النظام الايراني المتخلف لا يزال يعتقد بان مدفع من هنا، أو صاروخ بالستي من هناك أو انشاء ميليشيات مذهبية تابعة له في بلدان الجوار هو ما يساهم بحماية الدولة الايرانية
 

المقولة المشهورة تقول بأن الشرق استفاق على وقع مدافع نابليون، ففي حين كان هذا الشرق متخمًا بالانتصارات التي اوصلته إلى العمق الاوروبي وصولًا إلى الهند شرقًا واسبانيا من ناحية الغرب، ونائما على حرير امتلاك القوى وعناصر التفوق بدون أن يلاحظ التحولات التي أصابت الأمم والتقدم الكبير التي جعل منه في أواخر الأمم. 

هذه الحقيقة المرة، والهوة السحيقة بين تخلف شرقنا وسباته في كهوف التاريخ، وبين ما وصلت إليه باقي الأمم لم يلحظه أولياء الأمر عندنا المتلهين باستبدادهم وبالقضاء على معارضيهم وبقمع اي محاولة نقدية بين ظهرانينا الا عندما هاجم نابليون بونابرت وحملته العسكرية على حكم المماليك بمصر لسد الطريق أمام الانكليز، فكانت أصوات المدافع الفرنسية، وبالرغم من قساوتها واجرامها وسوداويتها، إلا أنها حملت معها الحقيقة الصاعقة التي خضت العقل العربي والاسلامي، أن التفوق الذي يتغنون به والتقدم الوهمي الذي يحكون عنه في مساجدهم وسهراتهم وخطب جمعهم ما هو إلا أوهام قد عفى عليها الزمن.  

إقرأ أيضًا: العقوبات على إيران والصريخ في لبنان

وبالعودة الى "الحملة" الأميركية اليوم عبر العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام الايراني من أجل تغيير سلوكه كما يصرح المسؤولون الأميركيون يوميًا، فإن وجه شبه كبير موجود بين الحملتين وأقل ما يقال في هذا السياق أن هوة ضخمة ظهرت هي الأخرى في مفهوم عناصر القوة ومقومات أساس بناء الأوطان، ففي حين أن النظام الايراني المتخلف لا يزال يعتقد بأن مدفعًا من هنا، أو صاروخًا بالستيًا من هناك أو انشاء ميليشيات مذهبية تابعة له في بلدان الجوار هو ما يساهم بحماية الدولة الايرانية وتوسيع نفوذها، وأن القدرة على تدمير المجتمعات الأخرى هو دليل على قوة النظام الايراني وعامل أوحد على تفادي أي استهداف له! 

تأتي العقوبات لتفضح وهن وضعف هذا النظام، وتكشف الهوة السحيقة أيضًا بين أوهام هذا النظام وبين الواقع الذي يقول بأن الاقتصاد وتشعباته وانعكاساته هو وحده دليل قوة أو ضعف أي نظام بغض النظر عن عدد الصواريخ وقوة القنابل التي يملكها. 

إقرأ أيضًا: خلاف العهد مع حزب الله حقيقي أم مفتعل؟

العقوبات الإقتصادية أظهرت بوضوح أن أميركا "الشيطان الأكبر" بامكانه وشحطة قلم أن يقفل بنك في طهران أو في النبطية بدون حتى أن يحرك ساكنًا، وأن كل الهوبرات الايرانية الفارغة لا تستطيع أن تجمع قطع سيارة واحدة في طهران اذا لم يرد ساكن البيت الأبيض اللعين! 

بغض النظر الآن عن تقييم احقية العقوبات وشرعيتها أو عدوانيتها وتظلمها على الشعب الايراني، إلا أن ما هو حقيقي بأن على النظام الايراني أن يواجه هذه العقوبات ليس من خلال اختلاق الأكاذيب على جمهوره وشعبه (كما صرح وزير العمل الايراني) بل بالإعتراف المدوي بأن النظام الايراني لا يزال يعيش في غياهب التاريخ وعليه فعلًا الاقرار بهذا الواقع ويعمل بناء عليه لتغيير سلوكه رحمة بالشعب الايراني أولًا وبالمنطقة ككل ثانيًا لأن هذا تحديدا ما يرنوا إليه الشعب الايراني الذي نزل الى الشارع محتفلًا يوم توقيع الاتفاق النووي. 

فهل يكون لدوي أصوات العقوبات نفس تأثير دوي مدافع نابليون؟!! ويقتنع النظام الإيراني أن ثقافة تغيير السلوك هو حاجة ايرانية وليست هزيمة؟؟!! انشالله.