الكل يسأل اليوم، ماذا بعد أن حسم حزب الله قراره النهائي بتبني ترشيح أحد النواب السنة لعضوية الحكومة العتيدة، وتجاهل موقفي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف المعنيين حصراً بالتشكيل؟ وهل بات يصح الكلام المتداول بين الوسط السياسي عن ربط لبنان بمنظومة ما يسمى بقوى الممانعة أي النظام السوري والجمهورية الإسلامية في إيران.

الجواب جاء على لسان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ومفاده أن حزب الله بالقرار الذي اتخذه، لم يترك أي مجال للشك بأنه يدفع البلاد إلى أحضان هذه المنظومة، ما يعني بكلام أكثر وضوحاً انه يأخذ لبنان رهينة، وساحة صراع بين القوى الإقليمية والدولية، وعلى حزب الله أن يتفادى تداعيات ذلك على الوضع الداخلي برمته.

وإذا كان جنبلاط دق ناقوس الخطر، فماذا عن رئيس الجمهورية الذي ما زال متمسكاً بالتحالف الاستراتيجي مع الحزب، وما هي الخطوات التي يجب اتخاذها لقطع أي طريق تستهدف لبنان قبل استهداف عهده الذي يسعى بكل طاقته لأن يحقق الاستقرار السياسي والنهوض الاقتصادي والاجتماعي الذي هو بأمس الحاجة إليهما ليبقى واقفاً على رجليه.

بالرغم من المواقف الحاسمة التي اتخذها الحزب لم يصدر عن قصر بعبدا أي ردّ أو موقف جديد يضع الأمور في نصابها الصحيح ما عدا الموقف الذي أعلنه في الذكرى الثانية لولايته والتي رفض فيها بشكل قاطع الاعتراف بوجود تكتل نيابي سني، خارج تكتل تيّار المستقبل ليدلل من خلال ذلك على دعمه المطلق لموقف الرئيس المكلف من محاولة حزب الله التدخل في صلاحياته التي منحه إياها الدستور والتصرف من موقع فائض القوة القادر على ان يملي إرادته على الجميع من دون أي استثناء، الأمر الذي يعني انه لا يزال على موقفه ولا يوجد لديه أية نية للتراجع عنه.

وأمام هذا الوضع المأزوم سياسياً بات يتعين على حزب الله مراجعة حساباته في اتجاه العودة عن قراره الذي يعرف أن أفقه بات مسدوداً ولن يؤدي التمسك به، إلا إلى تكبير حجم الأزمة السياسية والدخول في منزلقات جد خطيرة، قد لا يكون هو المستفيد منها بحكم ان التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة ما زالت غامضة، ولا أحد يمكنه أن يتكهن منذ الآن بنتائجها رغم الاعتراف بالدور الإقليمي للحزب، ونعتقد بأن الحزب لن يتوانى عن تقديم التنازلات المطلوبة لكي يجنب البلد المحذور الا إذا كان يعتبر ان الأمر خرج عن إرادته، وبات هو أيضاً رهينة تلك التطورات التي يعيشها الإقليم.