من العملاء والرعاة جني الخيرات من دعم الآخر. والأكثر من ذلك أن المحسوبية تتميز عادةً بـ "أنظمة المبادلة" حيث يبادل المصوّتون الدعم السياسي بنتائج مختلفة من عملية صناعة القرار العام.

 

يعود أصل ذلك الأسلوب لروما القديمة،فهنا كانت العلاقات مهمة لفهم العملية السياسية بين الرعاة والعملاء. في حين كانت الالتزامات بين الطرفين متبادلة،فإن النقطة الأساسية كانت التزامات هيكلية. 

 


إقرأ أيضا : العقل بين مطرقة الخطيب، وسندان الحقيقة!

 

 

كلمة محسوبية في اللغة الانجليزية تعني(nepotism) أصلها لاتيني  ومشتقة من كلمة (nepos) والتي تعني (nephew) "ابن الأخ أو الأخت"، وفي العصور الوسطى كان بعض البابوات والأساقفة الكاثوليك من الذين قطعوا عهود الرهبنة يربون أبناءهم غير الشرعيين مدّعين بأنهم أبناء أخواتهم أو إخوانهم وكانوا يفضلونهم في التعامل على الناس الآخرين. وهناك عدد من البابوات من الذين كان لهم أمثال هؤلاء الأبناء غير الشرعيين والأقرباء الآخرين وصلوا مراتب الكاردينالية. وغالباً ما كانت مثل هذه التعيينات لإقامة ما يشبه "عوائل مالكة" تحتفظ بكرسي البابوية. فعلى سبيل المثال عيّن البابا كاليتوس الثالث من عائلة بورجا اثنين من أبناء إخوانه كرادلة، أحدهم رودريغو والذي استخدم منصبه الكاردينالي فيما بعد كعَتَبة للوصول إلى البابوية، فأصبح البابا إسكندر السادس. وتصادف أن إسكندر – أحد أكثر البابوات فساداً – قد منح ألساندرو فارنيزي شقيق عشيقته لقب كاردينال وارتفع شأنه حتى صار البابا بولس الثالث. وانشغل بولس أيضاً بمحاباة الأقارب حيث عين على سبيل المثال اثنين من أولاد أخته (بأعمار 14 و16 عاماً) كرادلة. وقد انتهت هذه الممارسة أخيراً حينما أصدر البابا إنوسنتيوس الثاني عشر  أمراً بابوياً بذلك في عام 1692، وقد حظر المرسوم البابوي على البابوات في كل الأزمان من منح العقارات والمناصب أو العوائد المالية لأي فرد من أقربائهم باستثناء قريب واحد (على الأغلب) يكون مؤهلاً لكي يصبح كاردينالاً.

 

المحسوبية أو الواسطة يعبر من خلالهم الفساد في شتى أنواعه عن طريق الرشوة،الوظيفة،خيانات للمسؤوليات،الاختلاس،الإهمال،التقصير... وغيرهم.مما يسمح بضياع الشباب ودمار الأمة وانهيار المجتمع.

 

لنأخد لبنان مثال على ذلك، في كل تصريح أو مقابلة لمسؤول يتحدث عن البطالة وقطع اليد العاملة...لبنان هو من أكثر البلدان فساداً وعنصرية،عنصرية من باب الأقارب والأصدقاء وأبناء الحزب والدين الواحد أولى بالمعروف. لذا نرى عدد من الشباب والشابات الكفوئين من دون عمل والسبب يعود ليس في الكفاءة وحده ينجح الإنسان. لا بد أن تقدم تنازلات لقبولك في وظيفة أو ما شابه، كالرضوخ لرغبات صاحب العمل أو صاحبة العمل. 

 

الكثير من أبناء المجتمع يدخل بحزب سياسي ما لقوة وساطته في المقابل تنتزع الأحزاب من المجتمع بأكمله الضرائب وغلاء الأسعار من معاش الفرد. الدولة اللبنانية تعد دولة البابوات والأساقفة الكاثوليك حيث عمل حكام البلد على انتخاب أبنائهم وأصهرتهم للبقاء بالحكم فضلاً أن بعد موت أحدهم تبقى عائلته تقبض معاشه كامل من جيوب الشعب.فالواسطة في لبنان وفي العالم ما هي إلا خازوق ينخر في أسفل المجتمع ويغزي بطالة أجيال قادمة.  

 

قال العلماء أن "الواسطة هي غريزة لدى الإنسان." في رأيي الشخصي أوافقهم ولكن،غريزة حيوانية لدى البشر لأن في الواسطة ظلم واستبداد.فالغريزة الحيوانية ستستجيب بشكل فعّال مع الاحتياجات الرعاة والعملاء لبعض. فها نحن نرتدي الملابس، ونتكلم بطلاقة … ونفكر، ولعل قدرة الإنسان على القرار هي الفارق الأهم عن الحيوان. 

 

إن الظلم والإستبداد  يطول عمرهما كلما انسحب الشرفاء من الميادين  وتخاذلوا وصمتوا عن الحق  فيفسحون المجال للفاسدين الكبار والبلطجية بالتحكم .