عندما أيقن «حزب الله» أنّ «القوات اللبنانية» تتّجه الى القبول بالحصة الوزارية التي عُرضت عليها، أي عندما أيقن أنّ عُقد تأليف الحكومة قد حُلَّت، خرج امينه العام السيد حسن نصرالله لينصح بعدم ربط التأليف بالمهل، والمقصود كلام الرئيس سعد الحريري الذي كان حدّد مهلة عشرة أيام لولادة الحكومة.
 

خلال ساعات كان الرئيسان ميشال عون والحريري قد تأكّدا أنّ «حزب الله» يريد توزير سنّة 8 آذار، وانّ العقدة الجديدة ستفرمل تأليف الحكومة، لأن لا الحريري يستطيع تقديم المزيد، ولا عون يريد تقليص حصته، او دفع الثمن من كيسه للإفراج عن تأليف الحكومة، وبالتالي أدّى مطلب التمثيل السنّي الى نقل ازمة الحكومة الى مربّع جديد، حيث يقف «حزب الله» معلناً في وضوح أن لا حكومة من دون هذا التوزير.

وتقرأ اوساطٌ مواكِبة لأزمة تأليف الحكومة الوضع الجديد انطلاقاً من الاعتبارات الآتية:

ـ أولاً، نام «حزب الله» في فترة التأليف «نوم أهل الكهف»، فترك للّعبة أن تأخذ مداها الأبعد في انتظار حلّ العقدتين المسيحية والدرزية، وهو لم يتوقع ربما أن تُحلَّا بهذه السرعة النسبيّة، والى ما آلت اليه الاتصالات، حيث تنازلت «القوات اللبنانية» مرات عدة لتقبل في النهاية بأربعة وزراء بلا الحقائب التي طالبت بها بداية، فيما كان النائب وليد جنبلاط يهرع الى قصر بعبدا ليقدّم تنازلاً لعون معتقداً أنه التنازل الأخير الذي سيؤدّي الى ولادة الحكومة، ليفاجَأ فيما بعد بأنّ تعطيل التأليف لا علاقة له البتة بالعقدتين الدرزية والمسيحية، وانّ قرار الحكومة في يد «حزب الله»، وأنّ التفاهم مع عون لا يحلّ مكان الحزب، صاحب الكلمة الاولى والأخيرة في الولادة الحكومية.

ـ ثانياً، إنطلاقاً من إمساك «حزب الله» بالورقة الحكومية كاملة بعدما أمسك بالورقة الرئاسية وقانون الانتخاب، تشير الأوساط الى أنّ الحزب لن يُفرج عن الحكومة الّا متى أمّن تحقيق أهدافه بما يتعلق بتوزير سنّة 8 آذار، وبما يرتبط اقليمياً بإيران التي تلعب كل اوراقها بما فيها الورقة اللبنانية، في مواجهة العقوبات الأميركية.

وتشير الاوساط الى أنّ مطلب توزير سنّة 8 آذار الذي هو مطلب جدّي للحزب، لن يكون الأخير اذا ما دقت ساعة تأليف الحكومة، فهناك مطالب أُخرى تتعلق بالأسماء المقترحة لوزارات حساسة ومنها وزارة الداخلية التي يحتفظ «الحزب» بحقّ «الفيتو» على الاسم الذي سيُطرح لتولّيها. كما أنّ الحزب يريد أن يطمئن الى عدم نيل أيّ طرف، سواءٌ كان حليفاً أو خصماً، الثلث المعطل الذي يُمسك بالحكومة وبنصاب اجتماعاتها وقراراتها.

ـ ثالثاً، تكشف الأوساط، نقلاً عن قياديّين في «حزب الله»، أنه ليس مستعجلاً تأليف الحكومة وأنّ يده ليست في النار، وتشير الى أنّه وكما نجح في تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية حتى إيصال عون الى بعبدا، وكما عطل تأليف الحكومة ثمانية أشهر لتوزير جبران باسيل، فهو مستعدّ الآن للإيفاء لحلفائه السنّة بوعد دخولهم الحكومة، بعد أن ساهم قانون الانتخاب الذي رعاه في عودتهم الى مجلس النواب، وهذا التزام أبلغه الحزب الى هؤلاء النواب الذين بدأوا يرفعون من منسوب خطابهم لثقتهم بأنهم سيتمثلون في الحكومة ولو طال الأمر أشهراً، تماماً كما حصل مع «التيار الوطني الحر» الذي، وبعد تحالفه مع «حزب الله»، نال مطلب العودة الى السلطة، بدءاً من تأليف الحكومات، الى قانون الانتخاب فرئاسة الجمهورية، وبناءً عليه تتوقّع الأوساط أن يتراجع عون عن رفضه تمثيل سنّة 8 آذار، وحينها سيصبح الحريري وحيداً في المواجهة بعدما رفع سقفه الى أقصى درجة برفض توزير سنّة «حزب الله» حتى من حصة عون.