بعد اتصال هاتفي من حضانة «فادي» الذي يبلغ سنة من العمر، هرولت والدتُه لاصطحابه الى المستشفى. كان نائماً وبقي كذلك حتّى دخوله الى غرفة الطوارئ. دخل الطبيب وكشف عليه، بعدها بثوانٍ عَلا صراخ وبكاء ودعاء الأم داخل الأروقة. «فادي مات» بلا سبب، إنها متلازمة موت الرضع المفاجئ!
 

تُعرف متلازمة موت الرضع المفاجئ (SIDS) على أنها وفاة غير مبرّرة تحدث أثناء نوم الطفل الذي يبدو سليماً دون عمر العام الواحد.

كما تُسمّى هذه المتلازمة ايضاً «الموت في المهد» لأنّ الرضع يموتون غالباً في مهدهم. في هذا السياق، حاورت «الجمهورية» طبيب الأطفال الاختصاصي في إنعاش حديثي الولادة وأمراض الجهاز الهضمي عند الاطفال الدكتور عماد خياط الذي استهلّ حديثه قائلاً: «عالمياً، الموت جرّاء هذه المتلازمة هو من الأسباب الاولى لوفيات الاطفال من عمر 28 يوماً حتّى السنة. ورغم أنّ الاسباب غير معروفة، قد يبدو أنّ متلازمة موت الرضع المفاجئ يمكن أن ترتبط ببعض العوامل التي قد تعرّض الرضع إلى خطورة إضافية».

بين الموت المفسّر والفجائي

صحيح أنّ متلازمة موت الرضع المفاجئ تصيب الاطفال الذين لا يعانون اساساً من مشكلة معيّنة، ولكن يمكننا التفرقة بين الموت المفسّر الاسباب والآخر المفاجئ.

ويشرح د. خياط أنّ «ثمة اسباب تساعد في تعريض الطفل الى الخطر لا سيما الالتهابات عنده، الامراض المزمنة كأمراض القلب حيث تكون دقاته غير منتظمة، دون أن يدري الاهل من معاناة طفلهم من هذه المشكلة، لذلك نقوم في لبنان بتخطيط قلب الطفل عند ولادته. كذلك، مضاعفات الرشح التي تكون جدّية على صحة الولد فقد يختنق جرّاء الإفرازات التي يمكنها اغلاق أنفه وحنجرته، أو حتّى اختناق الطفل خلال الاكل.

من جهة اخرى، تلعب الاسباب البيئية المرافقة لنوم الطفل دوراً اساساً في موت الرضيع، خصوصاً نوم الطفل على بطنه وتغطيته، ما يعرّضه لصعوبة في التنفس وبالتالي الاختناق، كما لا يجب وضع الوسادات أو الشراشف قرب الطفل تجنّباً لأن يصطدم الصغيرُ بأيّ شيء، للحدّ من إمكانية اختناقه.

ايضاً، إنّ ارتفاع درجة حرارة الغرفة وزيادة الدفء فيها وإلباس الطفل الكثير من الثياب، يرفع خطر إصابته بمتلازمة موت الرضع المفاجئ.

أمّا المشكلة الأكبر، فهي مشاركة الطفل الفراش مع أهله ما يعرّضه في الليل الى الاختناق لا سيما إذا قاموا بعناقه خلال نومهم. كذلك، انبعاث الروائح من البيئة المحيطة لاسيما الدخان على انواعه. بالاضافة الى هذه الاسباب، الأكثر عرضة لهذه المتلازمة هم الاطفال الخدج والذين يعانون من مشكلات صحية مزمنة، والاطفال الذين تقوم امهاتهم بالتدخين واحتساء الكحول خلال حملها أو فترة الرضاعة».

أيها الأهل... إحموا اطفالكم

ليس هناك من طريقة مضمونة لمنع متلازمة وفاة الرضع المفاجئ من الحدوث، ولكن يمكن للاهل مساعدة الرضيع عن طريق اتّباع بعض النصائح المهمة، التي يشير اليها د. خياط قائلاً: «أهم ما في الموضوع أن لا يستلشئ الأهل بأيّ اشارة أو عارض يصيب طفلهم خصوصاً في الفترة ما بين الـ28 يوماً من ولادته حتّى عمر السنة، وأن لا يستخفّوا بها مهما كانت وأن لا يشخصوها على أنها عادية، وأن لا يستشيروا الجيران أو الجدّة لوصف الأدوية وأن لا يتواصلوا مع الطبيب عبر «WhatsApp» للتشخيص.

وأشدّد على ما أقوله وعلى هذه النقطة بالتحديد، لأنّ هذه التصرفات تتسبّب في احسن الحالات بإعاقة الطفل في حال لم يمت، ونحن نشهد مثل هذه الحالات في عياداتنا، لذلك أتمنّى على الاهل التوجّه بولدهم الى الاختصاصي للكشف والتشخيص والتقييم، فالموضوع لا يحتمل التأخّر أو الاستلشاء.

من جهة أخرى، على الاهل اتّباع بعض الخطوات والابتعاد عن بعضها الآخر لحماية طفلهم، ونَذكر أهمها:

• جعل الطفل يتجشأ بعد الاكل، والحرص أن لا ينام قبل التأكد من ذلك

• إرضاع الطفل طبيعياً، لأنّ الرضاعة الطبيعية تقلّل من خطر حدوث متلازمة وفاة الرضع المفاجئة

• الحفاظ على مهد خال قدر الإمكان

• الابتعاد عن تدفئة الرضيع أكثر من اللازم

• أسِرّة البالغين غير آمنة بالنسبة للرضع، فيمكن أن يختنق إذا تقلّب أحد الأبوين النائمين جنبه بالصدفة وغطّى أنف الرضيع وفمه

• ضرورة ابتعاد الأم عن التدخين خصوصاً اثناء الحمل والرضاعة، كذلك يزداد الخطر على الطفل إذا كان هناك أيُّ مدخّن (جميع انواع التبغ) في المنزل، ويُعتبر موت المهد أكثرَ شيوعاً لدى الأطفال الذين يتعرّضون بانتظام للدخان».